إنشقاق طلاس حقيقة أم خدعة؟

لم يكن ابن مدينة الرستن في سوريا وأحد أعمدة نظامها العميد مناف طلاس ليتمكّن من الخروج من سوريا لو لم يحصل على موافقة مسبقة من الرئيس السوري بشّار الأسد، لِما يتمتّع به هذا الرجل من منصب حسّاس داخل أجهزة الدولة ومن ومكانة عالية خصوصاً داخل عائلة الأسد.
في العام 1998 وأثناء تمضيته عطلة الصيف في لبنان، وتحديداً في منطقة فردان في بيروت متنقلاً بين احضان المراكز الأمنية التي كانت تخضع في حينه لسيطرة المخابرات السورية، نسج مناف طلاس أهمّ علاقاته مع العديد من الشخصيات السياسية والأحزاب في لبنان، ولم يكن يومها ذاك الضابط مدركاً لهموم الحياة ومصاعبها كونه مدلّل والدته ووالده العماد مصطفى طلاس، صاحب الاسم الذي كان مجرّد ذكره يكفي لإثارة الرعب والخوف في نفوس اللبنانيّين وتحديداً أهالي بيروت.

وجود طلاس في لبنان، في ذلك الوقت، جعله محطّ أنظار العديد من السياسيّين والعسكريين اللبنانيين وخصوصاً لدى بعض قيادات "حزب الله" الذين رأوا فيه نافذة يمكن الإطلالة من خلالها للتعرّف إلى الداخل السوري بهدف تسهيل وتوسيع نشاطاتهم المتعدّدة من خلال تزويدهم ببطاقات أمنية ختم عليها "مكتب العماد مصطفى طلاس"، خصوصاً أنّ علاقات الحزب في حينها شهدت تأرجحاً كبيراً مع شخص رئيس فرع الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية العاملة في لبنان العميد غازي كنعان قبل أن يصبح برتبة لواء.

وبناءً على ما تقدّم تؤكّد أوساط سياسية بارزة في حديث لـ"الجمهورية" أنّ "العميد مناف طلاس الذي قيل إنّه انشقّ أخيراً عن النظام السوري كان منذ شهرين تقريباً في بيروت مع مجموعة من الأصدقاء اللبنانيّين والسوريين، وإنّ الرجل دخل الضاحية الجنوبية لعقد لقاءات مع ضبّاط من الحرس الثوري الإيراني بهدف وضعهم في آخر التطوّرات الميدانية في سوريا"، وتجزم بأنّ "القيادة الإيرانية، ومن خلال أولئك الضبّاط، هي التي نسّقت خروج طلاس من سوريا بمعرفة ورضى الرئيس السوري".

وتكشف الأوساط أنّ طلاس وبالتنسيق مع الأسد "أودع الإيرانيين في ذلك اللقاء خرائط عسكرية فائقة الأهمّية تحدّد أماكن الأسلحة الاستراتيجية من صواريخ عابرة يقال إنّ معظمها مجهّز برؤوس كيماوية صنع روسيا وكوريا، وهذا الأمر يدلّ على أنّ النظام السوري بات على المحكّ، وبقاؤه في السلطة قد يحسمه الروسي والصيني خلال الأسابيع القليلة المقبلة"، وتلفت إلى أنّ "هناك خشية كبيرة لدى الإيرانيّين من أن تقع تلك المخازن في قبضة الثوّار الموجّهين أميركيّاً في حال شارف النظام على نهايته".

وتشير الأوساط نفسها إلى أنّ "لطلاس دوراً سياسيّاً بارزاً سيظهر لاحقاً، وهو يعكف حاليّاً على دراسة متأنية لقيادة معارضة جديدة تحظى بموافقة الغرب والبلدان العربية، سيتمّ الإعلان عنها من باريس في الوقت الملائم، ولذلك سيسعى طلاس إلى مفاوضة هؤلاء على المبدأ الآتي: إمّا أن أكون أساسيّاً في السلطة المقبلة، وإمّا الخراب والدمار والحرب المذهبية".

وتضيف: "في حال تقرّر دعم طلاس للوصول إلى رئاسة سوريا فسيُعتبر ذلك انتصاراً جزئيّاً للأسد كون الأوّل هو الوحيد القادر على حماية رؤوس كثيرة من داخل النظام وفي طليعتهم بشّار الأسد وشقيقه ماهر وبعض المحسوبين عليهم".

وختمت الأوساط بالقول: "إذا كان خروج مناف طلاس من سوريا ما زال حتى الساعة لغزاً محيّراً، فإنّ الأيام المقبلة ستفضح الكثير من خباياها، وأولى تلك الفضائح التنسيق والتعاون الوثيق بينه وبين المخابرات الإيرانية والفرنسية، وسيظهر للجميع أنّ انشقاقه لم يكن سوى خديعة مدبّرة بمعرفة بشّار الأسد نفسه هدفها حماية رؤوس كبيرة بعد أن تتدحرج كرة النظام وتسقط".  

السابق
ماذا لو استقال ميشال سليمان؟
التالي
الشبّيحة!