تركيا لن تهدي الأسد الحرب!

كان واضحاً منذ اللحظة الاولى بعد سقوط القذائف على الأراضي التركية وقتل خمسة من المواطنين ان أنقرة لن تقع في فخ بشار الاسد فترد بعملية عسكرية كبيرة توفر له الفرصة لنقل دائرة الاهتمام الدولي من أزمته الداخلية الى أخطار حرب إقليمية ربما تساعده في إيجاد مخارج تتيح له الإفلات من الحساب الداخلي الذي يزيد الخناق عليه يوماً بعد يوم!
وهكذا عندما يقول رجب طيب أردوغان "لن ندخل الحرب ضد سوريا لأن هذا ليس من مصلحتنا"، يكون قد امتنع عن تقديم الحرب كأفضل هدية يمكن ان يحلم بها الأسد في هذه المرحلة الخانقة بعدما بات غارقاً في الرمال الدموية المتحركة حتى عنقه.

لكن لم يكن في وسع تركيا ان تبتلع الحادث بعدما طال سكوتها عن سلسلة من الاعمال السورية العسكرية التي بدأت باسقاط الطائرة في 22 حزيران الماضي، وقد تردد أخيراً انها أسقطت عمداً وبمساعدة من الروس وان طيّاريها لم يقتلا في الحادث بل ان النظام قام بتصفيتهما في ما بعد، ثم سقطت سلسلة من القذائف على الأراضي التركية لكن أنقرة واصلت ضبط النفس!

منذ سنة تقريباً تراجعت أنقرة عن سياسة التصعيد ضد الأسد بعدما كانت قد رفعت التهديدات الى السماء عندما قال أردوغان ان حلب خط أحمر وانه لن يسمح بذبح الشعب السوري، وكان النظام السوري يتمادى في استفزازها رداً على دعمها للمقاومة السورية، تارة عبر تحريك "حزب العمال الكردستاني" وأخرى عبر تأجيج مشاعر العلويين الأتراك ضد اللاجئين السوريين.

وبدا ان أنقرة اتخذت موقفاً واضحاً وهو أنها ستواصل دعم المعارضة ولن تتدخل عسكرياً في غياب موقف دولي يدعم هذا التدخل لمنع المذابح كما حصل في ليبيا. ومع غرق أميركا في سباتها الانتخابي ورفضها القيام بأي عمل يوقف المأساة أو يساعد في إقامة منطقة عازلة، وكذلك مع الانغماس الإيراني في القتال ميدانياً الى جانب النظام ومع الحماية الروسية العنيدة له سواء في الأمم المتحدة وإفشال مبادرة الجامعة العربية ومواصلة تزويده السلاح، لجأت تركيا الى اللهجة الخفيضة مكتفية بتقديم المأوى للاجئين ومساعدة المعارضة وابتلعت سلسلة من قذائف الاستفزازات لم تكن توقع ضحايا كما حصل أول من أمس.

هذه المرة أرادت تركيا ان تذكّر النظام السوري ربما بالصورة الطريفة التي نقلها أمس "موقع العربية" عندما وصف ميزان القوى بين البلدين بأنه بين "الحوت التركي والسردين السوري"، فبعدما ردت بقصف المواقع السورية وافق برلمانها على ان تقوم الحكومة بشن عمليات عسكرية داخل سوريا بما يبقي السيف مصلتاً فوق رأس النظام، الذي لن يحصل على الحرب كهدية منقذة بل سيُترك ليغرق في رماله الدموية المتحركة!  

السابق
عمر الشريف يعاني الكآبة
التالي
انفجار النبي شيت: 34 وحدة سكنية متضررة.. واسرائيل مشاركة فيه !!