السفير: الصفدي يسترد موازنة الـ2013: لا نملك المال

عشية الموعد المقرر لاستئناف الحوار الاثنين المقبل، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان ركني "الوسطية" الآخرين: رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، خلال لقاء جمعهم في القصر الجمهوري في بعبدا، مساء امس، قراره بتأجيل جلسة الحوار، فيما أطلع جنبلاط سليمان وميقاتي على إقفال ملف بريح، وهي كانت آخر صفحات التهجير في لبنان، وقد استبقى سليمان ضيفيه إلى مائدة العشاء، وذكر المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية ان التشاور تناول "الاستحقاقات والمواضيع المطروحة، ولا سيما منها تلك المتعلقة بالحوار وقانون الانتخاب".

"اللقاء الوسطي" جاء في أعقاب تباين المواقف خلال جلسة مجلس الوزراء، امس الاول، حيال ملف النازحين السوريين والفلسطينيين إلى لبنان، فيما تبقى مشكلة الموازنة العامة على حالها، الامر الذي دفع وزارة المالية إلى استرداد المشروع الذي سبق أن أحالته إلى مجلس الوزراء.

فقد قال الرئيس ميقاتي لـ"السفير" إن "وزارة المال استردت مشروع الموازنة بهدف التوصل إلى موازنة تقشفية، بعد إعادة النظر في الأرقام والحد من حجم الإنفاق، وتقليص العجز بما يتلاءم والظروف المالية والاقتصادية العامة للدولة". علما أن أرقام موازنة 2013 من دون الموازنات الملحقة، تقدر بحوالي 23,8 ألف مليار ليرة، وبعجز قدره حوالي 4678 مليار ليرة في حال إقرار المقترحات الضريبية وزيادة الرسوم. بينما بلغت أرقام مشروع موازنة 2012 حوالي 21 ألف مليار ليرة بعد إقرار القانون الخاص بالنفقات الإضافية بقيمة 9600 مليار ليرة لخرق القاعدة الاثنتي عشرية عن موازنة العام 2008.

ولفت ميقاتي إلى ان سلسلة الرتب والرواتب "تدرس انطلاقا من تأمين مصادر ايرادات من دون فرض أية ضرائب جديدة على المكلفين والقطاعات"، مجدداً التركيز على تأمين العائدات عبر زيادة عامل الاستثمار العقاري في الأبنية الجديدة بما يسمى "طابق السلسلة" مع ترك الخيار للمستثمرين من دون فرض هذه الزيادة، ما سيؤمن حوالي 750 مليون دولار خلال السنة الأولى من التنفيذ. وأشار ميقاتي إلى وجود تعديلات على الاقتراح المتعلق بزيادة الحسومات التقاعدية ورفعها من 6 إلى 8 في المئة وتعديل المعاشات التقاعدية، بما يضمن عدم تخفيضها بنسبة كبيرة على المتقاعد نفسه وعلى الورثة من بعده.

وعلمت "السفير" أن ميقاتي بحث مع وزير الأشغال العامة غازي العريضي موضوع زيادة عامل الاستثمار أو "طابق السلسلة"، وطلب منه إعداد دراسة في ضوء الأوضاع العقارية في بيروت والمحافظات، لا سيما أن القسم الأكبر من المردود سيؤمن من بيروت الكبرى والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى المحافظات بمردود أقل.

وأوضح وزير المالية محمد الصفدي لـ"السفير" أنه استرد الموازنة نتيجة رفض مجلس الوزراء التعديلات الضريبية التي تؤمن زيادة الإيرادات لمنع ارتفاع العجز الذي تحاول الوزارة تقليصه. وقال: إن الاقتراحات الضريبية التي وضعتها المالية هي إصلاحية، لا سيما بالنسبة لضريبة التحسين العقاري، وان هذه المشاريع مع الرسوم الأخرى ستحال بموجب قوانين منفردة إلى مجلس النواب إذا تقررت نفقات إضافية على الأرقام التي ستتضمنها الموازنة العامة بعد تعديلها.

ولفت الصفدي إلى ان مجلس الوزراء سبق أن أقر سلفة بقيمة 750 مليار ليرة لتغطية زيادة غلاء المعيشة لموظفي القطاع العام ولم يحدد مصدر تمويلها. كما أقر مجلس الوزراء مبلغ 600 مليار ليرة لتنمية المناطق "وقد أبلغت المجلس أنه ليس لدي المال لتسديد هذه المبالغ أو دفعها، ولست على استعداد لزيادة عجز الموازنة والخزينة وتخطي ما هو مقدر لها بموجب المشروع الذي وضعته المالية للعام 2012".

لبنان يطلب اجتماعاً عربياً
لبحث ملف النازحين اليه
سياسيا، تلقى لبنان تهنئة أميركية نقلتها السفيرة مورا كونيلي، على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية لاحتواء ملف النازحين السوريين، ومواصلة الوفاء بالتزاماتها الإنسانية تجاههم، والمحافظة على حدود مفتوحة وحماية اللاجئين من المضايقات.

تزامن ذلك مع دخول تلك الإجراءات حيز التنفيذ، بدءًا بمسارعة وزير الخارجية عدنان منصور إلى استدعاء السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي للبحث في ما يمكن القيام به لتسهيل عودة النازحين، وكذلك باتصاله بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وطلب عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب لبحث هذا الموضوع. وقال منصور لـ"السفير": إن العربي فوجئ بعدد النازحين السوريين في لبنان، والذي ناهز الـ200 ألف نازح، وأشار إلى أنه سيقوم بالاتصالات اللازمة مع الوزراء العرب سعيا لعقد الاجتماع في الأيام القليلة المقبلة.

جنبلاط: جرح بريح يندمل
من جهة ثانية، برز أمس، تطور لافت حول ملف المهجرين في لبنان، تمثل في إعلان رئيس
"جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي أمس، عن إقفال آخر صفحات التهجير في لبنان المتمثلة بملف بلدة بريح العالق منذ الثمانينيات.

وتركت المبادرة الجنبلاطية صدى ايجابيا في أوساط الكنيسة، وقالت مصادر أسقفية رفيعة لـ"السفير" "إن بكركي استراحت لراحة أهالي بريح جراء هذا الإعلان، فبلدة بريح كانت الجرح النازف الأخير لملف المهجرين، وبتضميده يقفل ملف عمره سنوات".

ولفتت المصادر إلى "ان الكنيسة، منذ زمن طويل، تسعى إلى حل هذه المشكلة من أجل إعادة الحق إلى أصحابه. وقد تابعت مخاض المصالحة وشكلت زيارة الكاردينال بشارة الراعي الصيف الماضي إلى الشوف اللمسة الأخيرة للحل بالإضافة إلى دور إيجابي قام به أيضا رئيس الجمهورية".
وختمت: قبل أن تبصر المصالحة النور فعليا يبقى الموضوع في إطار الوعد الذي نأمل أن يتحقق.

وقال جنبلاط لـ"السفير": بريح آخر موقع لا بل آخر جرح من أحداث الجبل، فقد كانت هناك عقبات وشروط متبادلة، وبفضل وعي الأهالي وكل المعنيين أمكن تذليل هذه الشروط والعقبات، وبالإمكان القول ان هذا الملف قد طوي إلى غير رجعة. وأشار إلى أن المصالحة الرسمية ستتم قريبا برعاية البطريرك ورئيس الجمهورية.

وردا على سؤال قال جنبلاط: في الأساس رفعت شعار التواصل والتلاقي، وما زلت أشتغل ضمن المنطق الذي انتهجته منذ 7 أيار من خلال التشديد على التقارب والحوار للوصول إلى الحلول المطلوبة، مستفيدا من المبادرة القطرية آنذاك، وكذلك من السين سين، أنا لم أتغير ولم أحد عن هذا النهج، ربما غيري هم الذين تغيروا، وعلى هؤلاء ان يعرفوا ان لا مفر في نهاية المطاف من الجلوس معا على الطاولة، فلغة الحوار هي الأولى وهي المطلوبة في هذه المرحلة الخطيرة، وليس لغة الحسابات الخاطئة.

وتوجه جنبلاط إلى القوى السياسية قائلا: لا نملك إلا ان نلتقي من دون شروط مسبقة، فلا نبنِ حسابات خاطئة على الحدث السوري، ولننظر إلى مصلحتنا الوطنية المشتركة، ولنحاول أن ننأى بأنفسنا عن كل ما يفرّقنا، هذا ما أطلبه، وهذا ما أسعى إليه لا أكثر ولا أقل.

وأكد جنبلاط "أن الحوار بين اللبنانيين يشكل ضرورة قصوى لا يمكن القفز فوقها، ولا يمكن انتظار الوضع السوري لتصفية الحسابات في الداخل اللبناني"، مبدياً استغرابه من الحالة الازدواجية التي يتعاطى فيها "تيار المستقبل" مع مسألة الحوار، حيث يرفض الجلوس إلى طاولة مستديرة تضم كل القوى السياسية، بينما لا يمانع من اللجوء إلى أحد الفنادق كي يشارك في اجتماعات اللجنة الفرعية المخصصة لدراسة قانون الانتخابات.
واعتبر أنه من الخطأ البقاء في مربع الانتظار، لأن سوريا تسقط بكاملها في المجهول ولهذا من غير المنطقي مقاطعة المؤسسات الدستورية بالمطلق.

تأجيل الحوار.. إلى أجل غير مسمى
ويأتي موقف جنبلاط بعدما "فرطت" إمكانية عقد طاولة الحوار الاثنين المقبل في السابع من كانون الثاني الجاري، بسبب مقاطعة القوى الأساسية في "14 آذار" ولا سيما "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية". وفي ظل أجواء المقاطعة يمكن القول ان العودة إلى طاولة الحوار غير ممكنة في المدى المنظور.

وقالت أوساط رئاسية لـ"السفير" ان رئيس الجمهورية "لم يلمس في المشاورات والاتصالات التي أجراها حتى مساء أمس، أي تحول جوهري في المواقف من انعقاد جلسة الحوار الاثنين المقبل، مما يعني ان لا حوار في الموعد المحدد".

ولفتت الأوساط إلى ان رئيس الجمهورية لن ينتظر حتى الاثنين لإعلان عدم انعقاد الحوار، "فعلى الأرجح سيصدر بيان أو موقف بهذا الخصوص اليوم أو غدا الأحد يكون منسجما مع موقفه الذي دعا الفرقاء إلى تحديد البدائل من الحوار إذا كانوا لا يريدون العودة إلى طاولة الحوار".

وعلم أن سليمان يتجه إلى عدم تحديد موعد جديد للحوار، والاكتفاء بتضمين البيان أو الموقف عبارة تشير إلى عدم انعقاد جلسة الحوار في موعدها المحدد، وذلك بانتظار نضوج الظروف وتولّد القناعة لدى المعنيين بوجوب العودة إلى الحوار، وانه حتى في حال طرح بدائل من الحوار فإن ذلك يحتاج إلى توافق بين الفرقاء.
  

السابق
الديار: بري مستعجل على قانون الانتخابات وجنبلاط يزور بكركي دون أية مواكبة
التالي
النهار: جنبلاط يعلن من بكركي ختم جرح بريح تمهيداً لمصالحة رسمية