النهار: الحريري وجنبلاط يشكلان قبل اللقاء جبهة رافضة للنسبية

بين زيارة الرئيس النمسوي هاينز فيشر لبيروت امس ومحادثاته مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا، وزيارة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لبروكسيل ومحادثاته مع المسؤولين الكبار في الاتحاد الاوروبي، حطت مآزق الحكومة والملفات العالقة في اتجاهات عدة رحالها عند فسحة انتظار لن تطول كثيرا وخصوصا في ظل التداعيات المتصاعدة لملف الانفاق الحكومي الذي أعاد اثارة التباينات العميقة داخل مجلس الوزراء.
واذا كان اضراب قطاع النقل البري امس شكل مؤشرا اضافيا لتفاقم الموجة المطلبية وتصاعد التحركات الاحتجاجية وسط تخبط الحكومة في أصداء "الكباش" المالي الذي شهدته الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، فان العامل البارز الذي سجل في هذا السياق تمثل في تصعيد نبرة "التيار الوطني الحر" وزعيمه العماد ميشال عون حيال موقف رئيس الجمهورية الذي تمسك برفضه توقيع مرسوم يصدر بموجبه مشروع الـ8900 مليار ليرة للانفاق الحكومي الاستثنائي من خارج القاعدة الاثنتي عشرية عن عام 2011. ولم تستبعد اوساط وزارية مطلعة ان يعيد الخلاف على هذا الملف "كهربة" العلاقات داخل مجلس الوزراء، علما ان لا مخرج لمأزق الانفاق إلا بقرار جديد يتخذه مجلس الوزراء بتعديل المشروع على غرار ما طالب به رئيس الجمهورية. وأفادت هذه الاوساط أن الايام القريبة ستشهد مشاورات متجددة للبحث في المخرج المحتمل قبل طرح الموضوع مجددا على مجلس الوزراء وتجنب الاصطدام تكرارا بأجواء صدامية حوله.
ذلك أن العماد عون استغرب امس موقف الرئيس سليمان و"عدم استخدامه صلاحياته في قضية مرسوم الـ8900 مليار ليرة"، ورأى أن هذا الموقف "ينم عن عدم معرفة رئيس الجمهورية بتاريخ الرؤساء والجمهوريات"، لان توقيع المرسوم "ليس سابقة وانما فقط استخدام لصلاحيات اعطاها اياه الدستور ومن المفضل ان يستخدمها الرئيس سليمان لئلا تصبح لقمة المواطنين ولا سيما منهم أولئك الذين يعملون في القطاع العام أسيرة الاهواء والمصالح السياسية الضيقة".
ويشار الى ان العماد عون سيزور قبل ظهر اليوم متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده.

الحريري
في غضون ذلك، اتخذ بعض التحركات والمواقف المتصلة بملف قانون الانتخاب دلالات بارزة وخصوصا في ضوء موقفين سلبيين من اعتماد نظام النسبية للرئيس سعد الحريري ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط.
وفي حين أكد كلا الزعيمين انهما لم يلتقيا في السعودية خلال الزيارة غير الرسمية التي قام بها جنبلاط للمملكة، لفتت مصادر مواكبة للحركة المتصلة بقانون الانتخاب الى ان التقاء الحريري وجنبلاط على رفض النسبية شكل موضوعيا "الجبهة" العلنية الأكثر وضوحا حتى الآن في مواجهة القوى الدافعة نحو اعتماد النسبية، وهو الامر الذي يحمل على الاعتقاد ان المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على احتمال حصول لقاء بينهما لمح اليه الحريري بوضوح أمس في عودته الى محاورة متتبعي موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي.
وقد رأى الحريري في مناسبة صدور الحكم على الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور ان هذه المحاكمة "تمثل أملا كبيرا لكل من ينتظر حكم المحكمة الخاصة بلبنان" آملا ايضا في "محاكمة (الرئيس السوري) بشار الاسد يوما ما للجرائم التي يرتكبها بحق شعبه". وعن الوضع الداخلي قال إن "الانتخابات النيابية ستكون فرصة لكل اللبنانيين لتغيير الحكومة والوضع السيئ القائم". وفي ما بدا تجاوزا لكل ما يثار عن وضع الحكومة شدد على أنه "أيا تكن الحكومة التي ستشرف على الانتخابات، علينا ان نكون مستعدين". ورفض قانوناً للانتخاب على اساس النسبية قائلا: "لا نقاش في النسبية بينها ترهيب السلاح يمنع مرشحين في مناطق هيمنته". واذ عزا عدم لقائه جنبلاط في السعودية الى وجود الاخير في جدة بينما هو في الرياض اضاف: "لكنني سألتقيه قريبا".

جنبلاط والخليلان
في المقابل، انعقد اجتماع مساء أمس في دارة جنبلاط في كليمنصو ضمه ووزير الصحة العامة علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل وشارك فيه وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور والنائب اكرم شهيب وامين السر العام للحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، وسبق الاجتماع لقاء لجنبلاط والنائب بطرس حرب.
وعلمنا ان لقاء جنبلاط و"الخليلين" تركز خصوصاً على موضوع قانون الانتخاب، كما تناول ملفات اخرى مطروحة على الحكومة. ومع ان اجواء اللقاء اتسمت برغبة واضحة في التواصل بين جنبلاط والثنائي "أمل" و"حزب الله" في الملف الانتخابي، واعتبر خطوة اولى في الحوار بينهما في هذا المجال، فان التباين بدا واضحا حيال مسألة النسبية. واشارت المعلومات الى ان الخليلين طرحا على جنبلاط الدوافع التي تجعل فريقهما يرى في النسبية وسيلة لتخفيف الاحتقانات المذهبية والفرز الحاد، موضحين ان طرح الدائرة الواحدة قابل للنقاش على قاعدة تفهم الهواجس. لكن جنبلاط بدا جازماً في التمسك بموقفه الرافض لاعتماد النسبية في هذه الظروف.
وصرح جنبلاط لنا بان "جو اللقاء كان ممتازاً ونحن نشدد ونؤكد على أهمية الحوار والتواصل بين سائر الافرقاء لان المطلوب تبادل وجهات النظر حتى لو وجدت النقاط الخلافية. والمهم الا تتعطل الحياة السياسية في البلد". واضاف: "ناقشت مع الوفد مواضيع سياسية عدة وخصوصا ما حصل في الجلسة النيابية الاخيرة لان ما جرى أصفه بالمعيب والمسيء الى العلاقات السياسية. وكانت حكمة الرئيس نبيه بري بالمرصاد".
وسئل عن الطرح الانتخابي للرئيس بري، فاجاب: "اشكر الرئيس بري على كل مبادراته".
وعن زيارته للسعودية قال: "اكتفي بالبيان الذي اصدرته في هذا الخصوص".
وفي تصريح آخر لقناة "المنار" الناطقة باسم "حزب الله"، قال جنبلاط: "انا لا أريد النسبية ايا كان الطرح او الشكل فهي تستهدفني مباشرة". واوضح ان زيارته للسعودية كانت "تلبية لدعوة صديقه منذ 35 سنة" وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل "لا اكثر ولا اقل وانا لم التق الرئيس الحريري هناك".
وقال عن الوضع في سوريا: "خطة كوفي انان انتهت والحل فقط بسقوط الرئيس الاسد". واذ اكد ان الانتخابات النيابية ستحصل في وقتها، استبعد التوافق على حكومة حيادية، علما ان "الحكومة اخذت الثقة منذ ايام".
ووصف مرجع نيابي حصيلة اللقاء وجنبلاط بانه "موقف معروف ولا مانع من متابعة الاتصالات معه، وهذا أمر طبيعي".

السابق
دروس أبو منير في ذكرى الانسحاب
التالي
السفير: بوارج الكهرباء في مهب الضغوط المالية.. والمطالب التركية