مع اعلان قيادة الجيش «المباشرة بتعزيز الانتشار شمالا من طرابلس وضواحيها، وصولا الى الحدود الشمالية والشرقية، مع تعليمات حازمة بالتشدد في حماية المواطنين، وقمع المظاهر المسلحة، ومنع التسلل والتهريب، والرد الفوري على مصادر النيران»، تتخذ سياسة «النأي بالنفس» عن الأزمة السورية، بعدا عمليا للمرة الأولى منذ 18 شهرا، تاريخ اندلاع الأزمة السورية.
وإذا كانت خطوات الجيش قد حظيت بترحيب سوري، تبلغته القنوات الرسمية اللبنانية، أمس، فإن مواقف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ويليام بيرنز في بيروت، وتلك التي رددها على مدى أكثر من ساعتين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمام نظيره اللبناني ميشال سليمان، لم تعكس اهتماما بالاستقرار اللبناني وحسب، بل بالاستثمار الاقتصادي، في قطاعات عدة أبرزها قطاع النفط والغاز وباقي القطاعات الخدماتية.
وفيما كان بيرنز يغوص مع مستقبليه اللبنانيين في تفاصيل الملفات اللبنانية، على طريقة الديبلوماسي جيفري فيلتمان، فإن هولاند، خاض مع سليمان في السياسة والانتخابات وقضايا الأقليات وتسليح الجيش والاغتيالات والتوتر السني ـ الشيعي وعكار وطرابلس والمخطوفين اللبنانيين الـ 11، فضـلا عن ملفـات المنطقة كلها، وبدا أن الجانبـين الفرنسي والأميركي، يلتقيان على حماية الاستقرار و«يتنافسـان» على «الأدوار»، خاصة بعدما شعر الفرنسيون بأن «الربيع العربي» قلـص مـصالحهم في معــظم دول المنطقة.
وفي انتظار تحديد الموعد النهائي لزيارة رئيس الجمهورية الى أنقرة، من أجل احداث اختراق في ملف المخطوفين اللبنانيين، عاد الملف المطلبي الى واجهة الاهتمام، مع تهديد العمال المياومين في «مؤسسة كهرباء لبنان» بتصعيد تحركهم الاثنين المقبل، ما لم يقبضوا رواتبهم، فيما أعلنت «هيئة التنسيق النقابيّة» وقف كل الأعمال المتعلقة بالامتحانات الرسميّة من تصحيح وتدقيق وإصدار نتائج بدءًا من الثلاثاء المقبل في جميع مراكز الامتحانات، على أن يواكبها إضراب لمدة ساعة لموظفي القطاع العام مع اعتصام أمام الإدارات العامة، ما لم تقرّ سلسلة الرتب والرواتب للأساتذة وموظفي القطاع العام والمتعاقدين والمتقاعدين.
وأمهلت «هيئة التنسيق» اللجنة الوزارية الموسعة المكلفة من قبل مجلس الوزراء دراسة مشروع قانون السلسلة حتى مساء الاثنين المقبل، للانتهاء من درس السلسلة، وتحويلها الى مجلس الوزراء لاقرارها، بحسب الاتفاق الذي تم بين الهيئة واللجنة الوزارية التي شكلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وقال رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب لـ«السفير»: «نحن قمنا بكل ما طلب منا، وقمنا بالتصحيح الذي يشارف على نهاياته، بينما هم يماطلون ولا ينفذون تعهداتهم، إن لجهة إقرار السلسلة في حزيران، او تاريخ التطبيق اعتبارا من أول تموز».
اضاف غريب: «امام ما استجد، فإن اللجنة الوزارية امام فرصة اعادة دعوة هيئة التنسيق الى الاجتماع معها، للاتفاق على النقاط العالقة وخاصة في موضوع الدرجات، علما ان يوم الثلاثاء سيشهد اضرابا عاما في كل الادارات والوزارات والبلديات، وأيضا تبدأ مقاطعة التصحيح.. وسـنكون الثلاثاء امام انتفاضة كبيرة للمرة الأولى في تاريخ القطاع العام في لبنان».
وقال الرئيس ميقاتي لـ«السفير» ردا على سؤال حول التحرّك المطلبي المستجد: «انا حريص على البلد، ومن هذا المنطلق أقوم بعملي وأمارس مهماتي، وأبذل جهدي في كافة الامور، وأقول إن من لديه حلول لكل الامور فليتـفضل ويقدمها، نحن نقوم بعملنا بكل هدوء وتأن ومسـؤولية، وبالتالي كل شيء في وقته». وعلم أن ميقاتي الذي سافر في إجازة خاصة مع عائلته، سيلتقي هيئة التنسـيق النقابيـة الاثنين المقبل، على أن يطرح الملف المطلبي على طاولة مجلس الوزراء الأربعاء، والتي ستناقش إصدار دفعة جديدة من التعيينات الادارية (تعيين المدير العام لوزارة الثقافة).
وسط هذه الأجواء، اكتملت التحضيرات اللوجستية من قبل وزارة الداخلية، لاجراء الانتخابات الفرعية في قضاء الكورة، غدا الاحد، لملء المقعد الارثوذكسي الشاغر بوفاة النائب «القواتي» فريد حبيب. وأكد وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» ان كل اجهزة الوزارة جاهزة لإتمام هذا الاستحقاق، وقال: «لقد تم توفير كل الاجراءات لانجاز الانتخابات في اجواء طبيعية وديموقراطية وهادئة وسليمة، وآمل ان تتم من دون ضربة كف».
يذكر أن فريق الأكثرية تبنى مرشح «القومي» وليد العازار، بينما تبنت المعارضة مرشح «القوات» فادي كرم.
