الشرق الأوسط: الرئيس اللبناني: لا يحق لسوريا أن تقوم بعمليات عسكرية في شمال لبنان لأن هناك جيشا ودولة

عاد الرئيس اللبناني ميشال سليمان "مرتاحا" من زيارة العمل التي قام بها إلى فرنسا التي توجها بلقاء مع الرئيس فرانسوا هولاند استكمل على عشاء عمل وتخللتها "خلوة" طالت أكثر مما كان منتظرا لها. وبختام يوم طويل (الخميس) حفل باجتماعه بالرؤساء الثلاثة "الجمهورية ومجلسي الشيوخ والنواب"، التقى سليمان مطولا في أحد الفنادق الباريسية ممثلين عن الصحافة اللبنانية والعربية. ورغم رغبة معاونيه في استعجال إنهاء اللقاء الصحافي، فإن الرئيس بدا راغبا في المزيد من حوار اتسم بالصراحة "في حدود المعقول" وبالحدة أحيانا. وبالطبع، طغت الأزمة السورية بامتداداتها "الموجودة والممكنة" على الحديث، ناهيك عن لقاءات الرئيس الرسمية ونتائجها السياسية والعملية.
وبما أن يوم الخميس شهد تصعيدا متزايد أعلى الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا، وكذلك في البقاع، فقد حرص سليمان على التعبير عن موقف متشدد؛ إذ اعتبر أنه لا يحق لسوريا أن تقوم بعمليات عسكرية في الشمال لأن هناك جيشا "لبنانيا" وضمانة الاستقرار هي الدولة والجيش. ولمن يروج أن للمعارضة السورية المسلحة مراكز تدريب في شمال لبنان، فقد كذب سليمان هذا القول، وأكد أن كافة التقارير الأمنية التي يتلقاها واللقاءات التي يعقدها مع المسؤولين عن الأمن لا تذهب في هذا الاتجاه. وكشف سليمان أنه تحدث مع الرئيس السوري هاتفيا لآخر مرة قبل ثلاثة أسابيع، ولم يكن في الحديث "عتاب". غير أنه تحاشى الكشف عن مضمون مكالمته كما رفض الحديث عن الانطباعات التي تكونت عنده عن الطرف الآخر بسبب هذا الاتصال.
ويبدو الرئيس اللبناني "واثقا" من قدرة الدولة على السيطرة على الوضع الأمني في لبنان رغم "الخروقات" والأحداث المتنقلة بين المناطق. وإذ اعتبر أنه يشعر بالقلق، فإنه نفى أن تكون لديه مخاوف، وهي الصورة التي نقلها إلى المسؤولين الفرنسيين الذين طمأنهم لثبات واستقرار لبنان في الوقت الذي لا تفوت فرنسا مناسبة إلا وتعبر فيها عن قلقها من انعكاسات الأزمة السورية على لبنان وعلى أمنه واستقراره.
وذهب سليمان إلى حد اعتبار أنه لن تحصل أية تداعيات في لبنان حتى إن تغير النظام في سوريا لأن ما يختاره الشعب السوري فإن لبنان يؤيده. وبرأيه، فإن علاقات لبنان لا ترتبط بأشخاص مهما تكن هوية هذه الدولة.
ورد الرئيس سليمان بقوة على من يروج لمقولة أن لبنان دخل في مرحلة "ما قبل حرب أهلية" مخففا من أهمية الأحداث الحاصلة لأنها لن تشكل حالة اضطراب أمني كبير، كما أنها ستبقى تحت السيطرة حتى ولو تكررت. وبرأيه أنه كما تجاوز لبنان انعكاسات الأحداث السورية منذ 15 شهرا، فإنه قادر على تجاوز المقبل منها، منوها بأهمية تعزيز انتشار الجيش اللبناني على الحدود المشتركة بصورة فعالة، وهو ما من شانه أن ينزع الشكوك ويوقف التسلل.
غير أن الرئيس اللبناني الذي لقي تفهما وترحيبا فرنسيين رغم ابتعاد المواقف بين بيروت وباريس من الأزمة السورية وحرص لبنان على "النأي بالنفس" بينما تسلك باريس خطا متشددا إزاء النظام السوري – حذر من أي تدخل عسكري خارجي في سوريا ومن تبعاته.
وقال سليمان:"نحن ضد أي تدخل (عسكري) دولي لأنه لن يكون في مصلحة سوريا ولا في مصلحة الديمقراطية لا في سوريا ولا في العالم العربي". ورأى أن هناك شرطين أساسيين لأي تغيير ديمقراطي؛ أولهما، أن تشارك فيه جميع المكونات في إشارة واضحة لضرورة ضم الأقليات الموجودة في العالم العربي إليه حتى لا تشعر أنها مهمشة، والثاني أن يترافق ذلك مع فرض العملية السلمية على إسرائيل وفق خطة السلام العربية التي تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002. وبرأيه، فإن الحل "المثالي" في سوريا يقوم على رعاية عملية سياسية تعتمد على حوار بين كافة الأطراف للوصول إلى دستور وقانون انتخابي يقبل به السوريون، وواضح أن الرئيس سليمان لا يؤمن لا بالحلول الأمنية ولا بالتدخلات الخارجية.
وفي باب النأي بالنفس، كشف سليمان أن لبنان رفض دعوات لحضور الكثير من المؤتمرات الخاصة بسوريا، ذاكرا منها اجتماع "لجنة العمل" التي التقت في جنيف نهاية الشهر الماضي ومؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" في باريس في 6 يوليو (تموز) الحالي.
واقتصاديا، أكد سليمان أنه طلب من الرئيس الفرنسي ضم لبنان إلى ما يسمى "شراكة دوفيل" التي أطلقتها مجموعة الـ8 للدول الأكثر تصنيعا في قمة دوفيل في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي لدعم التحولات إلى الديمقراطية في بلدان "الربيع العربي" وضم إليها لاحقا المغرب والأردن. وبحسب سليمان، فإن لبنان يتمتع بالديمقراطية منذ ستين عاما، وهو جدير بأن يكون طرفا في هذه الشراكة.
وعرض الجانب اللبناني للأعباء الإضافية المترتبة عليه بسبب تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيه وما يستوجبه ذلك من "تضحيات" لبنانية. وفهم أن الجانب الفرنسي وعد بالمساعدة. كذلك وعد هولاند بتلبية دعوته لزيارة لبنان التي وجهها إليه الرئيس سليمان.
وكان الرئيس الفرنسي هولاند قد قال للصحافة عقب لقائه سليمان: "فرنسا تقدم كافة الدعم للبنان في الأوقات الصعبة بالنظر لما هو جار في سوريا"، مضيفا: أن "باريس تساند ما يقوم به الرئيس سليمان والحكومة اللبنانية للمحافظة على وحدة وسلامة وتطور لبنان". كذلك طمأن هولاند ضيفه اللبناني ببقاء القوة الفرنسية في إطار "اليونيفيل".

السابق
السنيورة تعليقا على مجزرة التريمسة: الأمر لم يعد بحاجة لكلام بل لأفعال
التالي
اللواء: بيرنز يثني على احترام لبنان إلتزاماته الدولية ويرحّب بالكرم اللبناني مع النازحين السوريين