جعجع: حزب الله” وسوريا وإيران حاولوا تطويقي بسبب علاقاتي العربية

وزع المكتب الاعلامي لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع نص المقابلة التي اجرتها معه صحيفة "الوطن" المصرية، جاء فيها:

وقائع الحوار

سئل: برأيك، لماذا تلاحقك صورة السفاح ذي اليد الملوثة بالدماء، من دون أفرقاء الحرب الأهلية اللبنانية، على رغم مرور 23 عاما على المصالحة؟

مبادرا: "القاتل المجرم".
قيل له: هذه صورتك الذهنية الشائعة لدى كثير من اللبنانيين؟

أجاب: "سأحاول أن أشرح لك، مع أن الجواب، عمليا بسيط جدا، المسألة في اختصار تكمن في أنني لم أكن منصاعا للنظام السوري وحلفائه فى لبنان منذ اللحظة الأولى، سواء أيام الحرب أو السلم، هذا السلم الذي دفعنا ثمنه غاليا ولم أقبل بشروطهم فى اللعبة السياسية، لذا يحاولون إخضاعي بشكل مستمر، عبر الاغتيال السياسي، وحين فشلوا لجأوا أخيرا إلى محاولة الاغتيال المادي، وأفضل وأسهل طريقة لكي تهاجم شخصا أن تطلق عليه شائعة، قد تكون صحيحة فى سياق ما، ويمكن أن يصدقها الناس، انطلاقا من وجود المستهدف منها فى مكان ما بشكل ما، من هذا المنطلق لم يجدوا أي شيء ينتقدونني به، إلا مشاركتي فى الحرب الأهلية، نعم كنت موجودا فى الحرب مثل غيري، وعندما تسلمت قيادة "القوات اللبنانية" عملت على تهدئة كل الجبهات، وحولت الميليشيا، التى كانت تنظيما مسلحا إلى جيش منظم بانضباط كامل.
يتهموننى بالإجرام، ويصورونني كأنني الوحيد فى تلك الحرب، وكأنه لم تكن هناك تنظيمات مسلحة من مختلف المشارب، ولا وجود للجيش السوري واستخباراته، ولا تنظيمات فلسطينية كثيرة، تسألني: لماذا سمير جعجع؟ وأجيب: انطلاقا من الصراع السياسي الكبير الدائر فى لبنان".

سئل: من يتواصلون معك على الصعيد العربى صاروا، بالتبعية، هدفا للنقد، مثل النائب المصري محمد أبو حامد، والقيادي التونسي عبد الرؤوف الريادي (الأول بسبب حضوره احتفالا حزبيا للقوات اللبنانية، والثانى بسبب رسالة دعم شخصية)ما تعليقك؟

أجاب: "حزب الله" وسوريا وإيران، لم تعجبهم أبدا علاقاتي العربية "المستجدة"، كما لم يرضهم أن تشارك شخصيات عربية فى احتفال القوات اللبنانية الأخير بكلمات لم تعجبهم على الإطلاق، لذلك سارع هؤلاء الاطراف إلى محاولة تطويقي بالعودة إلى الماضي، وادعاء أشياء لا علاقة لي بها، فعلى سبيل المثال قالوا: "هذا قاتل الأطفال فى صبرا وشاتيلا"، وأتمنى عليك أن تعود إلى كل التقارير والتحقيقات التى جرت حول هذه القضية، سواء أكانت دولية أو عربية أو حتى إسرائيلية، وأن ترى أين اسمي فى هذه التحقيقات؟ بل أتمنى عليك أكثر من ذلك، أن تسأل السلطة والفصائل الفلسطينية، عن دوري فى تلك المجزرة، فلا أحد يعرف بالأمور الفلسطينية أكثر منهم، وسيأتيك الجواب فورا "لا وجود له"، لأنني لم أكن موجودا على أرض الواقع، هذه من أكاذيب مَن يأخذون وقائع من الحرب اللبنانية ويلصقونها بي".

سئل: لماذا؟

أجاب: "ماذا تريدهم أن يقولوا؟ إن "جعجع" دفع ثمنا غاليا لإنهاء الحرب الأهلية والدخول فى اتفاق الطائف، ومقاومة عهد الوصاية السورية، وجرى الزج به فى السجن، لأنه لم يوافق النظام السوري على ما كان يريده فى لبنان؟ أم تريدهم أن يقولوا: إن سمير دأب في ترسيخ شراكة مسيحية – إسلامية، تخطت حدود لبنان، منذ خروجه من الاعتقال؟
إنهم لا يستطيعون إلا العودة الى حديث الحرب، ويعرضون مقاطع من مجزرة صبرا، التى كانت مأساة حقيقية، ويضعونها على حسابي، ويتجاهلون الفاعل الأصلي، نعم كنت مشاركا فى الحرب، لكن كنت مقاتلا شريفا والجميع يعرفون ذلك".

قيل له: دعنا ننتقل إلى المشهد الإقليمي، ما قراءتك لوضع المنطقة بعد عام ونصف عام من انطلاق ثورات "الربيع العربي"؟

اجاب: "ما يجري هو تحول تاريخي بكل معنى الكلمة، ليس بالسهل أو البسيط، وبين قوسين، إنها من المرات القليلة التى تقوم فيها شعوب المنطقة بتحديد مصيرها بيدها، وتدخل خارجي لاحق لتحرك الشعوب، أو ب"استلحاق" خارجي في ما بعد.
هذا مخاض ما زلنا فى خضمه، فلم ينته "الربيع العربي" بل بدأ لتوه، وأعتقد أن هذا المخاض سيستمر سنوات طويلة نسبيا، وسيستغرق فى بعض الدول وقتا أطول من دول أخرى، لكنه سيدوم من أجل الوصول إلى وضع مستقر فى كل الدول العربية، وعلينا إدراك ذلك وعدم الاستعجال ومواكبة هذه الثورات".

سئل: ما ملامح هذا الصراع؟

اجاب: "صراع بين اتجاهين عريضين: اتجاه الاعتدال والدولة المدنية والمواطنة السوية والمساواة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين، واتجاه آخر دعني أسمه أقل تطورا وانفتاحا واعتدالا. وبدأت بشائر هذا الصراع تظهر فى مصر، وستبدأ فى الظهور أكثر وأكثر فى تونس، بينما لا تظهر أي بشائر فى سوريا للأسف، فما زلنا فى البداية، مع الأخذ في الاعتبار أن المجتمع السوري يميل الى ناحية الاعتدال والتعددية أكثر من أي شيء آخر، هذه هى الصورة التى في رأسي للوضع فى المنطقة للسنوات الثلاث أو الخمس المقبلة".

قيل له: بعض المحللين يشبهون الوضع الحالي فى مصر بلبنان منتصف السبعينات، ويتحدثون عن بوادر انزلاق الى حرب أهلية بين القوى المدنية والإسلامية، ما تقويمك؟

أجاب: "لا أتمنى أولا، ولا أعتقد ثانيا في اتجاه مصر نحو حرب أهلية، لأن الوضع لديكم يختلف تماما عنه فى لبنان، صحيح هناك مجموعات واتجاهات وأفرقاء متعددون، ولكن شعور المصريين بتاريخهم ظل طاغيا على الدوام، لكن الصفة الطاغية على الوضع اللبنانى هى تعددية الصبغة التاريخية، إذا جاز التعبير، وعلى سبيل المثال لا خلاف بينكم على تاريخ مصر وجذورها، ولا أعتقد أن مصريا يحاول التهرب من تاريخه الفرعوني، مهما كان انتماؤه الديني أو السياسي، بينما لدينا خلاف على جذور الشعب اللبناني، كما أن هناك فارقا أساسيا عمليا، هو وجود جيش مصري متماسك ذي عقيدة "دولاتية"، تتعلق بوجود الدولة، وإداراتها ووزاراتها منذ قديم الزمن، ودليل ذلك أن تلك الإدارات لم تكن متصلة مباشرة بالأحداث الداخلية، واستمرت فى العمل وكأن شيئا لم يكن، وفى طليعة تلك الإدارات فى هذا الشأن بالتحديد الجيش المصري وهو على ما هو عليه، وأستبعد أن ينزلق الوضع إلى "حرب أهلية"، أعرف أن ما تشهدونه اليوم فى مصر، جديد على المصريين، ولكنه ليس جديدا علينا كلبنانيين، فهذه هى المرة الأولى التي تتمتع فيها مصر بحريات سياسية، منذ عشرات الاعوام، لذلك قد يقول البعض: "نحن على مشارف حرب أهلية" من المفاجأة، ولمجرد وجود أفرقاء من عقائد سياسية مختلفة، يجب أن نعتاد جميعا على الديموقراطية، وعلى وجود الآخر، وعلى اختلافنا معه، من هنا أستبعد نشوب حرب أهلية فى مصر، مع أننى لا أستبعد احتدام اللعبة السياسية، وهذا طبيعى في مجتمع بدأ للتو مسيرته الديموقراطية".

سئل: مضى أكثر من عام على الثورة فى سوريا، ويذهب كثيرون إلى أن الرئيس بشار الأسد سيتمكن من البقاء مدة أطول، بسبب المواقف الدولية غير الحاسمة، رغم حمامات الدم المتواصلة، كيف ترى مستقبل دمشق؟

اجاب: "إن آجلا أو عاجلا، لن يستطيع نظام بشار الاستمرار، إنها مسألة وقت، نعم الموقف الدولى متردد جدا تجاه سوريا، بخلاف موقفه من مصر وتونس وليبيا، لكن مرد ذلك فى تقديرى الى أسباب عدة، الموضوعية منها تتعلق بتعقيدات الوضع فى سوريا، وتكوكب وحدات النخبة والقوة العسكرية حول النظام، فيما لم تتخذ موقف الجيش المصري، وتنأى بنفسها عن الدخول فى الصراع الداخلي، بل هاجمت المدن والقرى، وأمعنت فى اعتقال السوريين وتشضريدهم وقتلهم، وهذا عامل معقد، فاليوم أنت فى مواجهة نظام يختلف عن نظام القذافي".

سئل: كيف تنظر الى ختيار الرئيس السوري 7 ايار المقبل موعدا للانتخابات، بما يمثله من ذكرى سيئة لقوى 14 آذار، فيما تسمونه "احتلال بيروت" بعناصر "حزب الله" قبل 4 أعوام؟

اجاب: "الانتخابات السورية غير جدية، سواء جرت في 7 أيار أو 8 نيسان ولا في 10 كانون الثاني، هذه مناورة من الرئيس الأسد".

قيل له: محاولة اغتيالك أعادت شبح الاغتيالات إلى لبنان، كيف جرت؟ وما يمثله سمير جعجع حتى يقرروا التخلص منه؟

أجاب: "بكل بساطة، كنت أتنزه فى حديقتي، فانهالت علي 3 رصاصات عيار 12,7 ملليمترا من بنادق قناصة، والتقدير المبدئى يؤكد إطلاقها من مسافة كيلو متر، فى عملية نوعية، لأن الرماية بشكل دقيق على هذا البعد ليست بالأمر السهل.
أما لماذا سمير جعجع؟ ففي اعتقادي أن البعض يريد تغيير توازن القوى فى الداخل اللبناني، فضلا عن دوري العربي، الذى بات يزعجهم، خصوصا على مستوى مسيحيي المشرق، فالمسيحيون فى سوريا كانوا ملحقين بجحافل النظام، ولا أخفيك، والكل يعرف، أن نقاشا حادا يدور فى لبنان عن الوضع الذي يجب أن يكون عليه الموقف المسيحي، والكل يعرف موقفي بحيث استطعت أخذ الكثير من المسيحيين هنا إلى الموقف الذى أعتبره سليما، تأييد "الربيع العربي" على رغم كل المخاوف المطروحة فى إطاره، وبشكل موضوعي، أعتقد أن تغيير توازنات القوة فى الداخل والعودة الى مصادرة المسيحيين في لبنان وخارجه في هذه اللحظة الحرجة، كانا دافعين للفريق الذي حاول اغتيالي".  

السابق
هاني فحص استقال من الفريق العربي للحوار الاسلامي – المسيحي
التالي
خير الدين: لا يمكن ان تستمر الحكومة من دون ان تصرف الأموال