لماذا يخشى حزب الله اليونيفيل شمالاً؟

اعترف فريق الرابع عشر من آذار أو لم يعترف، فإنه ارتكب خطأ كبيراً حين "ناضل" في سبيل فتح سفارة سورية في بيروت وتبادل ديبلوماسي بين الدولتين، وها هو اليوم يشعر بالندم ويدفع الثمن و"يناضل" مجددا لطرد السفير السوري من لبنان.

لا عذر يشفع لفريق الرابع عشر من آذار، لأنه كان من البديهي، بعدما خبِرَ العقل السوري وممارساته ميدانياً طيلة وجود القوات السورية في لبنان، ان يدرك انّ سفارة الشقيقة اللدودة لن تكون على صورة سفارة الفاتيكان أو منظمة مالطا.

واذا كان هذا الفريق يتهم السفارة السورية اليوم بالقيام بنشاطات استخبارية وأمنية، فهو يتحمّل في مكان ما مسؤولية تشريع وجودها، خصوصا انه كان اعتبر أنه حقق إنجازاً تاريخياً ومكسباً وطنياً بفتح السفارة.

اليوم، يرتكب "حزب الله" خطأ مماثلاً بالظهور في مظهر المدافع عن المصالح السورية في لبنان، من خلال رفضه كل مطالب قوى 14 آذار
ونظرياتها في ما يتعلق بالنظام السوري:

1- يرفض حملة طرد السفير.

2- يرفض إلغاء المجلس الاعلى السوري – اللبناني واعادة النظر في الاتفاقات بين البلدين.

3- يرفض توسيع انتشار قوات الطوارىء الدولية الى الحدود الشمالية والشرقية.

واذا كان للمطلب الاول مبرر سياسي، وللمطلب الثاني حجة ان سوريا تعاني حربا داخلية، وبالتالي من غير المنطقي والممكن مفاتحتها بتعديل اتفاقات في هذه المرحلة، الّا انه لا ذريعة لرفض فكرة البحث عن ضبط الحدود الشمالية من خلال اليونيفيل.

فإذا كان هناك تهريب للسلاح والمعارضين عبر الحدود بين لبنان وسوريا، يقابله خرق للقوات النظامية السورية للاراضي اللبنانية، فمن مصلحة لبنان، الرافع شعار النأي بالنفس، ان يسدّ هذه الثغرة التي يمكن ان تستدرج تداعيات النزاع الداخلي السوري اليه، كما ان من مصلحة النظام السوري ان تُقفل هذه المعابر الحدودية التي تشكل إزعاجاً عسكرياً وأمنياً بالنسبة اليه.

وإذا كانت مصلحة فريق 14 آذار تلتقي مع المصلحة اللبنانية – السورية المشتركة في مسألة ضبط الحدود في هذه المرحلة، بعد رفض دمشق المتكرر لهذه القضية سابقاً، فإن السبب الحقيقي الذي يختبىء خلفه فريقا "حزب الله" و14 آذار يكمن في ملف سلاح الحزب.

فالمعارضة المتمثلة بقوى 14 آذار يهمّها ضبط الحدود مع سوريا عبر اليونيفيل لقطع طريق إمداد السلاح الثقيل والذخيرة عن طريق سوريا الى "حزب الله" في لبنان، وفي المقابل يرى الحزب انّ انتشار اليونيفيل بقاعاً وشمالاً هو خط أحمر لا يمكن ان يسلّم به لأنه يحتاج الى استقدام الصواريخ من ايران عبر البر السوري، خصوصا انّ في الاجواء مناخ استعداد اسرائيلي لتوجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الايرانية وشَنّ حرب قاسية على لبنان و"حزب الله"، اذا ما ردّ الحزب على اسرائيل.

لا أحد يكفل الّا تتبدّل المواقف، ولا أحد يضمن الّا تتحول وجهة السلاح القادم من سوريا إذا ما تغيّر النظام هناك مستقبلاً. الثابت الوحيد هو ان اللبنانيين يجيدون فن الارتجال والقرارات التكتيكية، ولا تعنيهم الاستراتيجيات، ولا يتعلمون من أخطائهم.
  

السابق
رأس الثعبان
التالي
صراع على دولة مهترئة