أعداء سورية هم أعداء العروبة

يخيل إليّ أحياناً أن كل ما أشاهده وأسمعه وأقرأه في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وعبر المواقع الإلكترونية عما يجري في سورية هو حلم يقظة.
الولايات المتحدة الأميركية أصبحت صديقة شعوب العالم العربي التواقة إلى الحرية، تتصرف كأن هذا الجزء من العالم هو ملك يمينها، أو كأنها هي التي وضعت أسس العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة، وأنها موجودة منذ تأسست الحضارات البشرية وتطورت في بلادنا، ومن هذه الأرض انطلق مفهوم الحرية إلى زوايا العالم كله مطعمة بالمفاهيم السورية.

الأغرب من ذلك أن تنضم إلى جوقة المطالبين بحرية الشعب السوري والعدالة الاجتماعية الدولة الهجينة «إسرائيل»، التي قامت على سرقة حق شعبنا في فلسطين فتحوّلت بفعل قادر إلى دولة حليفة تنادي بحقوق السوريين الإنسانية، واستُحدث لها مقعد دائم غير مرئي في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي تشارك في القرارات والتوصيات وتعترض على أي مشروع يمكن، أقول يمكن، أن يقرّب بعض العرب من سورية أو يقرب المتخاصمين في سورية بعضهم من بعضهم الآخر ليتحاوروا.

يمكن أن نفهم العداء الأميركي «الإسرائيلي» لسورية كونها الدولة الوحيدة في هذا العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج التي ما زالت تعتمد اللغة العربية أساساً في مناهجها الدراسية، ومن مدارسها وجامعاتها تتخرج نخبة القادة والمفكرين والقادة العسكريين والأدباء والمثقفين والعلماء، وعلى مقاعد مدارسها الرسمية يتعلم الطلاب أن «إسرائيل» دولة عدوة ودولة إغتصاب تأسست في غفلة من الزمن بناء على مؤامرة ووعد (سايكس- بيكو وبلفور) في أرضنا في فلسطين، وأنها أكبر كيان عنصري يجتمع فيه مستوطنون من كل أنحاء العالم لا يجمعهم شيء سوى الحقد والكراهية وانتمائهم الديني.

يمكن أن نتفهم العداء الأميركي «الإسرائيلي» لسورية وأهدافها في تدمير مدارسها وجامعاتها التي لا تزال تعتمد اللغة العربية كأساس إلزامي في مناهجها الدراسية كافة. هذه اللغة (لغة أهل الجنة) نسيها عرب أميركا واستعاضوا عنها باللغة الإنكليزية وقريباً العبرية لأجل تقوية عنصر التفاهم مع السيد الأميركي وطفله المدلل «إسرائيل»، إنما يصعب فهم لماذا يجاري حكام العرب الولايات المتحدة و»إسرائيل» في عداءهما لسورية وأي جريمة اقترفتها سورية في حق هؤلاء العرب كي يحملوا كل هذا الحقد والكراهية ضدها. 
إضافة إلى الولايات المتحدة و»إسرائيل» من هم أنصار الحرية في سورية؟ هل هم الملوك والأمراء والشيوخ الذين مضى على وجود عائلاتهم وقبائلهم في السلطة داخل ممالكهم التي يمتلكون فيها، إضافة إلى الرعية، النفط والماء والهواء والصخر والتراب، أكثر من ثلاثين قرناً من الزمن (مجتمعة). هؤلاء يطالبون بالحرية والديمقراطية للشعب السوري كأنهم حققوا الحرية والديمقراطية لشعوبهم. أم هي الجامعة التي يمكن تسميتها بأي إسم إلا «جامعة الدول العربية» والتي صنع معظم قادتها في أميركا صناعة «أصلية»، كما في الخليج، والآخرون صناعة «تقليد»، فتسلموا مقاليد الحكم عبر «ثورات الربيع» الكاذبة التي أصبحت خريفاً على شعوبها بعدما بدأت الحقائق تتكشف حول الهدف الذي وصل هؤلاء لأجله إلى السلطة. أم هو قائد هؤلاء القادة المسيّرين، المؤتمن غير الأمين، المسمى نبيل العربي، البعيد كل البعد عن نبل الإسم الذي يحمله والذي إذا ما تابعنا خطابه السياسي الحقود والكريه ضد سورية وقيادتها لأيقنا مدى انغماس هذا الرجل في المؤامرة ولعرفنا أنه لا يحمل في قلبه أو عقله أي انتماء إلى العروبة التي يحمل زوراً اسمها. هؤلاء هم أصدقاء وحلفاء وممولو « النضال لأجل الحرية» في سورية، تساندهم تركية التي جثمت على أرضنا نحو خمسة قرون سميت بعصور الظلام وسأكتب عنها مقالاً منفصلاً.

إلزامية تنحّي الرئيس بشار الأسد أضحت مطلباً قومياً يهودياً أميركياً فرنسياً يتناسب مع ما تريده دولتا العدالة والحرية والديمقراطية قطر والسعودية عبر «الجزيرة» و»العربية» يؤيدهم في ذلك عبر أجهزة التلفزيون والبيانات الصحافية اليومية جهابذة «14 آذار» في لبنان بقيادة «المفكر القومي ورائد العروبة» فارس سعيد، يعاونه في التنظير «عبقري السياسة اللبنانية» نهاد المشنوق وولي عهده في الحقد النفاث والجهل المدقع ومدعي الانتماء إلى القومية العربية، الولد، أعني ولده صالح المشنوق، الذي تخرج من مدرسة «المفكر العربي» الكاذب عزمي بشارة ودرس في معهد الفتنة المذهبية على يدي الشيخ العلامة المفكر الداعية، رئيس اتحاد علماء المسلمين الملياردير الدكتور مفتي الناتو يوسف القرضاوي صاحب الفتاوى «غبّ الطلب» في الصيرفة الإسلامية والثورات والنكاح والعمالة للأجنبي والتعامل مع «إسرائيل» وطاعة ولي الأمر. ولا ننسى «فتى لبنان الأغر» الزعيم المغترب، السعودي من أصل لبناني، و«حكيم لبنان المنقذ من الضلال» سمير جعجع، و»آسر القلوب صاحب الصوت الشجي» الشيخ أحمد الأسير وصديقه المطرب الطروب فضل شاكر، إضافة إلى جوقة الكتبة والمردّدين والمذيعين والسياسيين والنواب بالمصادفة .

لازمة: من المستحيل أن يكون هؤلاء المتحالفون من عرب ومستعربين ومتأمركين ومتفرنسين ومستتركين ومتفرنجين ومتأسرلين (بينهم بعض اللبنانيين) مؤمنين بحق سورية في الوجود كأمة حرة عزيزة ذات سيادة، لذا أعلن كسواي من ملايين المواطنين في الأمة وقوفي من دون تردد مع الدولة السورية وقيادتها وجيشها حماة الديار في وجه هؤلاء الأعداء الحاقدين، وأطمئنهم أن سورية ستنتصر، وأن الخير والحرية والعدالة والعزة لسورية وشعبها ستكون بهزيمة أعداء سورية ومشروعهم الأميريكي «الإسرائيلي».

السابق
ميقاتي: أين كنّا وأين أصبحنا
التالي
متطرفون إسرائيليون في مدن الـ48 لتهويدها