المفتي قبلان خطر التوطين والتقســـــيم داهم

رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من الضروري الاستعداد لمواجهة المرحلة المقبلة التي تحمل معها خطر التقسيم والتوطين لافتاً الى ان الطبقة السياسية استبدلت لغة العقل بلغة الجهل والانفاق بالنفاق.

ألقى المفتي قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وأبرز ما جاء: "… ما نعيشه اليوم بوجود طبقة من السياسيين المعاندين المستأثرين الذين تحكمهم الأنانية أوصل الأمور في البلاد لتصبح مدخلاً لأكثر من منزلق خطير، ويهدد بانفراط العقد الوطني وبتقطيع كل الأوصال التي من المؤمل البناء عليها كي تبقى الثوابت الوطنية في مأمن، والمرتكزات الأساسية لهذا البلد بمعزل عن كل ما هو قائم من تجاذبات ونكايات واهتزازات باتت غير مألوفة، لا بل يمكن وصفها بالأمر المشبوه والمشين الذي لا نجد ما يبرره سوى أنه صراع المواقع والمصالح بوسائل غير مشروعة ومواقف لم تعد مستساغة.

وأكد أن الأقنعة قد سقطت، وتكشّفت المستورات، وتظهّر المشهد العام الذي وإن اجتهد مبتكرو الحجج ومبتدعو البدع لن يتمكنوا من إخفاء ما تكشّف وطمس ما بدا من حقائق واضحة ودامغة وثابتة تؤكد بأن الجميع متورطون بإسقاط هذا البلد وإفقار ناسه وتهجيرهم، ولكن يبقى السؤال الكبير الذي يُسأل وبصوت عالٍ هذه الأيام هو لماذا ولمصلحة من وما هو الثمن المدفوع لكل هؤلاء الذين ما انفكوا يحاولون وبكل وقاحة وقلة حياء تحويل البلد إلى حلبة صراع وتدفيع هذا الشعب المسكين الذي يئنّ تحت وطأة الملفات الحياتية والاقتصادية الثمن من أجل مزايدات وسمسرات ومتاجرات وإفسادات بعض السياسيين.

أضاف المفتي قبلان:"إن الاحترابات والتهديدات والاتهامات وكل هذه العكاظيات التي لا لون لها ولا طعم من شأنها إذا ما استمرت على هذه الوتائر من التصعيد والتحشيد أن تلغي الدولة وتقضي على ما تبقى من آمال لدى أغلبية اللبنانيين الذين أملوا خيراً عندما تشكلت هذه الحكومة وأطلقت على نفسها حكومة كلنا للعمل، وإذ بها تفاجئنا جميعاً بأنها حكومة كلنا للشلل، وما يجري الآن على مختلف الأصعدة يبيّن عمق الأزمات السياسية والمعيشية والاقتصادية، فكل الوقائع بظواهرها ومخفياتها تدلل على أن البلد أصبح على مشارف الهاوية من جراء سياسة لحس المبرد التي تُمارس بدم بارد وبحماسة قلّ نظيرها، الأمر الذي عطّل الدولة وشلّ مؤسساتها وإداراتها وأدخل الجميع في الحلقة المفرغة، فلا موازنات ولا تعيينات ولا قطع حسابات، نحن في وضع لا نحسد عليه بعدما استبدلت هذه الطبقة السياسية لغة العقل بلغة الجهل، والإنفاق بالنفاق، ظناً منها بأنها قادرة على خداع الناس وإيهامهم بأنها حريصة على المال العام وملتزمة تطبيق الدستور وغير مستعدة للتهاون أو المساومة على مالية الدولة، متناسية أن ما جرى ويجري من هدر وصفقات وسرقات وسمسرات هو الذي أوصل البلاد إلى هذه الطريق المسدودة، وإلى هذا الواقع المتردي والمأزوم حيث لم نعد نعرف كيف سيصوغون مخارجه؛ فإلى متى عدم الاستشعار بالمسؤولية الوطنية! ولحساب من تدفع كل هذه الفواتير السياسية والاقتصادية! وما هي مصلحتكم أيها السياسيون ومصلحة اللبنانيين في كل هذه المعمعات التي تصطنعونها من حين إلى آخر! وهذه المواقف الاستفزازية لبعضكم بعضاً التي تسهم في زيادة فرز اللبنانيين وتعميق الشرخ فيما بينهم، هل تناسيتم أيها السياسيون أن لبنان والمنطقة بأسرها قد دخلا مرحلة هي من أصعب المراحل وأخطرها! وأن المتغيرات والتحولات المقبلة إذا لم نتهيأ ونتحضر لملاقاتها بما يضمن وحدة وأمن واستقرار البلد، فالخوف كل الخوف من أن خطر التقسيم والتوطين الذي طالما كانت الخشية منهما قد داهم الجميع".

"من هنا، ودرءاً لكل الأخطار المحدقة وتجنباً من الوقوع في المحظورات القاتلة ندعو الجميع إلى وقف المنهجيات العبثية في مقاربة الملفات السياسية والمالية والتعاطي معها بانفتاح كبير وتحسس شديد بالواجب الوطني الذي يجب أن يكون من مسؤوليات وأولويات الجميع، كما نقول لكل المرجعيات السياسية والدينية والحزبية والعمالية: إن البلد في خطر وأمام أهوال شتى إذا لم نسارع جميعاً إلى التلاقي ومدّ الأيدي وفتح صفحة جديدة من الممارسة السياسية المتعقلنة والمجدية التي من شأنها إخراج البلد من الدائرة المقفلة وإبعاده عن ساحة التجاذبات والصراعات الدولية والإقليمية وخصوصاً الساحة السورية التي يراد لها أميركا وإسرائيلياً وعربياً متأمركاً أن تكون أكثر اشتعالاً، بل إنهم يخططون لإقحام سوريا في حروب أهلية تلغي دورها وتخرجها من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي كما أخرجوا مصر والأردن عبر اتفاقيات الذل والاستسلام".  

السابق
ضاهر: 8 آذار تتحمل مسؤولية اي اغتيال في 14
التالي
فضل الله طالب بمعالجة الملفات العالقة واعتبر الوضع الامني هاجس المواطنين