هكذا قُتلت الطفولة … في بنت جبيل

لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ولأن السكوت عن الجريمة تعني مشاركة الجلّاد في جلد الضحية … كان واجب علينا قول الحقيقة حتى تأخذ العدالة مجراها.
نورا الطفلة صاحبة السنة والنيف من العمر … قضت على بلاط العنف الأسري داخل اسرتها السورية المقيمة في بلدة كونين المحاذية لمدينة بنت جبيل، ضُربت بقوة وأُهينت بشراسة .. لا ذنب لها الا أنها بدأت حياتها بعيداً عن أمها لظروف ما لا أعرفها.

من يرى نورا حتما سيُصدم … شفاه متورمة، جسم نحيل، وآثار ضرب موزعة على الجسم وكأن الضارب يتلذذ برؤية ألوانا متعددة على جسدها … ينتهي بك المطاف ان كنت تنظر على نورا من أعلى الى أسفل.. بكيس تظن للوهلة الأولى أنه من بقالة ما علق بنورا عن طريق الخطأ أو وهي تلعب (مثلاً) وياريت كلمة "مثلاً" تبقى كمعناها … لكن سرعان ما يستنتج الناظر أن هذا الكيس هو بمثابة الحفّاض للطفلة نورا.

إجتمع الزمن على نورا.. فلم يلن قلب أحد عليها… إلا أشخاص قلائل، فلا الطبيب (ح.أ) المتعاقد مع المركز الصحي التابع لوزارة الشؤون الإجتماعية تحرك لكتابة تقرير عن الحادثة حين رأى نورا مضروبة منهكة وجائعة على يد زوجة أبيها، ولاحتى مكتب حماية الأحداث الممثل بالسيدة (م.ج) قام بدوره الأساسي فإكتفى بزيارة واحدة أجبر حينها الأب الى إدخال نورا للمستشفى لمعاينتها ومعالجتها، وأجبر الأب على إمضاء تعهد خطي بعدم إيذاء الطفلة، لكن كان للواقع طريق آخر خاصة أن لا قيمة للتعهد في ظل غياب الرقابة من قبل المكتب، الذي ثبت لديه بأن البنات يتعرضن لعنف أسري وبالأخص نورا التي ظهر على جسدها النحيل آثار الضرب والتعنيف والإهمال.. حتى الطبيب الشرعي الذي صاغ بيده تقرير وفاة نورا على أنه حادث وقوع ومن المفترض على الطبيب الشرعي التفرقة بين حوادث الوقوع وبين الضرب لم يعطي نورا حقها !! هي وحدها السيدة التي رفضت الكشف عن إسمها، أعربت عن إستعدادها للشهادة في حال قُرر فتح تحقيق في الحادث، هي وحدها حن قلبها وتخيلت أطفالها في نفس الموقف … حتى سارعت لتساعد قدر الإمكان .. في ظل غياب السلطات الرسمية الممثلة بأشخاص أقل ما يُقال فيهم أن إهمالهم ساعد في قتل طفولة نورا، حتى وصل الأمر الى التهديد من قبل شخصية بارزة بطريقة غير مباشرة يدعو السيدة الإبتعاد عن القضية ومخافة أن يصيبوا عائلتها بمكروه إبتعدت عن القضية رغماً عنها. لكن قلبها .. قلب أم بقي يأن من هول ما رأت .. فقررت البوح ما في داخلها لشخص عله يستطيع المساعدة في أخذ حق نورا.

من قتل نورا ؟؟ من قتل الطفولة ؟؟ سؤال يُطرح في هذه الحالة وفي هذا التوقيت خاصة أن نورا اليوم ترقد تحت التراب، لروحها ألف تحية حب ووئام، ثم أن أحداً لن يسأل عن حقها ما دام أقرب المقربين منها بين خائف ومتستر وإن صح القول بين خائف وفاعل للجريمة، ومن إعترض طريق الحقيقة وأبعد السيدة المشكورة عن القضية؟ ومن هو هذا الشخص وهل لديه مصلحة ليخفي جريمة بحق الطفلة؟ وما هو حجم هذا النفوذ الذي يستطيع أن يغير مجرى الأمور في بلد الحريات؟! وأين هي الوزارات المعنية برقابة أقسامها وفروعها ومحاسبة كل مهمل بحق المواطنين؟

حتى ان المسألة لا تنتهي عند نورا فقط فلأبيها المدعو ( م.ش.ع) أكثر من إبنة أكبرهن تبلغ من العمر ثماني سنوات. وهن أيضا تعرضن للضرب والتعنيف الأسري، خوفهن أطبق على أفواههن .. فلدى الاخت الأكبر كلام عن حادثة أختها الصغيرة. من يحميهن من ظلم يتعرضن له كل يوم؟

هذا الكلام يضع نورا بين حقيقتين الأولى على ورق مستشفى "جبل عامل" في صور والحقيقة الثانية في فم أختها الأكبر سناً (8 سنوات).
أما الحقيقة الأولى تقول أن نورا كانت تلعب فوقعت على رأسها على حافة مما إستدعى نقلها الى المستشفى ووضعها تحت العناية المركزة الى أن قضى الله أمراً كان مفعولا, إلا أن أختها لديها حقيقة أخرى بمجريات أخرى وبإختصار … أن زوجة الأب ضربت الأخت على رجلها ثم تلتها بضربة على رأسها .. فأدخلتها في حالة خطرة جراء هذه الضربة وأدت الى وفاتها في المستشفى.

من هنا وجب على الجهات المختصة التحرك للتحقيق بالقضية فأقله إن لم تثبت جريمة القتل فالتعنيف والضرب سيُثبت على الفاعل. ثم على هذه الجهات محاسبة كل مقصر من الطبيب المتعاقد مع الدولة الى مكتب حماية الأحداث الذي أهمل هذه القضية واهمل نداءات السيدة التي أصرت لأكثر من مرة على المكتب لمتالعة القضية. ثم على هذه الجهات الجزء الأصعب آلا وهو كشف من صاحب النفوذ الذي ساعد في إخفاء معالم القضية.

الى نورا ألف تحية والى روحها الرحمة – عصفورة في الجنة.

السابق
وزير الاتصالات الفلسطيني يقدّم استقالته
التالي
جمعية المواساة كرمت العاملين في عيد العمال