النهار: الإثنين يوم الحسم بين الكهرباء والمياومين و100 ألف تلميذ في مهبّ الشروط المتصلّبة

بدا أمس أن أزمتي سلسلة الرتب والرواتب للموظفين في القطاع العام واعتصام المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان تقتربان من عدّ عكسي يترتب عليه إما حلّهما بغطاء سياسي – حكومي وإما تجدد المواجهة وتفاقم انعكاسات كل منهما. وقد برز ذلك مع استعدادات لجعل مطلع الاسبوع المقبل محطة حاسمة للتوصل الى تسوية بين الحكومة وهيئة التنسيق النقابية في شأن أزمة سلسلة الرتب والرواتب، مع انعقاد اللجنة الوزارية المكلفة درس هذا الملف الثلثاء المقبل. أما في أزمة اعتصام المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، فبرز تطور لافت في القرارات الحاسمة التي اتخذها مجلس ادارة المؤسسة والتي قرر بدء تنفيذها الاثنين المقبل مما يضع هذه الأزمة أمام مفترق نهائي.

وفي انتظار اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة ملف سلسلة الرتب والرواتب، بدأت هذه الأزمة تلامس حدود الخطر الكبير على مصير 40 ألف تلميذ تقدموا الى الشهادة الثانوية بفروعها الأربعة و60 ألفاً الى الشهادة المتوسطة، ذلك ان امتناع الاساتذة والمعلمين عن تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية ترك مصير التلامذة في مهب الريح، عرضة للتصعيد بين الموظفين والحكومة. ويشكل الأول من آب موعداً حرجاً وضاغطاً لبت هذه الأزمة باعتبار أنه بعد هذا الموعد يصير تحديد موعد دورة استثنائية للامتحانات صعباً ما لم تصدر نتائج الدورة الأولى.

وعلمت "النهار" ان توجه فريق رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي هو نحو اقرار كل سلاسل القطاع العام دفعة واحدة ولكن على قاعدة التأني وتفادي التضخم. وأوضحت مصادر هذا الفريق أن كل شيء يتعلق بتجنب التضخم هو قيد الدرس بما في ذلك تأمين الواردات لتغطية التكاليف.
كما أن أوساط رئيس الجمهورية ميشال سليمان أبلغنا أن كل مكونات الحكومة موجودة في اللجنة الوزارية المكلفة درس سلسلة الرتب والرواتب. ويمكن التعويل على عملها من أجل انجاز سلسلة لكل قطاعات الدولة.

وفي موازاة ذلك، افادت مصادر وزارية ان ما حصل عليه المعلمون هو الحد الأقصى من المطالب ولن يكون هناك مزيد، لكن مصادر رابطات المعلمين قالت لـ"النهار" إن جدية الحكومة تكمن في اقرار ما هو متفق عليه مع هيئة التنسيق النقابية، واذا كان الوزراء يجاهرون بانهم اتفقوا مع المعلمين على 80 في المئة من المطالب فلماذا لا يقرونها.
وصرح نقيب المعلمين نعمة محفوض لـنا بأن هيئة التنسيق النقابية تواصل اتصالاتها ولقاءتها "وهي لا تقفل الباب أمام الحلول، لكن الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة عما آلت اليه الاوضاع ورئيس الحكومة تعهد اكثر من مرة اقرار الاتفاق ثم تراجع عنه". والمفارقة في هذا السياق ان مصادر الرابطات تحدثت عن غياب مجلس الوزراء عن صورة الاتفاق مع هيئة التنسيق مما يعني تخبطاً حكومياً على رغم وجود 11 وزيراً في اللجنة التي درست السلسلة. حتى ان رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب قال لـ"النهار" إن "الوزراء ليسوا جميعهم في مناخ الاتفاق بين اللجنة الوزارية وهيئة التنسيق والمشروع الذي يتحدث عنه بعض الوزراء ليس الاتفاق مع الهيئة".

"البلاغ" الكهربائي
أما في ازمة اعتصام المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، فبدا من القرارات التي اتخذها مجلس ادارة المؤسسة في جلسته الاستثنائية امس ان الاثنين سيشكل موعداً حاسماً لهذه الأزمة في ضوء دعوة مجلس الادارة شركات مقدمي خدمات التوزيع الى تسلم الفواتير في الحادية عشرة قبل الظهر "بمؤازرة القوى الامنية وفي حضور وسائل الاعلام منعاً لتراكم الفواتير على المشتركين".
واعلن مجلس الادارة ان المؤسسة تبلغت من قوى الامن الداخلي استعدادها لتأمين المؤازرة الامنية اللازمة. كما طلب من كل فرق الصيانة الانطلاق الى عملها صباح الاثنين لاصلاح الاعطال.
وقرن ذلك باعلانه متابعة الدعوى "على كل فاعل وشريك ومحرض ومندس بجرم اعاقة المرفق العام في المبنى المركزي وتوقيفه".
وقالت مصادر مواكبة لهذه القرارات لـنا إن بيان مجلس الادارة يظهر بلوغ الازمة حد الكي الذي لا بد منه، وان تنفيذ هذه القرارات سيضع الحكومة على محك دعم المؤسسة، خصوصاً ان مجلس الوزراء استند الى الاجتماع التي انعقد الاسبوع الماضي بين الوزراء المعنيين والذي يفترض ان يكون شكل له الغطاء السياسي اللازم.
وتزامن ذلك مع معلومات ترددت عن تداول مخرج لقضية المياومين يضمن تثبيت ألف مياوم منهم وتوزيع الاعداد الاخرى على شركات خدمات التوزيع. كما ان بعض المعلومات تحدث عن تقدم الوساطة التي يتولاها النائب سليمان فرنجيه بين الرئيس نبيه بري والنائب العماد ميشال عون مما قد ينعكس حلحلة لأزمة المياومين. وقد نظم أنصار "التيار الوطني الحر" في الاشرفية مسيرة مساء أمس من ساحة ساسين الى مؤسسة كهرباء لبنان تحت شعار رفض احتلال المرافق العامة.
وعلى الصعيد السياسي، يعقد مجلس الوزراء جلسة الاثنين المقبل في قصر بعبدا للبحث في مشروع قانون الانتخاب الذي علم ان الرئيس سليمان يستعجل اقراره وإحالته على مجلس النواب. وسيلقي سليمان كلمة في الاول من آب في مناسبة عيد الجيش تتضمن مواكبة للتطورات الداخلية والخارجية.

ميقاتي وهيغ
وفي المقابل، التقى الرئيس ميقاتي امس في لندن، التي وصل اليها لحضور افتتاح دورة الالعاب الاولمبية مساء اليوم، وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ. وأفاد المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة ان هيغ "عبر عن تقديره لما يقوم به الرئيس ميقاتي من جهود في سبيل ابعاد لبنان عن تداعيات الاحداث التي تجري حوله ولا سيما في سوريا. ورحب باجتماعات الحوار التي تعقد في لبنان وشدد على وقوف بريطانيا الى جانب لبنان ودعمه في كل المجالات. واستفسر من ميقاتي عن الجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لمساعدة النازحين السوريين الى لبنان. كما شدد هيغ على ان الحكومة البريطانية ستضاعف مساعدتها للجيش اللبناني وسيبحث في هذا الموضوع خلال الزيارة المقررة لقائد الجيش العماد جان قهوجي لبريطانيا في ايلول المقبل".
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية عدنان منصور ان كتاب الاحتجاج الذي وجهه الى السلطات السورية "جاء بالتنسيق الكامل مع الرئيس سليمان". وتحدث منصور عن مقتل خمسة لبنانيين داخل سوريا، مشيرا الى "أن جثثهم لا تزال هناك". وقال: "ما نريده هو وقف أي عملية تسلل من لبنان واليه".
ويشار في هذا السياق الى ان انصار الشيخ أحمد الاسير نفذوا مساء امس اعتصاما على الطريق البحرية في صيدا تحت عنوان "شكر رئيس الجمهورية على موقفه من الحدود الشمالية وشجب موقف وزير الخارجية". وقد حصلت حوادث ومشادات خلال الاعتصام مع عدد من المارة.   

السابق
السفير: المياومون: مساعٍ تسابق التصعيد
التالي
تجربة فتح الإسلام معيار لضبط الحدود؟