احمد قبلان:للحد من التوتر الطائفي والمذهبي والتجاوب مع الدعوات الحوارية

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وأبرز ما جاء فيها:"أمانتنا نحن اللبنانيين أن نحفظ بلدنا في ظل تحديات كبرى ووضع دولي إقليمي متأرجح وغير مستقر وخاضع لبازارات ومساومات على النفوذ والمصالح في المنطقة، وبخاصة حيال ما يجري في سوريا، حيث الظروف تتعقد يوما بعد يوم، فيما سوريا كلها نظاما وشعبا تدفع الثمن غاليا".

ودعا قبلان: "الإخوة في سوريا إلى وقف حمام الدم وإفشال هذا المخطط الرهيب الذي يستهدفها موقفا وموقعا ودورا، والبدء فورا بحوار جدي ومسؤول بعيدا عن كل الاعتبارات والحسابات السلطوية والفئوية والطائفية يضع حدا لهذا الزلزال الكبير الذي أصاب سوريا الممانعة والمقاومة ويحول دون وقوعها في الشرك الذي ساهم في نصبه أكثر من نظام ودولة عربية وأجنبية، ويفشل مشروعا جيوسياسيا جديدا في المنطقة يقضي على ما تبقى من آمال في فلسطين ويكون على حساب سوريا والعراق والأردن ولبنان".

كما دعا قبلان "القيادتين التركية والقطرية إلى تقوى الله في سوريا، فيكونا عامل خير في الصلح والإصلاح، لا عامل تهديم وتخريب وسفك دماء، وعدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية، ووقف تحريضهما للمعارضة على النظام، والضغط عليها للقبول بالحوار كمدخل حقيقي يجنب سوريا والمنطقة مخاطر حرب فتنوية مستدامة".

أما على صعيد المخطوفين اللبنانيين، فحمل قبلان "الحكومة التركية المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، وطالبها بإقفال هذا الملف بأسرع وقت ممكن، لأنه لا يجوز أن تبقى الحكومة التركية تتلاعب بهذه القضية الإنسانية، بل عليها أن تتحمل مسؤولياتها وتفي بالتزاماتها وتكثف جهودها لوضع حد لهذه القضية وتأمين عودة المخطوفين اللبنانيين إلى بلدهم سالمين".

أما في الشأن اللبناني فدعا المفتي قبلان "القيادات والزعامات والمسؤولين اللبنانيين وكل الحرصاء على البلد والصادقين في مواقفهم لجهة ثباتهم على وحدته إلى الخروج من دائرة الصراع ووقف كل هذه التجاذبات والحدة في المواقف المتشنجة والعبثية التي لن توصل إلى أي مصلحة وطنية، فالكل خاسر إذا ما استمر العناد وبقيت المواقف المتعاكسة والطروحات المضادة على ما هي، وكأن المطلوب إبقاء البلد في دائرة تراكم المشاكل وغياب الحلول، أي لا إستقرار بمعنى الاستقرار، ولا انفجار بمعنى الانفجار، ما يعني أننا محكومون بأن نعيش الاهتزازات والخوف من المستجدات التي قد تفاجئنا جميعا في ظل عدم وجود إجماع على رؤية وطنية فعلية تخرجنا مما نحن فيه، وتحمينا من تداعيات ما يجري في سوريا، وقد يكون له انعكاسات سلبية جدا على مجمل الأوضاع في لبنان، لاسيما الوضع الاقتصادي الذي بتنا نسمع الآن فريقا من اللبنانيين يحاول إقحام الاقتصاد اللبناني في الصراع السياسي وتحويله إلى ورقة ابتزاز، وكأن الهدف إسقاط الحكومة وبالتالي إسقاط البلد بتهمة أن هذه الحكومة هي حكومة سوريا وحزب الله في لبنان".

وتابع: "هذا المشهد وما يتضمنه من مواقف وبنود تم إدراجها في وثيقة 14 آذار، يؤشر على غياب منطق التعقل وبروز منطق سياسة كسر العظم على فرضية استعادة السلطة أو إغراق لبنان واللبنانيين في مستنقعات لا قرار لها ولا أحد يعرف كيف تبدأ الحلول ومتى ستكون النهاية وكيف".

وقال: "هذه الأسئلة نتوجه بها إلى الجميع ونقول لهم أين مصلحة اللبنانيين في كل هذه التحولات والمتغيرات التي تجري في المنطقة؟ ابحثوا عنها أيها القادة ودعوا كل غاية ومصلحة ومنفعة خاصة، واذهبوا جميعا إلى ما ينقذ البلد ويوقف هذه الاندفاعات غير المسؤولة باتجاه التحريض وتحريك كل وسائل وسبل التخريب السياسي والاقتصادي والأمني، نحن في بلد ميزانه حساس جدا ولا يستقيم أمره إلا بالوحدة والإجماع وتضافر الجهود، وأي رجحان لكفة على أخرى يعني أننا أمام مشكل كبير".

وطالب قبلان "الجميع بالهدوء والعمل على تجفيف مصادر التوتر الطائفي والمذهبي مغلبين الروية في كل الاختيارات والخيارات، لأن المرحلة حرجة، وعلينا جميعا أن نحسبها بدقة بعيدا عن الصراخ والتهويل وتقاذف المسؤوليات، فالكل مسؤول وعلى كافة الأطراف السياسية أن تسارع إلى التلاقي وتتجاوب مع الدعوات الحوارية من دون قيد أو شرط، للبحث في المخارج والحلول التي تنقذ الوطن وتخرجنا من دائرة الانقسام ومأزق التحدي، وتجعلنا قادرين على مواجهة الاستحقاقات المصيرية التي قد تكون تداعياتها كارثية إذا تحكمت الغرائز بالعقول".
  

السابق
علي فضل الله: نحتاج إلى سياسيين يعرفون قيمة الانسان
التالي
أوباما سيجبن في إسرائيل وإيران، ويتشجّع في سورية