أهل العتمة

مهضوم وزير التربية اللبناني.. يرى ان الحل لأزمة انقطاع التيّار الكهربائي هو في تحويل القطاع كله إلى وزارته!
وكأنه يقول، ان الوزير العوني الفاشل يحتاج إلى تربية وتدريس وتعليم إضافي كي يتمكن من إدارة وزارة على ذلك القدر من الأهمية الخدماتية والاجتماعية والاقتصادية والمعنوية. وان وزارة التربية هي المكان الملائم لكل ذلك، علماً انها بدورها تعاني معضلات فعلية نتيجة "تعتيم" دور الوزير نفسه لمصلحة مستشارين يقررون عنه في الكثير الكثير من الشؤون الصغيرة والكبيرة على حدٍ سواء.
لكن كلام الوزير عن الكهرباء يعكس إلى العلن بعض طقوس الأداء الحكومي الداخلي، حيث المناكفة السياسية بين وزراء الصف الواحد الممانع والمقاوم هي صنو انعدام الثقة وغياب القناعة بنقاء الطرح الإصلاحي أو براءته من الهوى المصلحي الذاتي وما يعنيه ذلك في لغة السمسرة والصفقات والعمولات ومراكمة الثروات والقدرات والطائرات!
الوجه الآخر لمعضلة الكهرباء، هو وجه ذلك الفاسد المتذاكي الذي يفترض ان بلاغته الملدوغة في الحديث عن العفّة، وشطارته في الشتم تكفيان لتغطية فساده وشبقه اللعين إلى نهب المال العام. وتكفيان لدفع الناس إلى نسيان العتمة ومسببيها وأبطالها ودوره "الرائد" فوقهم.. وتكفيان فوق ذلك، لدفع الناس إلى حكش ذاكرتها وتنقيتها من آلام الأيام السود التي مرّت عليها عندما تحكّم الإصلاحي الأول بالمدافع فعمّم ليل المآسي والبلايا في كل النواحي والزوايا، وصبغ زرقة البحر بالدم، وسبح في بحر من الأوهام والهلوسات والخراب العميم واللئيم.
..الوجه الآخر لمعضلة الكهرباء، هو وجه النهج التخريبي ذاته، الذي يحدّد في الصغيرة والكبيرة، والحرّة والأسيرة، قواعد سلوك تقوم على مسلّمة واحدة: أنا أو لا أحد. رئاستي أو لا بلد. مشروعي أو الحصار. مقاومتي أو الدمار. حكومتي أو البلاء. سلطتي أو الفناء.. من بشّار الأسد إلى الصهر الوزير ومن مصائر الدول والشعوب إلى مصائر البواخر والشركات والمولّدات، وما بينهما من موجبات الأوطان وأدواتها ومؤسساتها.
مدرسة واحدة تعتبر السؤال فضيحة، والمساءلة جريمة، والحرية ثالثة الاثافي ودرّة الفواحش. ثم ترى المشاع العام ملكاً خاصاً، والدولة الجامعة مزرعة فئوية، والجيش فرقة حماية، والوزارات الخدماتية كنوزاً تدرّ الماس والياقوت والخرز الأزرق في بطن الحوت.. مدرسة فرّخت وخرّجت أنظمة الطغيان ورعونة الطغاة. شلّعت دولاً وشعوباً، ودمّرت وأحرقت، والعمران بالأرض مسحت، ثم في التاريخ كتبت: نحن والعتمة صنوان، وسيّان ان كانت تلك فوق سوريا أو لبنان، من صنع بشار أو السعدان!…
العقول السود لا تنتج أنواراً!
 
 

السابق
بعد لجوء الطيار.. هل ينزلق الأردن إلى الأتون السوري؟
التالي
أكل شفّتها لمنعها من تقبيل غيره