هل سقطت خطة إسقاط لبنان أمنياً؟

ثمة قرار اتخذ على أعلى المستويات في دمشق لتفجير الأوضاع الأمنية في لبنان، وبأي ثمن، ومهما كانت الصعوبات، وقيل ان القرار حصل على موافقة إيرانية، وتغطية من موسكو التي كانت أول من حذر من خطورة الاحداث التي حصلت في شمال لبنان.

تأكدت هذه المعلومات من خلال مجموعة من المعطيات، جزء كبير منها خرج الى العلن، والجزء الآخر مازال طي الكتمان، إلا أن بعضه معروف لدى من تُعطى لهم كلمة السر من قبل النظام في سورية.

أما المعروف من الخطة السورية، فهو ما حصل بالفعل في الشمال ـ منه ما كان مقصودا ومنه ما حصل بالمصادفة ـ فالاشتباكات في طرابلس كانت مقصودة، ومخطط لها، إلا أن جريمة افتعال الاحداث لا تبرر بعض ردود الفعل الشنيعة عليها، كحرق بعض محلات العلويين في المدينة، أو الانزلاق السريع الى المخاطبة بلغة الشارع، وحين ذاك يصبح البادئ، بالفتنة على نفس السوية مع المنخرط فيها.

كما أن المعروف من الخطة التفجيرية أيضا، كان ما حصل في مخيم عين الحلوة، وفي طريق الجديدة في بيروت، مترافقا مع الزيارة النادرة لأمين عام الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة أحمد جبريل، ومع الاستهدافات شبه اليومية لمواطنين لبنانيين على الحدود مع سورية، من كفر قوق الى العريضة مرورا بعرسال ووادي خالد.

ووفقا لرأي أوساط متابعة، لم تكن حادثة تفجير الباص بالزوار اللبنانيين الشيعة في الرمادي بالعراق، ولا تداعيات الاختطاف بعيدة عن هذه الخطة التفجيرية المتكاملة، بصرف النظر عن حيثيات كل حادثة، وظروفها، لأنه (ووفقا للأوساط المتابعة ذاتها) لدى النظام في سورية قدرة عالية على فعل الشيء ونقيضه في الوقت ذاته، ولا يهم إذا تأذى من هذا الفعل أصدقاؤه، المهم مصلحة النظام.

وغير المعروف من الخطة التفجيرية، محاولات اغتيال ستطول قيـــادات سياســـية، وكتابا وإعلاميين، وقيادات أمنية، تسربت الى العلن بعض المعلومات عن استهدافهم.

خطة إسقاط لبنان في الفوضى الأمنية، لصرف الأنظار عما يجري من مآس في سورية، ولمفاوضة المجتمع الدولي على رهينة غالية (لبنان) ـ يعتقد قادة النظام في سورية انها مازالت بمتناولهم ـ تعامل معها اللبنانيون بحكمة وروية، وقد تم تفويت الفرصة على أصحاب هذا المخطط الى حد بعيد ـ على الاقل في الشق الذي بدا منه حتى الآن ـ وذلك من خلال شبكة الأمان التي وضعتها قيادات فاعلة، وعبر اتصالات نوعية حصلت، لعل أبرزها اتصالات رئيس الجمهورية ودعوته الى الحوار، و«قفشات» الرئيس بري التصالحية، إضافة الى الرسائل غير العادية التي بعثها الاستاذ وليد جنبلاط في غير اتجاه، ولم تكن مواقف القيادات الطرابلسية أقل أهمية، لاسيما منها مساعي الرئيس ميقاتي.

ان الدعوة الى مؤتمر تأسيس ربما لا تكون في وقتها، لكون مطلقها متهما بالسعي الى تعزيز مكانتها داخل التركيبة الحالية للدولة، وقد يثير هذا الأمر مخاوف الآخرين في توقيته، إلا أن حزب الله لم يتصرف إطلاقا على قاعدة تأزيم الأمور، أو أقله المساهمة في تفاقمها، والجميع يعرف أنه قادر فيما لو أراد ذلك.

أكثر من نصف خطة إسقاط لبنان أمنيا سقطت، تحت ضربات الوعي والحكمة التي تحلت بها القيادات اللبنانية، وكان لزيارات الرئيس ميشال سليمان الى دول الخليج الوقع الدافئ في الاوساط الاقتصادية والسياسية، لما لهذه الدول من تأثير إيجابي في الاقتصاد اللبناني المتوتر، ولما لعبته من دور في تشجيع الحوار الذي دعا اليه الرئيس سليمان في 11 يونيو.

هل يُسقط وعي اللبنانيين وقياداتهم النصف الآخر من حلقات التوتير الأمني، ويتم إنقاذ البلد من براثن الشياطين؟

الأمل بذلك متوافر الى حد بعيد، وقد يكون هذا الصيف موعودا على عكس ما يرى البعض الغارق تحت موجات هائجة من التشاؤم.
  

السابق
ليندسي لوهان تنجو من حادث سيارة خطير
التالي
سليم عون: هناك تناقض بين أفرقاء “14 آذار” بشأن المشاركة في طاولة الحوار