الأول من أيّار: دبوس بوجه كل ظالم

كل عام يطرق الأول من أيّار الأبواب، ليذكرّني بأنه يوم تذكيرالظالم بظلمه، وتذكير آكل حقوق الناس بحقي. حقيّ المغتصَب الذي شارك بهدره مؤمنين بالحقوق التي اشتهر بالمناداة بها الإمام علي عليه السلام.

هذا الامام العادل الذي انتصر الحق به. لكن ظالميّ، وبعد أن شغلّوني طيلة ثلاث سنوات، بمعدل ساعتين يوميا زيادة على دوامي الفعلي، ودون أن أدري، ناموا عن هذه الحقوق التي بلغت11 مليون ليرة لبنانية.
وامتثالا لقول الامام علي (ما ضاع حق وراءه مطالب) ركضت من جهة الى اخرى سعيا وراء اثبات حقي في التثبيت، والدوام، والضمان الصحي، والاجازات، وكافة الحقوق المنصوص عليها للعامل، عدا عن حقي في الاطلاع على قانون العمل- الذي رفضت الادارة اطلاعي عليه تحت عنوان (ممنوع الإطلاّع).

قصدت مركز الضمان الاجتماعي لتقديم شكوى عدم ادخالي في ضمان ضمن هذه المؤسسة التي تحمل الاسلام كإسم لها، الا انها أبعد ما تكون عن ذلك، فقال لي مسؤول هناك حرفيا:" اذا كانت الشكوى التي تريدين تقديمها ضد مؤسسات(….) أو ضد مؤسسات(….) فلن استلمها منك". علما أن هاتين المؤسستين اسلاميتان شيعيتان ويشرف عليها مراجع شيعة كبار.

فاجأني جوابه. فقلت لنفسي لأطرق أبواب من ظلمني خاصة انه لديهم مؤسسات داخلية تُعنى بالتفتيش والرقابة والتنظيم والتشريع وعلى هذا النسق الكثير الكثير…

أول باب كان لمدير مكتب أرفع مسؤول تنفيذي في الحزب الالهي، فكان التعاطف على أشدّه، لدرجة انه قال حرفيا:" اذا كان لك بذمة الأمين العام 50 دولار فستحصلين عليها"
تفاءلت وقلت خيرا، لكن موعدا بعد موعد لم يتغير شيئ. فقصدت بناء على اقتراح أحد الزملاء المكتب التنظيمي لهذه الجهة التي لا تنام على ضيم!!

فطُلب مني اعداد رسالة تفصيلية بالموضوع. حسنا… أعددت الرسالة تفصيلية الواضحة.. ووُعدت خيرا، مع التأكيد على أن المسؤول الشيخ فلان الفلاني لا يرضخ لضغوط مهما علت. تفاءلت من جديد.
من تأجيل الى تأجيل، ومن موعد الى موعد… الى ان حان موعد الجلسة الثانية والتي كانت ختامية، ودون أن يسألني أحد اعضاء اللجنة أي توضيح أو شهادة أو سؤال؟
صدر الحكم فصمت على حقد دفين ولد في داخلي، لن يزول مهما قتالوا وبرروا بعد ذلك. لأن الايمان المطلق بصدقيّة فئة او جهة او حزب يجعل صدمتك تصل حدّ الكفر. وهذا ما يحصل غالبا عند المنتمين الى الاحزاب. لكني لست منتميّة الى حزبهم، وربما كانت هذه مشكلتهم معي، التي تفرض ان أكون غنمة، لا أكثر ولا أقل. بل ربما قطة تموء مواءا خفيفيا كعادة الملتزمات دينيا لأن صوت المرأة عورة.

فأي عورة أكبر من هضم حقي يا ترى؟؟
علما ان مدير مكتب الشيخ التنظيمي علق أمامي قائلا في احدى المرات التي كنت انتظر في ردهة الاستقبال "ان النص طويل ويجب عليك الاختصار لانه لا وقت لدى اللجنة للقراءة"!!
أصبتُ بيأس شديد.. خاصة اني لا اعترف بحكم رجال الدين الذين يتسلّطون على رقاب الناس باسم الله. ولعلهم أحسوا بهذا الامر، خاصة وان سبب الاشكال الاساس مع الهيئة المُسماة إسلامية هو نص في احدى الصحف عن هذه الفئة اللاهوتية.
فهم الخصم والحكم!! فأي حل لمشكلتي أرجوه منهم يا ترى؟ لمتُ نفسي كثيرا. نامت الهيئة ونواطيرها عن حقيّ المسلوب كما تنام الذئاب بهناء. وبقي حقي مهدورا ضائعا. فكان الحل النفسي ان اتوجه الى ربّ العالمين بالتسخّط عليهم وعلى كل من من ساندهم وشهد شهادة زور بحقي وعلى كل من آذاني ولو بكلمة واحدة أو همسة حتى.

فبعد ان تضامن معي بعض الزملاء، مُعلنين مظلوميتي أمامي وأمام بعض المعنيين، فؤجئت بتراجعهم عن شهادتهم وهروبهم وتغيير اقوالهم. فأين دين يؤمنون به يا ترى؟ وعلى أي حسين يبكون؟ وعلى أي مسلم بن عقيل ينوحون؟
لست أتشبّه بالحسين، لكن القياس هنا يفرض نفسه. فاذا كنا في القضايا الصغيرة نهرب ونكذب فماذا تركنا للقضايا الكبيرة؟
وأين تضعون رسائل الإمام علي لمالك الأشتر حول حقوق الناس؟ ولمذا خاف موظف الضمان من تسلّم الشكوى؟ ولماذا خاف مفتش وزارة العمل من تكملة الدعوى بحجة ان الفئة التي أنوي الاشتكاء عليها لا قدرة لنا بطلبها الى الوزارة؟
من يحميني؟ ويحميّ العمال مثلي؟ ومن يُعيد لي حقي المهدور الذي جعلته وقفا لأبي فضل العبّاس بأعمارهم جميعا.

ومن يعظون من على المنابر؟ ولمن يصدور سلسلة كتب الحقوق للإمام زين العابدين؟
ولمن يتوجهون في خطاباتهم الوعظيّة الرمضانيّة؟ وغير الرمضانية؟
ألم يتساووا مع (الكفار) الغربيين؟

فبعد مرور أربع سنوات على ظلمي، ليس لي سوى أن اذكرّهم في هذا اليوم العالميّ للعمال، والذي من المؤكد انهم لا يعترفون به كونه (صناعة غربية)!.
تنامون على حرير شعبية آيلة الى السقوط بفعل التهتك من الداخل، وهذا السقوط سيكون مريعا. وهذا ليس شماتة بكم بل تنبيه لما يحدث – ليس معي فقط – بل مع الاف صامتة ساكتة تخشى فضحكم خوفا من ان تكون بذلك خائنة لدماء طاهرة عالية صادقة، اختارت الشهادة ولم تكن تعرف انكم تخونون محبيكم وداعميكم.
فليس هنيئا لكم، لأن من لا يرى تجارب الآخرين أمامه لن يصلح حاله مهما صار.

السابق
لبنانيّون وإسرائيليّون لغد أفضل!
التالي
أو ثورة القراصنة في لبنان