زياد بارود: لست حيداياً وأترشّح مع العماد عون وإلا منفرداً

لا لافتات في جعيتا داعمة لمرشحها زياد بارود. لا معارك تخاض هنا من أجل تبنّي ترشيحه من قبل أحد الأطراف السياسية. حتى أمام منزل عائلته، لم يعد أصحاب البذلات المرقطة دائمي التأهب. لم يبقَ إلا الحاجز العسكري ليذكّر بأن هنا كان يسكن وزير سابق للداخلية والبلديات. وصل زفت التغيير والإصلاح الى هذه الطريق، الجو العام يؤكد أن المنطقة ليست محرومة ولا داعي لـ«النق». ليس صعباً استدراج الناس للحديث عن ابن جعيتا البارّ. السكان يحبّونه، وهم راضون عنه بالإجمال. السيدة المسنّة تريد تقبيل جبينه لأنه «رفعلنا راسنا»، لكنها تلومه لعدم تمكنه من مواجهة رجال السياسة ولا التمسك بمنصبه: «جعلوه يتنازل عنه ببساطة». تقول، استناداً الى المعلومات التي أمدّها بها أولادها: «الكرسي بدها ناس تحارب». الشباب يحبّونه، لمَ لا وهو وزيرهم؟ هكذا لقّبوه. وهكذا يريدونه وزيراً للشباب، له هذا العنفوان، يواجه ويتخذ قرارات تليق به ولا تخدش الثقة التي منحوه إياها.

يوم تولى حقيبة الداخلية رقصت جعيتا فرحاً، بعدما حُرمت كسروان، منذ أيام الوزير الراحل جورج افرام، من أي مقعد وزاري. أملوا الكثير من ذاك الناشط في المجتمع المدني. تباهوا بمشاركاته في الأيام الأمنية التي كان يعلنها. قسم شتمه يوم حاول تنظيم السير، والقسم الآخر رأى في الأمر خطوة أولى نحو إرساء قواعد الدولة. كان سجله بالإجمال نظيفاً، ولكن العادات التي ثبّتها بعض السياسيين التقليديين عند الناس مثّلت حاجزاً بين الجمهور والوزير. يعتبون عليه لأنه «لم يوظّف أبناء جعيتا، ولم يساهم في القيام بمشاريع تغذي المنطقة». أما العتب الأكبر فسببه سكنه في بيروت، بعيداً عن ضيعته وناسه. «كيف لمن يريد أن يعمل في السياسة ويبني علاقة مع الناس أن لا يكون بينهم سوى يومين في الأسبوع؟».

في 13 تموز 2011، قدم بارود استقالته من الوزارة بعدما أصبح التمرد على قراراته القوت اليومي لقوى الأمن الداخلي. رفعت جعيتا اللافتات معلنة وقوفها الى جانب ابنها. ندّدت بالممارسات السلبية ضده، وطالبته بالعودة عن قراره. لم يكن لهذا التحرك صدى، فعدد المشاركين كان قليلاً. يومها، طرح كثر علامة استفهام حول القوة الشعبية التي تحوم حول بارود. مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي يتوقع أن يترشّح إليها، بحسب ما سبق وصرح لـ«الأخبار»، بدأت شركات الإحصاءات تحدد حجم كل فريق أو فرد والتغييرات المتوقعة. يترجّح بارود، استناداً الى غالبية هذه الإحصاءات، بين المرتبتين الأولى والثانية، والسبب أن غالبية من الكسروانيين تعتبره مرشحاً للتغيير والإصلاح. هكذا تدل تصريحاته، أو ربما هذه هي تمنيات المعجبين به كأقصى حد. يقول سياسي كسرواني سيعلن ترشحه قريباً إن «جعيتا تعطي كل أبنائها في الانتخابات أياً كان الفريق السياسي الذي يترشحون معه»، أي ما معناه في لغة الأمثال: «أنا وخيّي عا ابن عمي وأنا وابن عمي عا الغريب». لهذا السبب «لا يزال بارود يحلّ في المرتبة الأولى، إضافة الى عدم تبنيه من قبل جهة معيّنة». هذه النقطة الأخيرة هي محط جدل في جعيتا. يتهكم أحد المواطنين من ادعاء بارود الاستقلالية والحياد، وهو الذي لم يسع الى التوافق في بلدته، «فبدل أن تتم تزكية لائحة تضم جميع الأطراف، تكتل العونيون في لائحة يرأسها الرئيس الحالي سمير بارود بدعم من الوزير شخصياً»، فيما يقول أحد العونيين في جعيتا إن «الوزير سعى الى التوافق، ولكن بعدما لم يعد في اليد حيلة وقف الى جانب لائحة ابن العم». النتيجة، إضافة الى عدم القيام بخدمات خاصة وعدم الوجود الدائم بين أبناء منطقته، هناك عتب ثالث على بارود سببه الانتخابات البلدية الأخيرة، وعتب رابع لعدم اتخاذه موقفاً واضحاً من الانتخابات النيابية. «على لائحة من سيترشح؟ ما مصير العلاقة مع نعمة افرام؟ الى متى هذا الحياد؟». يقول أحد السياسيين العونيين إن عدم اتخاذ موقف «ليس دليل عافية». ولذلك، لا يمكن اليوم تقويم وزن زياد بارود. الأمور كلها تتوضح بعد إعلانه موقعه السياسي.

يستغرب الوزير السابق كل هذا الحديث السلبي تجاهه. يقول إنه مطمئن لدعم أبناء جعيتا له ووقوفهم الى جانبه. يؤكد أن أبواب منزله مشرّعة دائماً لأي خدمة «وقد قدّمت الكثير». أما سبب عدم وجوده في جعيتا بصورة دائمة، فمردّه «عدم تفرّغي للسياسة كأغلبية السياسيين، فلديّ مسؤولياتي السابقة». ينكر بارود الاتهامات بوقوفه في الانتخابات البلدية الى جانب فريق ضد آخر، «حاولت التوفيق بين اللائحتين، وعندما لم أستطع حردت من الاثنين وكنت أنوي ألا أنتخب». سيد الأحاديث اليوم هو الموضوع الانتخابي، يقولها بارود صراحة: «أنا لست حيادياً. مواقفي من المواضيع كلها معروفة ولا أنكرها، ولكن لِمَ عليّ الانجرار الى فريق دون آخر، فيما البقية لا يزالون يناورون، إجر في الرابية وأخرى في معراب؟». يشير إلى أنه لا يزال يدرس خطواته، ليعود ويؤكّد: «إما أن أكون على اللائحة البرتقالية، أو أترشح منفرداً، أو أكتفي بدور الناخب».  

السابق
جعجع: ما يمنعنا من تلبية الحوار هو الفريق الذي يعمد الى افراغ طاولة الحوار من محاوريها
التالي
بارود: لم أحسم خياراتي بعد ومروحة التحالفات مفتوحة وعدم الترشح وارد