قصف مخيم اليرموك في دمشق

تعود قضية اللاجئين الفلسطينيين لتتصدرالعناوين الرئيسية في نشرات الأخبار والصحف بعد القصف الجوي المستمر الذي تعرض له مخيم اليرموك في أطراف دمشق العاصمة من قبل طائرات النظام التي تحاول جاهدة منع قوات المعارضة المسلحة من التقدم باتجاه قلب العاصمة.
ومن المفارقة ان نواة العمل الفلسطيني المسلح انطلقت من هذا المخيم على وجه الخصوص، وبهدف عودة الفلسطينيين الى اراضيهم التي أبعدهم اليهود منها عام 1948، بعد الهزيمة الكبرى للجيوش العربية امام العصابات اليهودية المسلحة المدعومة من الغرب.
طرفا الازمة في سورية مارسا ضغوطا كبيرة على الفلسطينيين للانخراط في المواجهات، الامر الذي احدث انقساما كبيرا في صفوفهم، ولكن الغالبية العظمى فضلت الوقوف في الوسط الرمادي.
لا توجد احصاءات دقيقة حول اعداد الشهداء الذين سقطوا من جراء هذا القصف الوحشي، سواء من الفلسطينيين او اشقائهم السوريين الذين لجأوا الى المخيم وشاركوا اشقاءهم لقمة العيش والحرمان، ولكن من المؤكد انهم بالعشرات وربما المئات.
صواريخ الطائرات المغيرة وقذائفها لا تفرق بين فلسطيني او سوري، مقاتل اومحايد، فالموت والدمار هما العنوان الرئيسي للحرب المستمرة حاليا في سورية التي تقترب من عامها الثاني، ووصل عدد الشهداء فيها حوالي 45 الف انسان، علاوة على تشريد الملايين داخل سورية وخارجها.
انها ليست المرة الاولى التي يجد فيها اللاجئون الفلسطينيون انفسهم في مثل هذا الموقف الخطر، ولن تكون الاخيرة، فقد عايشوا المشهد نفسه في العراق، وفي لبنان، وفي ليبيا عندما زج بهم نظامها السابق الى العراء قرب الحدود مع مصر.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب الامين العام للامم المتحدة بعودة اللاجئين في سورية الى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وهو طلب مشروع، ولكنه ليس الحل العادل، الحل العادل في رأينا، اذا كان هناك عدل في النظام الدولي الاكثر توحشا من القصف السوري، هو في عودة هؤلاء الى يافا وحيفا وعكا وصفد وكل المدن والقرى التي طردوا منها.
محنة الفلسطينيين في سورية او غيرها من الدول العربية تعيد التأكيد على حق العودة، وضرورة بل حتمية تطبيقه بكل الطرق والوسائل، فمن العار على المجتمع الدولي ان يظل هؤلاء يواجهون القتل والتشريد بين الحين والاخر.
صحيح ان محنة التشريد قد طالت ملايين السوريين، ومن قبلها ملايين العراقيين والكويتيين واللبنانيين والليبيين، ولكن الصحيح ايضا ان جميع هؤلاء اللاجئين ظلت معاناتهم مؤقتة، وسرعان ما عادوا او معظمهم الى بلدانهم، واستأنفوا حياتهم الطبيعية، الا اللاجىء الفلسطيني الذي انتقل من لجوء الى آخر، ومن معاناة الى اخرى، بل ان بعضهم وصل الى البرازيل وايسلندا عندما ضاقت بعض الدول العربية بهم، ورفضت فتح ابوابها امامهم.
اسرائيل التي قامت على حساب تشريد ملايين الفلسطينيين تفتح ابوابها لمئات الالاف من اليهود القادمين من اوطانهم في الغرب والشرق للاستيطان في فلسطين لاسباب سياسية وليس من منطلقات انسانية، بينما ممنوع على الفلسطيني الذي يتعرض للموت من العودة الى وطنه ومسقط رأس والديه واهله.

السابق
قائد سلاح الجو الاسرائيلي: اسرائيل مسؤولة عن تفجير مخازن “حزب الله”
التالي
الحجار: على الدولة اللبنانية مساعدة النازحين