شعرة صغيرة كي نميّز ؟!

بين الخطأ والخطيئة، شعرة صغيرة وغالباً ما يجتاز البشر، ذاك الخط الأحمر الفاصل بينهما، في علاقتهما الإنسانية، فتكون بداية أزمة العلاقات التي تبدأ ولا تنتهي، فسلوك البشر غالباً ما هو مرتبط بموزاييك من الانفعالات والمشاعر من جهة، وبردات فعل هي صنيعة الـ «أنا» وهي تختلف بين شخص وآخر.
كل الأديان والشرائع تحدثت عن الخطأ والخطيئة، وقامت على مبدأ ان البشر «خطاؤون» بطبعهم، من هنا كانت الحاجة الى التسامح والغفران، ولكن في زمن عربي قائم على الغضب وتعدد الأزمات والانفعالات، وكثرة القضايا، قد لا يكفي علم النفس بما له من ركائز ونظريات على تحديد معنى الخطأ والخطيئة، فلكل منا تجاربه الخاصة، وحياته المختلفة، وما قد يكون خطأ بالنسبة إلينا، قد يتحوّل الى خطيئة بالنسبة لغيرنا، وهكذا دواليك.

قصص كثيرة عشناها ونعيشها في مجتمعاتنا البشرية، تعطي إشارة الى حجم الأخطاء والخطايا، التي وضعت حدا الى الكثير من العلاقات البشرية، وفي أحيان كثيرة قد يكون الفعل خطأ، الا ان ردة الفعل تتحوّل الى خطيئة، ودوما هو صراع الحياة بين «ما اقبل» و«ما تفعل» وغالبا ما تشكل القيود الاجتماعية المفروضة مادة مساعدة لإعطاء الكم الهائل من الأخطاء التي ترتكب بفعل ظلم المجتمع الانساني.
للجيل الجديد في العالم المتعولم اليوم، مفاهيم جديدة حول الخطأ والخطيئة وإمكانية التسامح والغفران، فالحياة الاجتماعية الحديثة التي يعيشها جيل اليوم غيّرت كثيرا في فكرة المفاهيم الاخلاقية، وحدود التفريق بين ما هو مقبول وما هو مرفوض، ما هو خطأ وما هو خطيئة، وبالمجمل فإن ثمة التسامح التي ميّزت الجيل القديم باتت خجولة جدا عند جيل اليوم.

محمد حنون، له نظرية خاصة عن فكرة الخطأ والخطيئة، يقول: «أنا من النوع الذي «اطنش» كثيرا لذلك فإنني لا أحاسب كثيرا على الأخطاء، الا إذا كان هذا الخطأ من النوع الكبير فإنني لا استطيع ان لا أبالي تجاهه خصوصا إذا كان مرتبطا مثلا بالخيانة أو الطعن بالظهر عندها لا بديل عن قطع العلاقة مع الشخص المعني».
ويرى محمد انه مهما كان الخطأ يجب أن يكون هناك تسامح، لان كل البشر يخطأون، وعلينا أن نتحمل بعضنا بعضا، وطريقة البشر تختلف في النظر الى الخطأ حسب التقاليد الاجتماعية للفرد.

حينما تُسأل لميا بنداق عن مفهومها للخطأ والخطيئة، تُسارع الى القول «الكذب مش مسموح»، رغم اقرارها ان الكذب باتت حالة طبيعية في مجتمع اليوم، وبتنا نتعاطى معه بشكل طبيعي، والصدق بات سمة نادرة جدا.
وتستفيض لميا في الحديث عن المسموح والغير مسموح في قاموسها، فتعتبر ان الأمور العادية التي تمر في حياتنا اليومية يمكن أن نسامح عليها، أما القضايا الكبيرة التي تصل الى حد الخطيئة، فإننا لا يمكن أن نسامح حولها، وتتابع «رفيقتي إذا بتصاحب رفيقي مستحيل أن اسامحها»، ولكن هناك بعض الأمور مثل الكذب الأبيض والتصرف المحدود يمكن لنا أن نسامح به لأننا بشر.

تجزم سالي مزهر ودون تردد بأن الخطأ هو الخطأ، والخطيئة هي خطيئة، ويمكن بسهولة التمييز بينهما ولا يمكن التعايش مع انسان ارتكب الخطيئة، اما الخطأ فهو أمر بشري يستمر مع حياة الانسان ولا بد من المسامحة، وتقول سالي: «مفهوم الخطأ يختلف بين جيل وآخر ومجتمع وآخر، وذلك حسب معايير القيم الاخلاقية والانسانية التي تعيشها آي مجموعة بشرية».  

السابق
الإمتحانات تحت صوت الرصاص
التالي
العثور على جثة الغريق احمد عودة في صيدا