نتائج مؤتمر أديان الدولي حول الدين والديمقراطية في أوروبا والعالم العربي

29 – 30 تشرين الثاني 2012

أختتمت مؤسّسة أديان، بالتعاون مع الجامعة اللبنانية الأميريكية ومؤسسة كونراد أدناور، المؤتمر الدولي "الدين والديموقراطية في أوروبا والعالم العربي" تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان.
أتى هذا المؤتمر في سياق البحث بما أنتجه الربيع العربي من تحولات في العمليّة السياسية وإدارة الشأن العام، وعلاقة ذلك بالمسألة الدينيّة. وذلك من خلال مقارنة النماذج والتجارب المختلفة في العالم العربي، والشرق الأوسط عامة وأوروبا. تميّز المؤتمر بمشاركة مروحة واسعة من السياسيّين الذين ينتمون إلى التيارات الإسلاميّة والليبراليّة وأحزاب الوسط مع ممثلين عن المجتمع المدني وأكاديميّين من 15 دولة وخاصة من الدول المعنيّة مباشرة بهذه التحوّلات كمصر وتونس وسوريا…

وفي جلسة الختام، تمّ عرض الحصاد الأولي للأفكار الأساسيّة التي دارت حولها جلسات المؤتمر وتقاطعت آراء المشاركين حولها ومنها أننا أمام صحوتين الاولى دينيّة أو دينية ساسية والثانية ديمقراطيّة، ولا خوف على هذه الصحوة العربية اذا تمسكت الشعوب بالقيم الاساسية المشتركة لتحميها من الانحرافات الممكنة ، وأنّ الخبرة الأوروبيّة تعلمنا بأنه ليس هنالك نموذج واحد للعلاقة بين الدين والدولة الديمقراطية الحديثة، كما يمكن أن تساهم التجربة الديمقراطية مع الوقت بتحويل الأحزاب ذات الخلفية الدينية إلى اعتماد الديمقراطية والمساهمة في نشرها في المجتمع . كما ركّز المجتمعون على حق وضرورة لجوء المجتمع إلى كل الوسائل الديمقراطية ليبقى هو المتحكم بالدولة بدل أن يستعمل من هو في الحكم الديمقراطية للتحكم بالمجتمع. وبسسب خطورة اختطاف الدين من قبل السلطات السياسيّة وإمكانيّة استغلال الشعارات الدينية في الصراع السياسي، أكّد أعضاء المؤتمر على أهميّة الدور الذي يقوم به الإعلام من جهة في المساهمة في بناء منظومة قيم المواطنة والوعي للمسؤوليّة السياسيّة العامة، واتفقوا من جهة أخرى على ضرورة تطوير التربية والتنشئة على قيم المواطنة وقبول التعددية وإدارتها السليمة. كما أكّدوا أهميّة الأخذ بالاعتبار التعدّديّة الحتميّة داخل كل ديانة في الممارسة والأفكار وضرورة تحديث مقاربة المفاهيم الدينّية، ونبّهوا من خطورة إيلاء المرجعيّة التفسيريّة في الدولة إلى سلطة غير منتخبة.
كما تمّ التعبير في الجلسة الختامية عن عدد كبير من التمنيات والاقتراحات التي قدمت من قبل الباحين والسياسيين المشاركين اهمها، إدانة الاستبداد تحت أيّ إسم كان، والخروج من حالة الأسر في الإستقطاب الثنائي (علماني / إسلامي) حيث يصبح الخصم عدوّاً إلى التعدديّة والحوار البنَاء في إدارة التنوّع، ودعوة المسلمين لحمل مسؤوليّتهم في استمرار الحضور المسيحي الفاعل في الدول العربيّة، والعمل الجدّي على تنقية الذاكرة والمصالحة عبر عدالة إنتقاليّة. كما تمنَى البعض الأخذ بالإعتبار ولوج الأحزاب الإسلاميّة في التجربة الديمقراطيّة والحاجة إلى عامل الوقت لإنضاج هذه الخبرة. وتمّ التشديد في ظل الضبابيّة التي تطغى حالياً على أوضاع الدول ما بعد الثورات، على ضرورة استعادة منظومة القيم التي قامت على أساسها الثورات لإعادة بلورتها، وجعل الكرامة الإنسانية مرجعيّة لعمليّة التحوّل الديمقراطيّ. وتمنى المشاركون متابعة العمل معاً على هذه الأفكار ورفع التوصيات إلى القادة السياسيّين والدينيّين.
جاء هذا الحصاد بعد يومين من جلسات نقاش دارت حول سبعة محاور بحثيّة وهي، إعادة تحديد العلاقة بين الدين والديمقراطية من وجهتي نظر أوروبا والعالم العربي، الديمقراطية في المجال الديني، الدين في مجال الديمقراطيات العلمانية، الدولة الدينية في مقابل الدولة المدنية، أنظمة الحكم الإسلامية والعلاقات الدولية والما بين دينية، التنوع الديني والديمقراطية، ودور الحيز العام في بناء السياسات على القيم في مقابل الهويات.
وسوف تنشر أعمال المؤتمر وتقرير عنه باللغتين الانكليزية والعربية.

يذكر انّه افتتح المؤتمر بجلسة عامة وعلنية صباح الخميس الواقع في 29 تشرين الثاني، حيث ذكرت منسقة المؤتمر ومديرة قسم الدراسات في التلاقي الثقافي في مؤسسة أديان الدكتورة نايلا طبارة في كلمتها انه " عندما بدأت مؤسسة أديان بالتحضير لهذا المؤتمر قبل عام، كان كل من العالم العربي والاوروبي يشهد تغييرا جعل ملامح مستقبلهم مبهمة. على الجانب العربي كانت الثورات في اوجها، وفي أوروبا الازمة الاقتصادية الى تفاقم… وحالات التطرف تتزايد في كليهما. كل هذا طرح تساؤلات عن مستقبل الديمقراطية وخاصة بعد بروز مفاهيم جديدة للدولة ( دينية، مدنية، وعلمانية) والتحدي بين رواد كل منها ".

اما رئيس الجامعة اللبنانية الأميريكية البروفسور جوزف جبرا، اشار الى انه "على الرغم من صعوبة الجزم بما سينتجه الربيع العربي، نلاحظ أن الأحزاب الإسلامية قد أعلنت استعدادها للمشاركة في انتخابات ديمقراطية، وطبق هذا في عدد من الدول العربية…كما تشير الدراسات التي تجرى في العالم العربي، الى أن هناك عدد متزايد من المسلمين لديهم رغبة حقيقية لايجاد طرق تضع الاسلام والديمقراطية في بوتقة واحدة…"
"ان الجدل حول كيفيّةِ تحويلِ علاقةِ الدينِ بالديمقراطيةِ إلى حافزٍ لتثبيتِ مكتسباتِ الثورةِ الربيعيّةِ على مستوى الكرامةِ البشريّة، اجدى من الجدل حولَ شرعيّةِ هذا التزاوجِ بين الدينِ والديمقراطيّة أو عدمه". هذا ما أكده رئيس مؤسسة أديان الأب البروفسور فادي ضو في كلمته. مضيفا إنّ التحدّياتَ الكبيرةَ التي تواجهُ الأنظمةَ الجديدةَ ما بعدَ الربيعِ العربي، وانحرافِ ممارسات بعضها، يُؤكِّدُ لنا بأنَّ الديمقراطيّةَ لا تحيى من الشعاراتِ التقويَّةِ أو الإيديولوجيّة،ِ بل من التزامِ المؤتمنينَ عليها بقيمٍ وآليّاتَ وضوابطَ تحميهم من شهوةِ الاستئثارِ بالسلطةِ ومكتسباتِها.

وكانت الكلمة الخاصة لضيف الشرف الأستاذ سمير مرقس، مساعد رئيس الجمهورية المصرية لشؤون التحوّل الديمقراطي (المستقيل من منصبه في 23 / 11 / 2012). خاطب مرقص الحضور قائلا "جئت لكم من مصر 25 يناير التي انطلق فيها المصريون، يحدوهم الأمل في بناء مصر جديدة ". وتابع، "ان الأمل كبير في الإدراك بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء مهما طالت فترة التحول السياسي. لذا "علينا أن نؤسس لتقاليد نتقدم بها إلى الأمام، فليكن الحوار هو أداتنا، ولتلعب مؤسساتنا الدينية دورا في تجسير الفجوة، والتواصل بين الرؤى المختلفة دون الوقوع في مدى شرعية ما ينادي به البعض". واعتبر مرقص ان استعداء البعض للاخر على أساس ديني وهو أخطر ما جرى الاسبوع الماضي في مصر.

وألقى وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب كلمته باسم رئيس الجمهورية واشار الى ان خصوصية لبنان وتنوع طوائفه انعكست على الممارسة الديمقراطية في لبنان، منذ ارتضى اللبنانيون الديمقراطية نظاماً فكرياً وسياسياً لهم، بحيث ارتكزت هذه الممارسة على التوافق بين اللبنانيين في القضايا المصيرية الكبرى، وهو ما أطلق عليه رئيس الجمهورية تسمية "الديمقراطية التوافقية"، التي تشرك جميع الشرائح في اتخاذ القرارات، ولا تقسم البلاد بين حدَّين متباعدين من السلطة والمعارضة، مضيفاً "أما البعد الديني في قلب هذا النظام، فقد لعب في معظم الأحيان دور الجامع للبنانيين على قيم المشاركة، والحوار، والمحبة، والتضامن، في خضم الصراعات السياسية والتحديات المختلفة التي تواجههم، وإن حاول بعض الأطراف السياسية في ظروف ومراحل مختلفة، تجيير مواقف المرجعيات الدينية، لصالحه، كسباً لتأييد أوسع لطروحاته وموقعه".
ومن أبرز الوجوه السياسيّة والفكريّة التي شاركت في المؤتمر: سمير مرقس (مصر) مساعد رئيس الجمهورية المصرية لشؤون التحوّل الديمقرطي المستقيل من منصبه، محمد المحمدي الماضي (مصر) من مؤسسي حزب الحرية والعدالة للإخوان المسلمين، العجمي الوريمي (تونس) نائب رئيس حزب النهضة، رضوان مصمودي (تونس) رئيس مركز الإسلام والديمقراطية ومن الوجوه الرئيسية في المجتمع المدني التونسي، آمال قرامي (تونس) أستاذة الآداب والفكر الإسلامي الحديث في جامعة منوبا، ومن الوجوه الرئيسية في المجتمع المدني التونسي، حسن أبو نعمة (الأردن) سفير سابق في الامم المتحدة، عبدالله الشمري (السعودية) مركز الد ارسات التركية – الرياض، هادي أضنالي (تركيا) من كبار مستشاري رئيس مجلس الوزاء التركي، ولفرام رايس (النمسا)، مايكل دريسين (ايطاليا)، ستيفان شراينر (المانيا)، ومن لبنان : سليم الصايغ وزير سابق وعضو المكتب السياسي في حزب الكتائب، عباس الحلبي رئيس الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، الشيخ شفيق جرادي، وجيه قانصو، مشيرعون، مسعود ضاهر، جورج تامر، و فادي ضو رئيس مؤسّسة أديان ومسؤول العلاقات مع الأديان في البطريركية المارونية،.

السابق
إعفاءجهاد مقدسي من مهامه بعد ارتجاله خطابا من خارج النصّ الرسمي السوري
التالي
حمود يفتتح حملة شيل الهم عن صدرك