سيناريوهات حول الوضع السوري

بعد اربعة عشر شهرا من انطلاق الثورة ضد نظام بشار الأسد، بدأت الدوائر المهتمة ترى أن الأزمة يمكن أن تتبع ثلاثة سيناريوهات:

السيناريو اليمني

يترك الرئيس السوري الحكم بعد فترة انتقالية كما فعل في نهاية السنة الماضية عبدالله صالح في صنعاء. وفي الواقع فإن كوفي أنان هو الذي أدخل هذه الصيغة. انها الخطة الأقل تكلفة بشرياً (بعد ١١ ألف ضحية من الجيش والمدنيين)، إلا أن وضعها حيز التنفذ صعب جداً.

ويعمل مساعدو السكرتير السابق لمجس الأمن على هذه الخطة تحضيراً لما بعد وصول المراقبين المكلفين مراقبة وقف إطلاق النار بين قوات الأمن والمعارضين لها. إلا أن وقف إطلاق النار يجب أن يشمل ضمانات دولية مقدمة من المملكة العربية السعودية وقطر لدعمهما الثوار، ومن الروس، أبرز داعمي النظام. وهنا تكمن الصعوبة.

وهذا السيناريو مبني على ثلاثة مستويات٬ المستوى الدولي (وهو دعم الأميركيين والروس لخطة عنان)، المستوى الإقليمي (بين تركيا وإيران ودول الخليج وفي مقدمتها قطر والسعودية)، وأخيراً المستوى المحلي بين الأفرقاء السوريين من المعارضة والنظام، إذ أنه يتضمن بعض التنازلات من النظام نفسه. وهو ما يبدو بعيداً عن التحقيق حتى الآن. إذ أن المعارضة ترى أن تحقيق هذا السيناريو يتطلب بشكل مواز إبعاد عدد من رموز الفريق الأمني من عائلة الأسد. ويقول في هذا الصدد أحد المعارضين لفريق أنان الذي يدرس هذه المسألة “يمكن لبشار أن يبقى بعد نزع بعض صلاحاته لمنعه من المماطلة في هذه الفترة الانتقالية”.

وهذا ما يفسر معارضة قسم من النظام لخطة أنان، بينما القسم الذي لن يخسر شيئاً لأن لا دماء لطخت أيديه لا يعارض هذا المخرج من الأزمة. وينظر القرويون والعلويون بشكوك لهذه الخطة لأنها تعطي فسحة استراحة لأعدائهما ممسكي النظام في دمشق. ويعترف أحد المعارضين بأن “المسؤولين في الدوحة والرياض يخشون في حال أعطي النظام إمكانية إعادة تثبيت وضعه فإنه قد يعمد إلى الانتقام بشن حملة اغتيالات لمسؤولين قطريين وسعوديين في الخارج”.

السيناريو الليبي

يحصل هذا في حال تجاوز المجتمع المدني انقساماته وتم تشكيل تحالف دولي لإزاحة بشار الأسد من الحكم. وفي هذه الحال يقود الحلف الأطلسي الحملة ويطلقها بعد عدة هجمات للجيش السوري ضد الثوار اللاجئين في التركيا بحيث تفعِّل أنقرة المادة الرابعة من اتفاقية “الناتو” للدفاع عن أراضيها. وقد تطرقت تركيا لأول مرة إلى هذا الاحتمال بعد تعرض أراضيها للقصف.

لن يتحرك الجيش التركي من دون دعم “الناتو” وسوف يكون الهدف هو إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية ليتمكن الثوار من التقدم ولتشجيع الانشقاقات من الجيش السوري.

السؤال أين يمكن إقامة مثل هذه المنطقة؟

يفضل السعوديون أن تكون حول بلدة جسر الشغور في محافظة إدلب تمهيداً لسقوط مدينة حلب ثاني المدن السورية من حيث الوزن السكاني والاقتصادي. إلا أن الأتراك يفضلون إقامتها بين بلدة الرقعة وحلب حيث لا يوجد الكثير من الأكراد. إذ أن أنقرة تخشى في حال تقدم الجيش التركي في الأراضي السورية أن يتحرك الأكراد المدعومون من النظام السوري في الأراضي التركية. وممكن أن تتحرك قوى أخرى أيضاً. وهو في الواقع التحذير الذي وجهه آية الله خامنئي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان عندما استقباله في مشهد الشهر الماضي. وقد قال له حرفياً حسب بعض التسريبات “تتقدمون في الأراضي السورية نتقدم نحن. إن اتفاقات دفاعية تربط سوريا وإيران. في البحرين قبل العالم انتشار قوات الخليج لمساعدة الملكية السنية لدحر الثوار الشيعة”. وأنهى القائد الإيراني بالقول لأوردوغان الذي بدا قلقاً من هذه الأنباء “ وفي سوريا فإن الاتفاقات تعطينا إمكانية التدخل”.

السيناريو الأخير هو عراق صدام حسين بين عامي ١٩٩٠ و٢٠٠٣

يتمكن بشار الأسد من البقاء لسنوات طويلة. ولكن النظام يصبح معزولاً. وبالتالي لن يعود باستطاعة الرئيس وحاشيته الخروج من سوريا كما حصل لصدام وأتباعه خلال سنوات الحصار الذي فرض على بغداد من قبل الأمم المتحدة.

بعد أنهار الدماء التي تكون قد سالت، سوف يسعى النظام للإنفتاح على القبائل السنية التي بقيت نسبياً بعيدة عن الثورة. ولكن يستمر العنف وانعدام الاستقرار رغم سجن العديد من المعارضين وهروب أعداد من المعارضين خارج البلاد. رغم هذا فإن النظام سوف يكون محكوماً بالزوال ولو دام الأمر سنوات طويلة كما حصل مع العراق. ولكن يعترف الديبلوماسيون بأنه خلافاً لما حصل مع صدام حسين فإنه سوف يكون من الصعب إقامة حزام عازل حول سوريا بسبب دعم إيران والعراق ولبنان بشكل ما للنظام السوري.

السابق
تستنكر توقيف مدافع عن الحيوانات
التالي
حساسية لبنان