إنتخابات إسرائيلية بالدم الفلسطيني !

ليست اسرائيل وحدها التي تركب الآن "عمود السماء"، فـ"حماس" والفصائل الفلسطينية تركب هي الاخرى هذا العمود، الذي ترسم صواريخه اعمدة دخانية ترتفع فوق اسرائيل ولا تلبث ان تختلط بدخان الغارات الاسرائيلية. ولهذا فان الطرفين باتا في مصعد كهربائي يصعب النزول منه الى ارض الواقع رغم وصول هشام قنديل سريعاً امس الى غزه للتهدئة والحفاظ على ماء وجه محمد مرسي و"الربيع المصري".
صحيح ان الجولة الجديدة بدأت بعد اطلاق "الجبهة الشعبية – القيادة العامة" عدة صواريخ على اسرائيل، إعتبرها البعض نوعاً من استمطار تصعيد اقليمي قد يساعد النظام السوري على التنفس، لكن حكومة القتلة في تل ابيب اخطأت التقدير عندما رأى بنيامين نتنياهو ان إسقاط القنابل على رؤوس الغزاويين يساعده في إسقاط اكثرية الاوراق المؤيدة له في صناديق الانتخابات التي ستجري قريباً، ثم انه ذهب بعيداً في جريمته عندما تعمّد اغتيال احمد الجعبري القائد البارز في "حماس"، ليبعث برسالة ضمنية مفادها ان اسرائيل لا تنسى الانتقام، فقد كان الجعبري وراء قصة الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت واغتياله ورقة انتخابية اضافية !
المثير ان الجعبري اغتيل وبين يديه مشروع اتفاق على هدنة طويلة مع تل ابيب كان قد اعده اليهودي الناشط سلمياً غرشون باسكين الذي اعلن التوصل الى ورقة بالتعاون مع المصريين قبلتها قيادة "حماس"، التي هالها ان تقع في خديعة نتنياهو فقررت تجاوز الخط الاحمر في التصعيد.
فبعدما سقط صاروخ " فجر 5 " الإيراني على تخوم تل ابيب وتوقف الطيران في مطار بن غوريون، وشاهد العالم نتنياهو على شاشات التلفزة وهو يغادر مكتبه مسرعاً الى الملجأ، بدا واضحاً ان اسم "عمود السحاب" الذي اطلقته اسرائيل على العملية مستجلبة اياه من قصة خروج موسى باليهود من مصر، لن يكون عنواناً لعملية ردعية عابرة بل لحرب جديدة مدمرة.
من الواضح ان عصابة القتلة في تل ابيب لا تستطيع الذهاب غداً الى الانتخابات وفي اذهان الاسرائيليين ان عاصمتهم تل ابيب باتت عرضة للقصف بالصواريخ وهو ما لم يحصل في كل الحروب السابقة، وان اكثر من مليون اسرائيلي إنتقلوا من الجنوب الى الشمال هرباً من القصف، وبعد إتساع عدد الاهداف التي قصفت في غزة والانتقال الى عملية برية عقب استدعاء اسرائيل الآلاف من جنود الاحتياط، يرتسم حجم الحرب الجديدة لتمهد لانتخابات اسرائيلية بالدم الغزاوي، ولتنسف أيضاً مشروع محمود عباس للحصول على مقعد لفلسطين في الامم المتحدة !
عندما يقول السيد حسن نصرالله ان النظام السوري منشغل وليس قادراً على مساعدة غزة، من حق الغزّاويين واللبنانيين ايضاً السؤال: ولكن ماذا فعل النظام عندما لم يكن مشغولاً وقصفت الضاحية كما تقصف غزة الآن؟

السابق
الشرق الجديد
التالي
تعقّل سعودي بين حـربيـن !