النهار: سليمان يردّ على تلميحات أنان: حدودنا مضبوطة بنسبة عالية

اتخذت قضية المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في حلب أمس بعداً جديداً وسط اشتداد السباق بين الجهود الديبلوماسية المبذولة لجلاء مصيرهم وإطلاقهم والتعقيدات الغامضة التي تكتنف ملابسات اختفائهم والجهة التي تحتجزهم.
ومع أن جانباً كبيراً من التحركات الديبلوماسية التي جرت بين بيروت التي يزورها المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا كوفي أنان واسطنبول التي عقد فيها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مروحة واسعة من اللقاءات مع المسؤولين الأتراك بدا متصلاً بانعكاسات الأزمة السورية على لبنان، فان قضية المخطوفين في حلب قفزت الى صدارة الاهتمامات في ظل عوامل سلبية ساهمت في زيادة مصيرهم غموضاً.
وكان ابرز هذه العوامل اعلان جماعة غير معروفة سابقاً تطلق على نفسها "ثوار سوريا – ريف حلب" مساء أمس عبر قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية مسؤوليتها عن احتجاز الرهائن، فيما بثت القناة صوراً للمخطوفين وجوازات سفرهم اللبنانية. ويعتبر هذا التطور الأول من نوعه منذ خطف اللبنانيين الـ 11، إشارة واضحة الى عدم تمكن أي جهة وسيطة من الجزم بمكان وجود هؤلاء. وقال ناطق باسم "ثوار سوريا – ريف حلب" إن اللبنانيين المخطوفين "هم في ضيافتنا وبصحة جيدة" وان المفاوضات لاطلاقهم "ممكنة بعد اعتذار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن خطابه الأخير" الذي كان نصرالله قال فيه إن حادث الخطف لن يغير موقف الحزب من احداث سوريا. وأضاف الناطق: "ان مشكلتنا ليست مع أي طائفة بل مع من يساعد في قمع الثورة".
ومن غير المستبعد أن يتطرق السيد نصرالله الى قضية المخطوفين في كلمة سيلقيها بعد ظهر اليوم في ذكرى رحيل الامام الخميني.
في غضون ذلك، طرحت هذه القضية في المحادثات التي أجراها أنان أمس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً أن الموفد الخاص سيلتقي اليوم الرئيس ميقاتي بعد عودته من تركيا ويعقد مؤتمراً صحافياً في السرايا قبل انهاء زيارته لبيروت بعد الظهر.
وفي المعلومات التي توافرت لـ"النهار" عن المحادثات التي أجراها أنان في قصر بعبدا، ان الرئيس سليمان أثار موضوع المخطوفين في الدقائق الأخيرة من اللقاء الذي استمر زهاء ساعة إذ بادر الى سؤال المبعوث الخاص هل لديه معطيات عن قضية خطفهم، فنفى ذلك. وسأله الرئيس "هل في امكانكم مساعدتنا في هذا الموضوع؟"، فأجاب: "كيف يمكننا المساعدة اذا لم تكن أي جهة قد أعلنت مسؤوليتها عن الخطف؟ هذا الموضوع غامض جداً وليس لدينا في سوريا اكثر من المراقبين الدوليين".
وعلم أيضاً ان الجانب الأكبر من اللقاء تناول مهمة أنان في سوريا، فشرح المبعوث الخاص المبادرة التي يتولاها من أجل وقف العنف وارساء حل سلمي للأوضاع المتدهورة، كما اطلع رئيس الجمهورية على العقبات التي تواجهها خطة النقاط الست.
وشرح أيضاً كيف انه دعا الرئيس السوري بشار الأسد الى تخفيف العنف والافراج عن المعتقلين وإطلاق الحوار. ونقل عن الأسد تساؤله "كيف يمكنه القيام بذلك وهناك تدخل خارجي في سوريا وفتح للحدود أمام السلاح الذي يأتي الى المعارضين".
وأضافت المعلومات أن الرئيس سليمان رد ضمناً على التلميح المتعلق بالحدود اللبنانية – السورية، فشدد على ان حدود لبنان مضبوطة الى حد بعيد وان الجيش والقوى الأمنية تتولى ضبطها بنسبة عالية، كما أن ضبطاً للحدود البحرية جارٍ بالتعاون بين الجيش و"اليونيفيل". وأوضح انه اذا كانت حصلت عمليات تهريب، فان القوى الأمنية تضبط هذه العمليات بدليل ضبط باخرة السلاح في طرابلس، ولا يمكن تالياً الحديث عن تهريب على نطاق واسع وأكثر هذه العمليات ضبط وهي ليست ذات حجم كبير.
وأشارت المعلومات الى أن أنان اعرب عن تخوف المجتمع الدولي، في حال انهيار الوضع في سوريا، من ارتدادات على لبنان ودول الجوار الأخرى، مشدداً على ضرورة تجنب انتقال الشرارة الى لبنان.
أما في لقائه الرئيس بري، فعلمت "النهار" أن أنان أكد عزمه على اتمام المهمة التي يتولاها في سوريا، مشيرا الى سلسلة من الايجابيات تحققت الى ان حصلت مجزرة الحولة. كما أثار موضوع ضبط الحدود بين لبنان وسوريا والعمل قدر الامكان على مكافحة تهريب السلاح. وطلب بري من المبعوث الخاص ان تبذل الأمم المنتحدة اقصى الجهود للمساهمة في اطلاق المخطوفين اللبنانيين الـ11 في حلب.

ميقاتي وأردوغان
وفي المقابل، تمحورت المحادثات التي أجراها الرئيس ميقاتي في اسطنبول مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو وكذلك مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي – مون على قضية المخطوفين والوساطة التركية فيها.
وعلى رغم تأكيد الجانب التركي لميقاتي استمرار مساعيه لحل قضية المخطوفين، علمت "النهار" ان المحادثات لم تبلور معطيات ايجايبة اذ أن المسؤولين الاتراك أبلغوا رئيس الوزراء ان القضية تبدو طويلة وتكتنفها عقبات كثيرة دخلت أخيرا على خط المساعي وجعلتها اكثر تعقيدا، ومع ذلك تعهدوا استمرار مساعيهم.
وصدر بيان مشترك عقب لقاء أردوغان وميقاتي ليلا أشار الى تأكيد أردوغان "أن تركيا ستستمر في بذل جهود كثيفة من أجل انقاذ المواطنين اللبنانيين الموجودين حاليا في سوريا". وعبر ميقاتي "عن دعم استعجال هذا الموضوع مطالبا تركيا بمواصلة جهودها المرضية والمستمرة في هذا المجال".

سليمان والراعي
الى ذلك، يقوم الرئيس سليمان اليوم بزيارة للمملكة العربية السعودية تستمر يوما واحدا ويلتقي خلالها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز. وتأتي هذه الزيارة على خلفية الدعوة التي وجهها الرئيس سليمان الى عقد هيئة الحوار الوطني في 11 حزيران. وكان العاهل السعودي تمنى على رئيس الجمهورية في رسالة وجهها اليه قبل اسبوعين اطلاق الحوار.
وعشية زيارته للسعودية استقبل سليمان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعلمت "النهار" ان البحث بينهما تناول ثلاثة مواضيع هي:
1 – اطلع الراعي سليمان على جولته في المكسيك وكندا والولايات المتحدة، ونقل اليه تحيات اللبنانيين المنتشرين وتعلقهم بالوطن والدولة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية والرئيس.
2 – الاوضاع في لبنان والمنطقة وخصوصا في سوريا وما يحصل من تطورات خصوصا على الحدود، وسبل تدارك أي خلل قد يحصل نتيجة الوضع المتوتر.
3 – أهمية دعوة رئيس الجمهورية الى الحوار في ظرف يتطلب التشاور بين الجميع بعيدا من التشنج لاستيعاب أي مشكلة قد تحصل والتأكيد ان لا سبيل الى حل المشكلات بين أبناء الوطن الواحد، إلا الحوار عوض التصلب المتبادل، انطلاقا من ايمان رئيس الجمهورية بأهمية الخطوة التي أقدم عليها وتمسكه بالدعوة الى الحوار، ومن ايمان رأس الكنيسة المارونية بالشعار الذي أطلقه منذ اعتلائه السدة البطريركية وهو "شركة ومحبة".
كذلك علم ان الراعي أيد التحرك الذي سيبدأه رئيس الجمهورية في المملكة العربية السعودية
اليوم ويشمل لاحقا دول الخليج لتأكيد "علاقة الاخوة والصداقة بين زعماء هذه الدول وشعوبها واللبنانيين بجميع طوائفهم"، وذلك سعيا الى اقناع المسؤولين في هذه الدول بالعودة عن تحذيرهم لرعاياهم من التوجه الى لبنان.

السابق
السفير: أنان للبنان: منع تهريب السلاح والمسلحين إلى سوريا
التالي
متى يبقّ كل البحصة؟