لكي ينجح الرئيس والإنقاذ

ليس غريباً أن يحظى الرئيس ميشال سليمان بدعم واسع، خارجي وداخلي، في مبادرته إلى إحياء طاولة الحوار وسط تصاعد المخاوف على لبنان بالدرجة الأولى، ولكونه يقدم على تحمّل مسؤوليته في وضع القوى السياسيّة كافة أمام الاختبار الانقاذي بالدرجة الثانية.
ولعل رئيس الجمهوريّة هو أول العارفين بأنه كلما أقدم وسّع قاعدة الالتفاف حول دوره ومبادراته وكسر تالياً قاعدة مزمنة هي أن السنتين الأخيرتين من ولايات الرؤساء وعهودهم هما بداية الانحدار. في ما يفعله الرئيس سليمان الآن ثمة اتجاه معاكس تماماً لهذه المعادلة ستجعله يسجّل مكسباً يبنى عليه لمزيد من تحصين الرئاسة والبلاد.

مع ذلك، ثمة نقطة جوهرية واقعية ومبدئية في موقف المعارضة لا تقل أهمية عن إبراز المبادرة الرئاسية. هذه المعارضة، بصرف النظر عن كونها الشريك الذي لا حوار من دونه، ترفع لواء حقيقة مثبتة في حماية اي حوار ودفعه نحو نتائج مجزية إذا أريد للحوار أن يبلغ مرتجاه. والأمر لا يتّصل بتغيير الحكومة كترف سلطوي، بل بوضع حد حاسم لمفهوم توظيف الحوار و"استعماله" ملهاة لتقطيع الوقت وتعويم الاخفاقات التي تسببت بها للحكومة قوى من داخلها قبل كل الآخرين من الخارج الخارجي والمحلي.
وتبعاً لذلك لن تلام قوى 14 آذار بل ستلام في حال معاكسة إن هي سلمت بحوار بلا شروط لأن ذلك يعني تسليماً لمنطق "روحوا بلطوا البحر". أقل الإيمان أن يكون الحوار مشروطاً بجدية التحاور حول الأسباب الجوهرية التي قد تتسبب بحرب أهلية مجدداً.
ثمة كثير من العوامل تجعل استحضار الحرب الأهلية بكل معناها المخيف الى لبنان مستبعدا، ولكنها مع ذلك عوامل لا تشكل ضمانات قاطعة. واذا كان لحوار بمفهوم وطني جاد أن يستثمر هذه العوامل، فهو لا يمكن ان يكون مفتوحاً، ولا يمكن ان يرتكز الى سلطة نصفية تشكلها الحكومة الحالية لئلا نقول حكومة فئوية. ما تقوله المعارضة في الحكومة هو أقل مما يقوله فيها أطرافها أنفسهم.

البلاد في حاجة الى مظلة سياسية جديدة موثوق بها ومأمونة وباعثة على الأمان. ليست مسألة "قم لأقعد مكانك".
وبمثل ما يختبر الرئيس سليمان المعارضة ويحرجها في تلبية الحوار، سيتعين عليه ان يوجه عينه الثانية الى الشركاء في "الموالاة" لاختبارهم في مسألة "الوقت المفتوح" والانجازات المهدورة على أيديهم.  

السابق
النهار: لاءات سليمان لقوى 8 و14 آذار: حوار من دون شروط وضمن اتفاق الطائف
التالي
انتخابات فرعية في الكورة قريبا