المخزون النفطي في المواجهة مع إيران

دفع الرئيس باراك اوباما زملاءه في مجموعة الثماني الى التأكيد على استعدادهم لاستخدام المخزون الاستراتيجي لدولهم في حال حدثت انقطاعات نفطية في مستقبل قريب. ان هذا الاستعداد الذي عبرت عنه الدول الثماني في بيانها الختامي في كمب دافيد له هدفان: الاول الضغط على ايران وتخويفها قبل اجتماع بغداد اليوم (الاربعاء) مع الدول الست حول ملفها النووي. والهدف الثاني هو الضغط على الاسواق كي يتم تخفيض اسعار النفط. ان انتاج ايران من النفط تأثر بشكل كبير من العقوبات المالية الاميركية والاوروبية، وابتداء من اول تموز (يوليو) يبدأ تطبيق العقوبات الاوروبية على النفط الايراني، فالعقوبات على ايران موجعة للنظام وللدولة، وابتداء من آب (اغسطس) ستجبر الدولة الايرانية على توقيف تشغيل بعض حقولها النفطية، وهذا وفق الخبراء النفطيين تطور سيء، لأن إغلاق الحقول قد يجعل من الصعب اعادة تشغيلها. وحالياً تم تخفيض الانتاج الايراني ولكن لم توقف ايران بعد عدداً من حقولها عن التشغيل. فحالياً انخفض الانتاج الايراني بحوالى ٤٠٠ الف برميل في اليوم الى ٣.١ مليون برميل. وهناك حوالي ٣٠٠ الف برميل من النفط تخزنها ايران على البواخر في البحر ولا تتمكن ايران من بيعها. فقرار الدول الثماني باستعدادها لاستخدام مخزونها الاستراتيجي هو حالياً لتخويف ايران ولكن بإمكانها أيضاً استخدام المخزون اذا بقيت اسعار النفط تتجه الى الارتفاع مما يؤثر سلباً على انطلاقة النمو الاقتصادي التي يريدها أوباما لإعادة انتخابه، فالمخزون الإستراتيجي الأميركي يبلغ ٧٤٠ مليون برميل وبإمكان الولايات المتحدة تخفيضه الى ٦٠٠ مليون بسهولة. ورغم ان السعودية تنتج حوالى ١٠ ملايين برميل في اليوم بقيت أسعار النفط مرتفعة، رغم أنها تراجعت في الاسبوع الماضي بشكل ملموس.

إن استخدام المخزون الإستراتيجي كان لدى تأسيس وكالة الطاقة الدولية بمبادرة من هنري كيسنجر للتصدي لأي انقطاع نفطي من جراء حظر او حرب، وأصبح الآن آلية ايضاً للضغط على الأسعار. فواقع الحال أن الاوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط مع احتمال ضربة عسكرية اسرائيلية لإيران وحرب قائمة في سورية بين النظام وشعبه ومواجهة مع الأسرة الدولية ونظام عراقي متحالف مع ايران وسورية، كلها أحوال غير مستقرة من شأنها أن تبقي أسعار النفط مرتفعة، فأهمية استعداد الدول الصناعية الثماني لاستخدام مخزونها الإستراتيجي هو لتظهر لإيران أنها لا تخشى انقطاع النفط الايراني، وأن النظام الإيراني يعاقب نفسه وشعبه بسياسة عدائية في المنطقة. أما التطور المهم على الساحة النفطية العالمية، فهو أن أكبر سوق مستهلكة للنفط والغاز في العالم وهي الولايات المتحدة شهدت منذ ٢٠٠٥ الى الآن ثورة في قطاع الطاقة بعد ان تمكنت من انتاج الغاز الحجري بكميات كبرى ستحول الولايات المتحدة في سنوات قليلة الى المنتج الاول في العالم من الغاز قبل روسيا وقطر. إضافة الى ذلك، ونتيجة انخفاض كبير لسعر الغاز في الولايات المتحدة، تحول عدد من المنتجين المستقلين الى استكشاف وإنتاج النفط الحجري shale oil. وفي الوقت ذاته، تريد ادارة الرئيس اوباما زيادة الاعتماد على استيراد النفط من المكسيك والبرازيل، التي ستصبح في غضون سنوات منتجاً كبيراً، وفنزويلا مع سياسة اقتصاد الطاقة. اذاً، سيقل بشكل كبير في سنة ٢٠٢٠ اعتماد اميركا على نفط الشرق الاوسط، الا ان منطقة الشرق الاوسط وما يحدث فيها ستبقى اساسية بالنسبة الى الولايات المتحدة، لأن أي حدث فيها يؤثر على الاسواق العالمية واسعار النفط، فمستوى سعر النفط سيبقى العنصر الاساس المؤثر في عجلة النمو او في الركود.

السابق
الانباء: خادم الحرمين يعرب عن تخوفه من عودة الحرب الأهلية إلى لبنان
التالي
النائب الخليل يُكرم الكاتب سليقا في حاصبيا