هل ترفع الحصانة عن صقر المستقبل؟

في بلد التطنيش عن الفساد والسرقات والمؤامرات، وفي بلد الكلّ مين إيدو إلو يصحّ كلّ شيء، إلا القانون. لقد اعترف عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر بـ»فخر واعتزاز» بصحة التسجيلات التي بُثت بصوته عبر إحدى محطات التلفزة. وما اعترف به «صقر المستقبل» يؤكد «أننا أمام جرم مشهود، يستدعي، كما قال عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب زياد أسود لـ»البناء» أن تتحرّك النيابة العامة التمييزية، حيالها من دون انتظار رفع الحصانة. إلا «أنّ ذلك يبقى بعيداً عن الواقع في بلد أبعد ما يمكن عن المحاسبة، فالجميع فوق القانون.
النائب صقر على غرار الفريق الذي ينتمي إليه له ارتباطات اقليمية ودولية قد تحول دون محاسبته، التي يجب أن تطال أيضاً رئيس كتلته النائب سعد الدين الحريري الذي أشرف وخطط وأعطى التعليمات لصقر، وأقرّ سابقاً بأنّ صقر يعمل بتكليف منه.
المادة الرابعة من اتفاق الطائف تقول «إنّ لبنان لا يسمح أن يكون ممراً أو مقراً لأي قوة أو دولة تستهدف المساس بأمنه أو بأمن سورية»، وأنه يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سورية في أي حال من الأحوال». وعليه فإنّ التعرّض لأمن دولة شقيقة، ولسيادة دولة شقيقة، عبر تمويل عمليات عسكرية وإرهابية يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني، الذي قال في المادة 288 إنّ مَن أقدم على أعمال لم تجزها الحكومة فعرّض لبنان لخطر أعمال عدائية أو عكّر صلاته بدولة أجنبية أو عرّض اللبنانيين لأعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم، وفي المادة 289 إنّ كلّ اعتداء يقع في الأرض اللبنانية أو ُيقدم عليه أحد الرعايا اللبنانيين، قصد أن يغيّر بالعنف دستور دولة أجنبية أو حكومتها، أو يقتطع جزءاً من أرضها يعاقب عليه بالاعتقال الموقت، وإنّ المؤامرة التي ترمي إلى إحدى الجنايات السالفة الذكر توجب الحبس سنة على الأقل، والمادة 290 تنص على انّ من جنّد في الأرض اللبنانية من دون موافقة الحكومة جنوداً للقتال في سبيل دولة أجنبية عوقب بالاعتقال الموقت أو بالإبعاد، والمادة 291 المعدلة تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة لا تجاوز أربعمائة ألف ليرة على كلّ تحريض يقع في لبنان أو يقوم به لبناني بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 288 لحمل جنود دولة أجنبية من جنود البرّ أو البحر أو الجوّ على الفرار أو العصيان.
ووفقاً للاتفاقيات القضائية الموقعة بين سورية ولبنان، تشير مصادر سورية لـ»البناء» إلى «أنّه من حق القضاء السوري أن يلاحق كلّ من يتورّط في سفك الدم السوري، وأنّ مذكرة ملاحقة واستجواب ستصدر قريباً حق نائب تيار المستقبل عقاب صقر».
وتذكر هذه المصادر بقانون الإرهاب، الذي وفقه، فإنّ أيّ عمل مادي أو معنوي يقدم للإرهابيين بمهاجمة الجيش، تهريب الأسلحة، وتهريب إرهابيين الى دولة مجاورة والتخطيط والتدريب تعتبر جرماً كلها، يعاقب عليها القانون.
أما لبنانياً،َ فيقول الرئيس السابق لمجلس الشورى الدولة القاضي يوسف سعد الله الخوري لـ»البناء» «إنّ مدعي عام التمييز القاضي حاتم ماضي إذا رأى أنّ الجرم يستوجب الملاحقة بحق النائب عقاب صقر، لا يستطيع أن يلاحقه إلا بعد أن ترفع الحصانة عنه، لأنه لا يمكن أن يوقف بجرم جزائي إذا لم ترفع الحصانة عنه».
ويشير الخوري إلى أنّ الحصانة لكي ترفع تحتاج إلى «أن يتحرك مدعي عام التمييز تلقائياً وعفواً، ويقدم مطالعة بالخصوص يوصّف فيها الجرم والأحكام القانونية التي تتعلق بهذا الجرم وتقضي بالملاحقة، التي ترسل بدورها مع مذكرة إلى وزير العدل شكيب قرطباوي، بطلب رفع الحصانة.
ويتابع سعد الله الخوري: «وزير العدل من جهته يحيل الطلب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي فور تسلمه هذا الطلب، يدعو مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل، إلى اجتماع مشترك، يتمّ خلاله تأليف ما يسمّى بهيئة مشتركة، تكتب تقريراً تقول فيه إذا كان هناك من موجب لرفع الحصانة أم لا، وتقدم هذا التقرير إلى رئيس مجلس النواب الذي بدوره يدعو الهيئة العامة للمجلس إلى اتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن، وإذا صوّتت الهيئة العامة بأكثرية نسبية (شرط توفر النصاب) على رفع الحصانة، تكون الحصانة قد رُفعت، وفي حال لم يحصل الاقتراح على الأأكثرية النسبية، يسقط وبالتالي لا ترفع الحصانة.
ويشير سعد الله الخوري إلى «أنّ الحصانة إذا رُفعت، يُرسل رئيس مجلس النواب عندها القرار إلى وزير العدل الذي بدوره يودعه مدعي عام التمييز، وعندها يصبح صقر من دون حصانة، ويعامل ويلاحق عندها كما الأفراد العاديين، ويمكن للنيابة العامة وقاضي التحقيق أن يتخذا بحقه الإجراءات القانونية المناسبة، وفيما عدا ذلك لا يمكن ملاحقته.
وعلى الرغم من كلّ هذه المواد القانونية، إلا «أنّ ذلك يبقى في إطار التشكيك، لا سيّما بعد سابقة التطاول على الجيش اللبناني وقيادته من قبل النائب معين المرعبي، والذي اعتبر يومذاك أن طلب وزير العدل شكيب من الأمانة العامة لمجلس النواب رفع الحصانة عنه «مجرّد طق حنك». وها هو اليوم يسرح ويمرح ويغرّد كما يحلو له من دون حسيب أو رقيب، وملفه قابع في الأدراج؟! 
 

السابق
كلمة إلى بعض أصحاب العمائم!
التالي
مصر.. ترهيب الإعلام