مونة الشتاء: مثل القرش الأبيض تخبئه لليوم الاسود

يقول المثل: (كل شي بوقتوا حلو) ولكن اهالي القرى اللبنانية اعتقلوا الوقت (والحلى) معا ًليعيشوه في أيام الشتاء القارصة، وينعموا بخيرات الطبيعة التي يأتي بها فصل الصيف ،بعد ان جمعوا كنوزه التي نثرتها الشمس فوق ارضنا المعطاء… فأنبتت مواسم الخير والحياة.. ولكل موسم عرس قروي، وما اجمل اعراس الحصاد والقطاف في قرانا…
(مونة الشتا متل القرش الأبيض، تخبئه لليوم الأسود ).. (مون لعيالك وشيل الهم عن بالك)
هذا لسان اهالي القرى ،ومنها ينطلقون نحو عمل دؤوب تحضيراً لأستقبال الشتاء.
كانت ولا تزال عادة اقتناء المونة الشتوية تعتبر من التراث اللبناني الفلكلوري وما تزال متوارثة لدى الكثير من اللبنانيين الذين يقطنون في البلدات والقرى الجنوبيّة النّائية والبلدات والقرى البقاعيّة الريفيّة وبلدات وقرى الشّمال وعكار وبلدات وقرى المناطق الجبلية والبعيدة عن المدينة ليتناولونها في أيام الشتاء والبرد القارس، حين (يطرق المزراب)ويقطع الثلج الطرقات ومعه تقفل ابواب الرزق ويقبع الناس في منازلهم …وتعتبر المونة الشتوية جزءاً من تراثنا الجميل الذي يفاخر به اللبنانيون على مر الأجيال.
هذا ما كان متعارفاً عليه في الماضي بالنسبة للمونة الشتوية ،والذي اختلفت النظرة اليه في ايامنا هذه بعد هجوم المواد الكيمائية الفتاكة على مأكولاتنا ،تلك المواد التي دمرت صحتنا وصحة اولادنا،ودفعت باهل المدن الى التسابق للحصول على المونة الشتوية لما تحويه من فوائد غذائية وطبيعية.
وقالت غالبية النساء القرويات التي حالفنا الحظ والتقيناهن ونحن نقوم بإعداد هذا التحقيق في أماكن وقرى وبلدات عديدة من مناطق الجنوب والبقاع والشمال والجبل أن المونة الشتوية تطيل العمر وتسمح للمرء بتناول ألذ وأفخر أنواع المأكولات في الشتاء بعيدا عن المواد الخطرة التي تدخل في تصنيع المواد الغذائية.
من جهته يعتبر الفلاح اللبناني أن تلك المأكولات كالقمح والبرغل والجوز والصنوبر والفاصولياء والألبان هي (مسامير الركب) تعطي جسم الإنسان المناعة والقوة وكل الفيتامينات لتقيه من الأمراض والبرد معتبرا أن الناس في بلدات وقرى الريف اللبناني هم أقل عرضة للمرض من أولئك القاطنين في المدينة.

الألبان والأجبان
ورداً على سؤال حول كيفية حفظ مشتقات الحليب لفترة طويلة تقول إحدى النساء المتقدمة في العمر التي التقيناها في جولتنا الريفية أن حليب الماعز يعتبر من أفضل أنواع الحليب ومنه يتم صنع اللبنة والجبنة التي تحفظ بأوعية زجاجية مع زيت الزيتون على مدار السنة. ومن منا لا يذكر طعم اللبنة (المكعزلة) المكبوسة بزيت الزيتون.!! وذكرت ان هناك صنفاً اّخر من الألبان يسمى ب (القمبريس) وهو يشبه اللبنة ولكنه الذ طعماً منها ويميل الى الحموضة، يحفظ هذا النوع عادة في جرة من الفخار.

الزيت والزيتون
يعتبر فصل الخريف موسماً لقطاف الزيتون.. والزيتون هو (شيخ السفرة) بلا منازع، حيث يلجأ الناس إلى جمع حباته الجيدة الخضراء والسوداء وترص (تضرب بحجر بحري او مطرقة خشبية) وتوضع في خوابي من الفخار… فيما حبات الزيتون الأقل جودة ترسل إلى المعاصر حيث يتم استخراج الزيت منها في حين تبقى الحبات الرديئة التي يستخرج منها الصابون البلدي.فما اجمل خابية الزيتون وخابية الزيت القابعتان في زاوية القبو العقد … وايام قطاف الزيتون من اجمل الايام في القرى حيث يجتمع الناس ويقدمون يد العون لبعضهم البعض،واغانيهم واهازيجهم تملأ الحقول فرحاً وحياة…
ويعتبر الزيتون اللبناني من أفضل الأنواع العالمية فهو يزرع في مناطق عديدة من الجنوب والجبل والشمال والبقاع وفي قرى عكار وفي بلدات حاصبيا وشبعا في العرقوب وفي عدد من مناطق جبل لبنان الجنوبي كإقليم التفاح وإقليم الخروب وفي بعض بلدات وقرى الشوف.

الفاكهة
ويهتم الناس في القرى البعيدة والنائية أيضا بالتموين في فصل الشتاء للمربيات ومنها مربى المشمش والتين والدراق والكرز والتفاح والفراولة والسفرجل والإجاص واليقطين.
ومنها ما يتم تجفيفه كالتين ،والسفرجل ،واكواز الرمان، والمشمش ،والعنب ،ويسمى العنب بعد تجفيفه (الزبيب) وهو من اشهى والذ الفاكهة المجففة حتى انه ضاهى طعم العنب في موسمه ،ف (كمشة) الزبيب في ايام الشتاء وقرب الموقد تأخذنا في اجمل رحلة الى ايام الصيف وتلك الجلسات الساحرة تحت ظل العريشة . والسفرجل له زاوية خاصة بما يضفي من رائحة عطرة في المكان الذي يحفظ فيه ،كانت جداتنا تضعه في زوايا المنزل وفي الخزائن لأضفاء رائحة ذكية ، وما كان اجمل من تجمع الاحفاد حول جدتهم لينال كل منهم حصته من السفرجلة الذابلة اللذيذة بعد ان تكون مع مرور الوقت (العضة فيها بدون غصة)….

الكشك
وتحتاج المونة إلى جدول زمني لبرمجة إعدادها، خصوصا وأن بعض أنواعها يتطلّب أكثر من أسبوع لاعداده، فضلاً عن جهد لمتابعته. فتشرح أحدى النساء القرويات أن الكشك مثلاً يحتاج إلى جمع كمية الحليب المطلوبة وإعداد البرغل تمهيداً لمرحلة البل والمزج بين البرغل واللبن التي تتطلب فترة تراوح بين 7 أيّام و12 يوماً، كما يحتاج إلى متابعة دائمة حتى لا يفسد، ليجري بعدها نشره وتجفيفه بغية طحنه وتوضيبه. واطيب كشك هو الذي يتم فركه على اليد ويحتاج لمجهود جبار ،وخاصة العمل به يكون في وهج الشمس حتى يجف بسرعة.

مكدوس الباذنجان
يحتاج الى وقت طويل للتحضير، بحيث تجتمع النسوة ليساعدن بعضهن بعضاً، يسلق الباذنجان ويملح ويكبس بأشياء ثقيلة ليصفى من مائه، ثم يحشى يالجوز والفليفلة والحر والثوم. وتضيف المرأة القروية الخبيرة إن المونة لا تقتصر على الكشك والباذنجان، بل تمتد لتشمل أصنافاً عديدة من المخلّلات تحوي كل انواع الخضار كل في موسمه، لا يفلت نوع منه الا ويكون له مكان في خزانة المونة القروية، بالاضافة الى الخضار (المقددة) اي التي تجفف في الشمس مثل الفاصوليا، واللوبيا، والبامية والنعناع والملوخية.. وايضاً كان يتم تقديد الباذنجان والكوسى والبندورة (والبندورة المقددة من الذ الاطباق يتم تغميسها بالطحين والبيض وتقلى بزيت الزيتون)..

القاورما
..هناك ايضاً القاورما والذي كان له مكانة مرموقة في تراثنا، ليس هناك اطيب من البيض بقاورما، والكشك مطبوخاً بالقاورما، "والطلمية" بقورما التي تشوى ايام الشتاء فوق الموقد… من منا لا يتذكر هذا النوع من الطعام؟
كان الناس يعلفون خروفاً صغيراً كل ايام الصيف حتى يسمن ،ثم يذبحونه اول الشتاء قسم منه يطبخونه قاورما، تجتمع النسوة للمساعدة على فرم اللحمة فلم يكن لديهن ما نملكه اليوم من وسائل الراحة… ثم تطبخ وتعبأ في وعاء من الفخار يسمى (مسمنة) وقسم اخر يتم تمليحه جيداً ويعلق في الهواء حتى يجف …
بعض أنواع مونة القرويين، وفي مقدمها الكشك والقاورما ومكدوس الباذنجان، تعدّ من الوجبات الغذائية التي تنزح وتهاجر، فكل من هاجر حمل معه الى اقاصي الارض هذه الاكلات التي ترعرع عليها ،لذلك اصبحت معروفة عالمياً، فهذا الغذاء يحوي بين ثنايا طعمه حنيناً وشوقاً إلى الأهل والوطن. ولعل أكثر ما ينغّص طعم المونة الشتوية عند القرويين، الضغوط المعيشية والاقتصادية السائدة التي يعيشها المواطن القروي، والتي دفعت غالبية العائلات إلى تقسيم إعداد المونة إلى مراحل متعددة وبكميات مختلفة، تجنّباً لإرهاق ميزانياتهم بجميع المصاريف دفعة واحدة.وهناك من جعلها مهنة يعتاش منها ،فيبيع بعض مصنوعاته الطبيعية الخالية من المواد الحافظة الى بعض اهالي المدينة الذين بدأوا في التهافت عليها في الاّونة الاخيرة بعد ان ادركوا خطورة المواد المعلبة والمستوردة والفواكه المبردة التي تحمل في لذة طعمها سموماً فتاكة وامراضاً خبيثة ارتفعت نسبتها بشكل هائل… بعد ان كانوا يسخرون من هذه العادات ،قائلين: ان كل شيء متوفر بوجود الخيم البلاستيكية… هذه الخيم التي نعرف جميعاً كيف تنبت فيها الخضار وكيف تنمو بسرعة بواسطة ادوية ليست مضرة فقط بل قاتلة…
أذكر أني اشتريت إحدى المرات لوبيا خضراء واضطررت للغياب شهر عن منزلي وكنت قد نسيت اللوبيا خارج البراد، لاعود واجدها خضراء نضرة لم يصيبها الذبول ولا التلف ،وبعد الاستفسار عن غرابة الموضوع اتضح لي انها كانت مرشوشة بنفس اليوم الذي اشتريتها به واخذ مفعوله مع الوقت …السؤال الذي يفرض نفسه: لو تناولناها في نفس اليوم اما كنا تناولنا موتنا البطيء ونحن نتلذذ بطعمها الشهي؟ كم من هذه الخضار نتناولها يومياً ونطعمها لأطفالنا دون أن ندري ماذا تحتوي، وخاصة في غياب الرقابة وفقدان الضمير….

دبس الرمان
يُعَدّ دبس الرمان في مقدمة لائحة المونة الشتوية والمنتجات التي تُصَنَّع وتُعَدّ، إلى أنه على الرغم من طعم الحموضة القاسية التي يحتويها دبس الرمان (ربّ الرمان)، إلا أن فوائده كثيرة، وحاجة العديد من السلطات والطبخات إليه، تدفع كل ربة منزل لضمه إلى لائحة مونتها الشتوية.وتحضيره يأخذ الكثير من التعب يبأ بفرط حبات الرمان وعصرها وغليها حتى تفقد ثلثي كميتها ويصبح العصير كثيفاً، ومن ثم يعبأ في قناني معقمة… له فوائد كثيرة منها… وله منفعة صحية كبيرة لاحتوائه على السكر والاملاح والفيتامينات، حيث أنه من أشهر المواد التي تعالج امراض اللثة وحمو الفم (الفطريات) بالاضافة الى خفضه معدل الكوليسترول في الدم.

الملوخية

المرأة القروية لم تعرف انقطاعاً في ذاكرتها لتقليد "مونة الملوخية" ففي منزلها حيث تقوم بفرد وريقات "الملوخية" التي عادة يزرعها أهل القرى في حقولهم، وتعرضها للهواء بعيداً عن حرارة الشمس حتى تجف وتحافظ على لونها الأخضر، الملوخية من الأطباق الفاخرة لدى اللبنانيين، لذلك يتصدر كيس الملوخية اليابسة مزهواً بنفسه في خزانة المونة… وما أطيبها من وجبة فاخرة في أيام البرد والزمهرير… بالاضافة إلى فائدتها الصحية ونقلاً عن احد الأطباء أنه اثناء تناول الملوخية تقوم هذه الوريقات بحملة تنظيف كاملة في معدة الإنسان، وتقضي على كل الرواسب في المعدة بحيث تزيد من حيويتها وقدرتها على الهضم وحماية الجسم من الأضرار…

رب الندورة
انتصف أيلول، والوقت صار ملائماً لقطاف حبات البندورة الجبلية، وتنهمك العائلة القروية بالتحضير لتحضير رب البندورة الذي يعتبر المادة الاساسية لأكثرية الاطباق اللبنانية.
وتنهمك العائلة في عمل شاق وممتع معاً، لكل فرد دوره، فتقطع البندورة وتعصر وتصفى، ويستقر (الدست) فوق موقدة الحطب، ويغلي العصير الاحمر ناشراً رائحة شهية، ويتحول الى رب رائع اللون ممدداً على صدور من الالمنيوم حتى تجف جيداً. وما أطيب سندويش رب البندورة مع زيت الزيتون.

الزعتر
الزعتر من أهم الخيرات التي وهبتنا إياها الطبيعة، فهذا النوع من النبات البري يحمل في أوراقه ورائحته فوائد صحية للإنسان لا حصر لها، ومن فوائده احتوائه على مواد مضادة للأكسدة حتى أن الأطباء ينصحون بأضافته إلى المواد الغذائية المعلبة لمنع الأكسدة بدل المواد الصناعية الضارة بالصحة. ويساعد على تقوية الذاكرة خاصة للأطفال، ويستعمل كعلاج لاّلام الاسنان والتهاب اللثة، ويتم استخدامه في صناعة بعض الأدوية خاصة السعال.
يقوم أهالي القرى وخاصة الجنوبية والجبلية بتنقية الزعتر من الجبال ومن أماكن بعيدة، ثم يجفف على سطوح المنازل، وبعدها يتم تنظيفه من الأغصان وتركه بعيداً عن الشمس حتى يأتي موسم السماق في أواخر الصيف، يحضر الزعتر للمونة بطريقة بدائية، فيوضع في أكياس مع السماق ويطرق بمدقة كبيرة من الخشب حتى يصبح ناعماً، هذا العمل الشاق يحتاج لجهد ووقت، ولكن طريقة تحضيره تجعله من أفخر أنواع الزعتر. كانت نصيحة الأمهات لأولادهن خاصة في وقت الامتحانات "كلوا زعتر يا ولادي حتى يفتح دماغكم".

البرغل
في مثل هذا الوقت من كل عام، حركة ناشطة على سطوح المنازل قد تبدو غريبة للوهلة الأولى، لكنها بدأت تدخل في صلب عادات وتقاليد أهل القرى الجبلية الذين اعتادوا تحضير مؤونتهم لفصل الشتاء وتشكل سطوح المنازل والباحات الخارجية الفسيحة مقراً أساساً في عملية التحضير.
إنه موسم سلق القمح البلدي، ويعرف من لونه الأسمر القاتم، وقال لنا أحد الفلاحين: إن عملية التحضير شاقة ومتعبة في قرانا لأننا نعتمد طرقاً بدائية بعيدة عن المكننة، القمح يمر بعدة مراحل قبل أن يصبح برغلاً جاهزاً للطعام. يوضع القمح في وعاء كبير يسمى "خلقينة" وتترك تحتها نار الحطب لساعات طويلة، بعد عملية السلق ينقل القمح إلى السطح ويفرش أرضاً ويتم تقليبه باستمرار حتى يجف، بعدها ينقل إلى المطحنة ويجرش ليتحول إلى برغل خشن وبرغل ناعم، وتبقى منه قشرته وتسمى "نخالة" كانوا قديماً يعملون منها مخدات ويقال إنها صحية جداً للنوم. وما أشهى الفراكة الجنوبية والكبة البقاعية بالبرغل البلدي…!

الفريك
هو تراث رائع يتميز به أهل الجنوب وهو من أولويات مونتهم التي يفتخرون بها، ويعتمد على القمح الأخضر، حيث يتم شوي السنابل الخضراء في الحقل وسط مهرجان قروي يشارك فيه الجميع لمد يد العون لبعضهم البعض في أبهى صورة للقرية اللبنانية الملونة بالطيبة والنقاء، يفرك القمح المشوي من قشوره ويجفف، ثم يتم جرشه وحفظه.

وكان لنا لقاء مع السيدة الجنوبية زهرة مروة، من الجيل الجديد، التي حافظت على التقاليد الموروثة، وتعمل بكد ونشاط للمحافظة على هذا التراث. زهرة هي الأم، والعاملة، والمزارعة، والمناضلة، والمتعلمة في آن واحد. رسخت التقاليد القروية بصناعة المونة الشتوية والغذاء الطبيعي بكل إتقان ومهارة، فهي تقوم بزراعة الأرض صيفاً بكل أنواع الخضار دون رش أي أدوية كيماوية، ومن ثم تقطفها وتنقلها إلى مطبخها لتقوم على تحضيرها وتوضيبها كل نوع حسب ما يتطلب من عناية. وتقوم زهرة ببيع بعض منتوجاتها الطبيعية، كمورد رزق لمساعدة عائلتها في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها.
• منظر امرأة في الحقل أصبح نادراً ما نراه في هذه الأيام والظروف الاقتصادية الصعبة، هل ارتباطك بالأرض يمكن أن يفسر على أنه ارتباط عمل أو ارتباط عشقي قبل كل شيء؟
قبل كل شيء المادة هذه الأيام فوق كل اعتبار، أنا أعمل وعندي شهرية أقبضها من عملي، ولكن الطبيعة بالنسبة لي خلاص من الوسواس وألم الرأس وكثرة التفكير بكل الأمور الجيدة والسيئة، التراب ورائحة الأرض هنا راحة بال، فأنا أجد نفسي في سكون الطبيعة وتغريد الطيور، أعشق كوني امرأة من العهد الجديد وتلم بأمور الزراعة، وتنتظر مواسم المطر، والصليب الصغير والكبير لكي تمطر خيراً علينا وعلى مزروعاتنا الخريفية.
بدون الأرض لا أصل ولا جذور لنا، لذا قصة عشقي لتراب وطني طويلة لا تنتهي بمرور الزمن.
• كيف نفرق بين المنتوج الزراعي والطبيعي والمستخدم في زراعته أسمدة ومواد كيميائية؟
بصراحة لا يقدر أن يميز إلا "الذويق" والمهندس الزراعي، والفلاح الذي اعتاد على طبيعة المزروعات فالفرق بالطعم واللون والرائحة كبير جداً.
• لكل بقعة في لبنان طابعها الخاص ومونتها الخاصة، هل تحدثينا عن أهم ما تتميز بها المونة الجنوبية وما تختلف عن مثيلاتها البقاعية؟ وما هي العوامل التي تخلق هذا الاختلاف؟
صحيح فكل منطقة مشهورة بمؤنة خاصة بها يتميز أهلها بطريقة بلورتها وتجهيزها عن غيرها من القرى، ففي الجنوب هناك الملوخية، واللوبية، والفلفل، وشراب البندورة، والبرغل المحون الذي يأخذ شغلاً خيالياً بصعوبته، وأيضاً الكشك الجنوبي "وهنا الفرق بين الجنوبي والبقاعي" أحد أهم النقاط، الكشك. لأن طريقته تختلف والطعم أيضاً وذلك يعود للمنطقة وحرارة طقسها، ولبن خرافها الذي يأكل اعشاب من أنواع تختلف عن تلك الجنوبي، وأيضاً مؤونة المكدوس من أشهى المأكولات إن كان جنوبياً أو بقاعياً، وأيضاً الزعتر الذي يشتهر به الجنوب اللبناني.
• ما بين الأمس واليوم هناك الكثير من أساليب الزراعة قد تغيرت، فهل تغير الفلاح؟
تغير الكثير والكثير فشتان بين طرق الأمس البدائية وطرق اليوم المتحضرة والحديثة، بغض النظر عن السلبيات والإيجابيات بين الحديث والقديم، إنما الفلاح لا أعتقد قد تغير، فهو ذاته الإنسان الذي يستيقظ قبل شروق الشمس كي يبدأ عمله ويحاول أن ينهيه قبل المغيب بغية القليل القليل من الراحة، فالنفس الطاهر في الفلاح لا تخربه السنون ولا تستطيع تلويثه الغازات السامة.
  

السابق
القطاع الزراعي في منطقة الخيام إلى الانتعاش مجدداً
التالي
المالكي يطالب اردوغان بعدم التدخل في شؤون دول المنطقة