اللواء: شبح الفتنة يُسابق حوار الإستراتيجية الدفاعية وخطّة شربل

الجلسة الثانية لطاولة الحوار التي انعقدت أمس في 25 حزيران، وفتحت الباب لجلسة استكمالية بعيدة نسبياً، في 24 تموز، قاربت ملف سلاح حزب الله، لكنها حددت التصوّر الذي كان سيقدّمه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في جلسة أمس موضوعاً رئيسياً ومنطلقاً للمناقشة في موضوع الاستراتيجية الدفاعية ومن ضمنها السلاح.
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ "اللواء"، أن إعلان بعبدا رقم 2 الذي يتضمن تصوّر سليمان، والذي كان من المفترض أن تخرج به الجلسة ارتؤي أن يؤجّل إلى جلسة أواخر تموز، ريثما تكون تطورات المنطقة قد جلت، ولا سيما الأزمة السورية، وأن يكون هناك متسع من الوقت أمام الأطراف لتقديم ملاحظات وتصورات تنقذ الاستراتيجية من الخلافات وتسمح بالتفاهم الوطني حولها في توقيت يكون أكثر ملاءمة من اليوم.
على أن نجاح الرئيس سليمان بإنقاذ طاولة الحوار وإلزام المتحاورين من 8 و14 آذار التمسك بها، وسط معلومات دبلوماسية عن ضمانات أُعطيت بأن قوى المعارضة سوف لن تُقدم على خطوة تُضعف الحوار كخيار لحل المشاكل الخلافية في البلاد، قابلته ليلاً تداعيات هي أشبه بحرائق على طريق الحوار، إذ انتقلت التشنجات الكلامية إلى ممارسات عدائية على الأرض، بدءاً من استهداف قناة "الجديد" بإحراق دواليب وعراضة تهويلية نفّذها مجموعة من الشبان الملثمين، جرى التعرّف على أحدهم وتوقيفه ويدعى وسام علاء الدين المعروف "بالبطل"، فيما كان لافتاً أن مجموعات من أصدقاء ومعارف الموقوف عمدت ليلاً الى قطع الطرقات في محلة الرينغ (جسر فؤاد شهاب) وتقاطع بشارة الخوري وسليم سلام ومحطة الضناوي وأطلقت سيارة النار على مبنى الكونكورد في فردان في وقت نفّذت الأجهزة الأمنية مداهمات في الخندق الغميق وزقاق البلاط حيث يقطن الموقوف.

واللافت أن حوادث محطة "الجديد" والحوادث الأخرى المشابهة لها، والذي حرص وزير الداخلية مروان شربل على التأكيد بأنه ليس مغطى سياسياً، جاء عشية الشهر الأمني الذي يبدأ غداً الأربعاء، لفرض الأمن في البلاد، لافتاً إلى أن الاجراءات الأمنية التي ستتخذ خلال هذا الشهر، لن تتوقف عند حدود الـ 30 يوماً، على غرار شهر التسوّق، بل ستمتد إلى الأيام اللاحقة، بحيث يؤمل بأن يكون شهر رمضان شهر أمان لا يكون فيه قطع طرقات ولا حركات احتجاجية يكون لها مردود أمني سلبي.
وأوضح الوزير شربل ل"اللواء" أن الخطة الأمنية تهدف إلى تقديم صورة للعالم والعرب أن لبنان واحة أمان، وانه لا يجوز لأي كان، إذا خطر على باله، أن يُطلق النار أو يقطع الطرقات، مشيراً إلى أن الخطة على مدار شهر تهدف إلى التأكيد أيضاً أن الأجهزة الأمنية موجودة وتقوم بدورها في كل المناطق اللبنانية.

الحوار
ووصفت مصادر المشاركين في طاولة الحوار، جلسة أمس بالجدية، مشيرة إلى أن الجميع كان متفهماً لأهمية الحوار في هذه المرحلة لتنفيس الاحتقان الداخلي.
وبحسب هذه المصادر، فان الرئيس سليمان قال عندما طرح على المتحاورين السؤال: "لماذا السلاح؟"، اعرب البعض عن استيائه، وكان هناك بعض اللوم من قبل البعض، لكن الحقيقة أن هذا السؤال جاء استناداً إلى المسؤولية التي يتحملها كرئيس للجمهورية خصوصاً وأن هذا السلاح يقسم اللبنانيين ويفرقهم، وهو كان أشار في ختام مداخلته إلى جهوزيته لطرح تصور لاستراتيجية وطنية دفاعية متكاملة، على ان يوزعها على المتحاورين مع بداية الجلسة المقبلة في 24 تموز المقبل.
وعُلم أن معظم المجتمعين قد تحدّثوا في ظل انقسام حاد إزاء ملف السلاح ومسؤوليات الحكومة ودعوة فريق الرابع عشر من آذار الى رحيلها. فيما اعتبر رئيس الجمهورية أن موضوع الحكومة ليس مدرجاً على جدول الأعمال.
وعلم أيضاً أن الرئيس أمين الجميل والرئيس فؤاد السنيورة والنائبان جان أوغاسبيان وميشال فرعون قد تحدّثوا بخطاب واحد التزم بالنقاط الثلاثة المتفق عليها مسبقاً ،وهي ضرورة المضي بتنفيذ القرارات السابقة لطاولة الحوار، وحل موضوع سلاح حزب الله، وتشكيل حكومة انقاذ وطني.
كما كان الرئيس نبيه بري نجم الجلسة بمداخلة تناول فيها تاريخ القضية الفلسطينية، وتحرير الأرض في العام 2000 ولبنانية مزارع شبعا، معتبراً أن استمرار الإحتلال لها هو الذي يشكل مساً بالسيادة وليس سلاح المقاومة الذي حرّر الأرض.
وتناول رئيس المجلس ضرورة منع قطع طريق المطار،من قبل الجيش.
وعلم أيضاً أن جدالاً سياسياً قد دار حول مزارع شبعا. واشار الرئيس السنيورة الى ان كل الاطراف من اسرائيل الى النظام السوري الى الاطراف اللبنانية كانت ترفض التوصل الى حل لمسالة مزارع شبعا ورغم الاتفاق على ترسيم وتحديد الحدود لم ينفذ. وكانت هناك مصلحة متقاطعة بعدم حل هذه المسالة لكي تبقى قابلة للتحريك كل ما أراد طرف ذلك.
وكان لرئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية مداخلة ملفتة وصريحة، وتوجه إلى فريق 14 اذار بالقول: ان هذا السلاح هو سلاح استراتيجي لـ "حزب الله" ومعروف مصدره ووجهة استعماله، فاذا حصلت متغيرات ايجابية لصالح النظام السوري فمبروك علينا السلاح، اما اذا تغير النظام فمبروك عليكم هذا السلاح".

اما النائب محمد رعد فكانت له مداخلة اتهامية ضد فريق الرابع عشر من آذار حيث توجه اليهم بالقول: "انتم تريدون نزع سلاحنا واعطاء هذا السلاح للجيش اللبناني اما الهدف فهو الاستيلاء على الدولة وما فيها، وهذا هو همكم الاول والأخير ولا تتحملون فكرة ان يكون هناك فريقا او موقفا آخر غير موقفكم".
ووصف رد رعد بأنه كان صلباً في مضمونه وسلساً في ظاهره، مؤكداً بأن هذا السلاح هو الذي استرجع الأراضي التي احتلتها اسرائيل، وهو يقف دائماً إلى جانب الدولة.
ودعمه في هذا الموقف كل من النائب اسعد حردان والنائب طلال ارسلان.

الى ذلك، قدّم النائب ميشال المر تصوّراً جديداً للإستراتيجية الدفاعية، من سبع صفحات فولسكاب، أكد فيه ان " المطلوب اجماع وطني واستراتيجية دفاعية يتوافق عليها اللبنانيون.
وأكد ان " الجيش اللبناني هو الذي يقرّر لماذا يستعمل السلاح ومتى وكيف وأين، وهو الذي يخضع لقرارات مجلس الوزراء التي تتخذ وفقاً لمبدأ المحافظة على الشراكة.
وركّز على ان نزع السلاح المنتشر داخل المدن وخارجها قد اتخذ قرار بشأنه في مؤتمر الحوار الوطني في الدوحة،وإعلان بعبدا تطرّق الى الموضوع بشمولية يمكن اعتمادها لإيجاد حل لمشكلة السلاح".
واكد أن المطلوب أن يعالج مؤتمر الحوار الوطني كل الأوضاع المتردية قبل فوات الأوان بتنفيذ ما جاء في "إعلان بعبدا".

ولاحظت مصادر مطلعة ان حزب الله وللمرة الاولى قبل مبدأ مناقشة سلاحه دون ان يعلن طبعاً انه جاهز للتخلي عنه او تسليمه، إذ أنه وبعدما كان الحزب يرفض مجرد البحث في السلاح، قبل في جلسة امس مبدأ البحث وبدأ في إعطاء التبريرات حول تمسكه بهذا السلاح، بحيث أصبح السلاح قابلاً للبحث من زاوية تبرير وجوده بعدما كان حتى الأمس القريب مقدساً خارج اي بحث او جدول أعمال.
ووفق البيان الرسمي الذي صدر في نهاية الجلسة، فإن المتحاورين توصلوا الى توافق من سبع نقاط وهي:
– ضرورة الالتزام فعليا ببنود اعلان بعبدا ولا سيما ما يتعلق منها بالتهدئة الامنية والسياسية والاعلامية ودعم الجيش.
– استئناف البحث في الاستراتيجية الدفاعية ومن ضمنها موضوع السلاح في الجلسة المقبلة.
– التمني على الحكومة وضع الآليات المناسبة لتنفيذ القرارات السابقة لهيئة الحوار. كما التمني عليها متابعة تنفيذ قرارات وثيقة الوفاق الوطني وهيئة الحوار الخاصة بالموضوع الفلسطيني من جوانبه كافة.
– التأكيد على عدم جواز اقتناء او استعمال السلاح في الداخل ورفع الغطاء السياسي عن هذا السلاح. والتأكيد على ان لا بديل من الحوار لأجل التوصل الى استراتيجية وطنية دفاعية ومن ضمنها موضوع السلاح.
وأكد مصدر وزاري لـ"اللواء" انه لا يجوز نعي الحوار، او القول ان لا فائدة منه، وانه مضيعة للوقت، مشدداً على ان مجرد التئام طاولة الحوار، او تحديد موعد جديد لانعقادها يريح البلد، ويخفف من منسوب التشنج الحاصل.
وقال: إن جلوس قادة الحوار وجهاً لوجه يبقى افضل بكثير من الجسور المقطوعة، وان هذا بحد ذاته يبعث على الارتياح في امكانية الوصول الى قواسم مشتركة حيال الملفات الخلافية.
واستبعد ما يقال عن امكانية تغيير حكومي متسائلاً عما اذا كان بالامكان ايجاد البديل في هذا الظرف؟.
 

السابق
الشرق الأوسط: لبنان: جلسة الحوار المقبلة تبحث سلاح حزب الله
التالي
الحياة: السنيورة ذكر بترسيم الحدود في شبعا ورعد تحدث عن ضمانات حول الداخل