الوزارات.. خارج الخدمة حالياً

استهدف قراصنة «ارفع صوتك» عدة مواقع حكومية الكترونية ليل الاثنين الثلاثاء، بغية توجيه رسالة إلى الدولة اللبنانية، تطالب برفع معايير المعيشة وحل مشكلات الحكومة المفتعلة، مثل انقطاع التيار الكهربائي والمياه وارتفاع أسعار المحروقات وغلاء أسعار المواد الغذائية. خطوة تعهّد أصحابها بتكرارها حتى تحقيق المطالب، من خلال استهداف مواقع الإدارة كلها. لكن بعض هذه المواقع المقرصنة، وغيرها من مواقع الوزارات التي لم تستهدف، يكاد يتساوى وجودها مع عدمه، حتى يجوز معها القول إن قرصتنها تفيد الدولة، من حيث حجب هذه المواقع التي تختصر صورة لبنان السيئة، رغم الأموال التي صرفت وتصرف على تطويرها.

في جولتنا على الوزارات اللبنانية على الشبكة العنكبوتية لن نمر على وزارة الأشغال العامة والنقل، فرغم وجود رابط لموقعها، لا وجود للموقع نفسه. أما وزارة الشباب والرياضة فيبدو أنها لم تفكر حتى الآن ببناء موقع لها على الانترنت. وزارة الدفاع التي لا موقع مستقلاً لها، «احتالت» على الوضع بعض الشيء، وتطفّلت على موقع الجيش اللبناني، فأضافت خانة «وزير الدفاع» التي تخبر عن استقبالات الوزير وزياراته. أما وزارة العمل فتحاول صفحتها الالكترونية تبرير حالتها الكارثية من خلال عبارة ترحيبية تقول إن «الموقع قيد الإنشاء».
معظم مواقع الوزارات لا تحدّث كثيرًا، ما عدا أمراً بالغ الأهمية، وهو السيرة الذاتية لكل وزير جديد! فمهما ساءت حالة موقع أي وزارة، لا بد من وجود سيرة ذاتية لوزيرها. وقد يستعاض عنها برسالة ترحيبية من الوزير.. بالانكليزية. هكذا فعل الوزير فادي عبود مثلا في موقع وزارة السياحة الذي لا يمكن قراءة محتواه إلا باللغة الانكليزية. وفي المحتوى، تتباهى الوزارة بوجود بيروت في المرتبة الأولى للوجهات السياحية بين 44 مدينة. لكن مهلاً، هذا الخبر لم ينشر اليوم أو في بداية العام 2012، بل في العام 2009. كما أن الموقع «العجيبة» لا يزال يقوم بالحملة الدعائية لاختيار مغارة جعيتا كعجيبة من عجائب الدنيا السبع، بالرغم من انتهاء هذه المسابقة.

لا تختلف وزارة الخارجية والمغتربين كثيرًا عن غيرها، ورغم أنها تدّعي أن الموقع باللغات العربية والانكليزية والفرنسية، إلا أنه لا يحتوي بالفعل سوى معلومات باللغة الانكليزية. موقع فارغ من أي شيء تقريبا، إلا من بعض المعلومات الأولية عن الوزارة وأقسامها. ولولا سيرة الوزير عدنان منصور لما عرف الزائر عن أي عهد يتحدث الموقع.
وزارة الزراعة أفضل من غيرها، أو على الأقل قد تعتقد ذلك عندما يتيح لك الموقع بصفحته الرئيسية اختيار إحدى اللغات الثلاث. إحساس سيتبدد عندما ترى الصفحة العربية التي لا تكتفي باللغة العربية بل تقدم لك أخباراً برموز غريبة عجيبة، ربما تكون باللغة الفينيقية مثلا. أما المميز في الموقع، فهو تواضع الوزير الحاج حسن الذي اكتفى بصورة واحدة له، بالتزامن مع تواضع الأخبار العاجلة.. منذ آب 2010.
الوزير علاء الدين ترو يتشرف أن يبدأ مهمته الوزارية بحقيبة المهجرين. هكذا يخبرنا موقع الوزارة في رسالة ربما تكون أحدث ما قد تجده على الموقع. الخانات الأخرى محجوبة بسبب خلل تقني، ورغم ذلك تسير خانة «الخارطة» التي ترشد الزائر إلى تبويب الموقع على أحسن ما يرام!
وزارة الاتصالات، أغنى وزارات الدولة اللبنانية وأكثرها جنياً للمال من جيوب المواطنين، إن أردت دخول موقعها الالكتروني، فستحتاج إلى نصيحة مسبقة لا بد منها: لا تخف ولا تجزع ولا تهرب. صحيح أن الموقع لم يحدث منذ العام 2004، لكن زيارته ستشبه زيارة المتحف الوطني مثلا. ومن الاتصالات إلى الطاقة والمياه، ستكتشف ميزة إضافية في الوزير: جبران باسيل شاعر أيضا. رسالته تثبت ذلك: «رأوا في النار حريقاً لنا، ونحن رأينا في النار طاقةً للبلاد، وفي حريق الفساد نفعاً للإصلاح». ورغم أن الموقع يحدّث دائمًا، لكنك ستعاني في التنقل بين دهاليزه، قبل الوصول إلى المعلومات التي تبحث عنها.
ريّا الحسن وزيرة المال السابقة ليست سابقة على موقع وزارة المالية، هناك حيث الخدمة الالكترونية العربية لا تعمل إلا في قسم الضرائب. آخر الأخبار هنا تتعلق بالحسن، أما محمد الصفدي فهو وزير حالي.. بالانكليزية فقط.

كل ما يتعلق بالأمور المالية والاقتصادية والدين العام لن تجده سوى بالانكليزية، لكن للموقع مدوّنة، وهذا خبر جيد، إلا أنها.. بالفرنسية. أما زاوية الوزير فتفصل بين آخر خبرين فيها مسافة سنة تقريبا.
وزارة الشؤون الاجتماعية لا تهدأ، وموقعها كذلك. هناك تشعر كأنك في مدينة للملاهي، فنشاطات الوزير أبو فاعور تحدث يوميًا، والبرامج التي ترعاها الوزارة منتشرة في أرجاء الموقع. ولأن تقسيماته لا جدوى منها، ترى أخبار الوزير تمرّ فوقها، فإن ضغطت على مشاريع الوزارة أو خدماتها أو مراكزها فستبقى مكانك تقرأ أخبار الوزير.
موقع وزارة الصحة العامة ليس سيئاً كما هي حال صحة المواطنين. هناك ترى صورًا زاهية لأناس ليسوا بالضرورة لبنانيين، لكن ذلك ليس مهمًا بقدر ما يهم أن تكون صورة الموقع جميلة. خريطة الموقع مقسّمة باللغة الانكليزية أيضًا، لكن الوزارة تقدمت خطوة عن سواها في تعزيز لغتنا «الأصليّة» في موقعها: النص بالعربي والعنوان بالانكليزي!

لوزارة العدل موقع يفضّل وصفه بدليل الكتروني للعهد الماضي. فالوزير الحالي في إجازة كما يبدو من الصفحة التي تغيب فيها الأخبار الحديثة، في مقابل وفرة مداخلات الوزراء السابقين، خاصة شارل رزق.
ومن العدل إلى الداخلية، حيث سيقع نظرك بمجرد الدخول على زاوية «الانتخابات البلدية». لكن لا تفكر بزيارتها، فالصفحة غير موجودة طبعا. ومع ذكرى 14 آذار تقريبا توقّف الموقع عن تحديث أخبار الوزير.
موقع وزارة الإعلام ضائع بعض الشيء، فهو يحاول من ناحية أن يكون موقعا إخباريا، يهتم بنشر آخر الأخبار وأهمها يوميًا، لكنه ينسى تحديث أقسامه الفارغة. مثلا، التقرير الصحافي للوزارة غاب عن الموقع منذ آب 2010. الإنجاز الحقيقي للموقع هو اللغات العشر التي يقدم نفسه من خلالها للزائر. مهلا، تلك ربما دعابة مقصودة منه، فاللغات المتوافرة فعلا هي الفرنسية والانكليزية فقط! لا يهم، ما دامت «أدسم» مادة فيه هي صور النواب الـ128.

موقع وزارة البيئة حديث العهد، ويجدر الأخذ به كنموذج، قياسا إلى حال المواقع الأخرى. كذلك الأمر بالنسبة لموقع وزارة التربية والتعليم العالي الذي يعتبر وافيا جدًا من حيث المعلومات والشروحات. أما مظهر موقع وزارة الصناعة الأنيق فيعكس مدى جدية الاهتمام به، رغم انه لا يحدّث بسرعة، كما هي الحال مثلا في موقع وزارة التربية الذي قد يكون أفضل موقع بين مواقع الوزارات جميعها. اللافت هنا أنه في بعض مواقع الحكومية الأخرى يرتبط اسم وزارة التربية بموقع مديرية التعليم، وهو موقع «مخيف» من حيث مستواه المتدني.
نشوة الدخول إلى مواقع جيدة نسبيا، ستخمدها سريعا زيارة موقع وزارة الاقتصاد والتجارة العاطل من العمل، وموقع وزارة الثقافة الغائب عن مواكبة النشاطات الثقافية.

المضحك في كارثة مواقع الوزارات الالكترونية هو ما تجده على موقع مكتب وزير الدولة للشؤون التنمية الإدارية. آخر أخبار هذا الموقع كان في 28 كانون الأول 2011 عن ندوة تعريفية حول المواصفات والمعايير للمواقع الإلكترونية للدولة اللبنانية، تهدف إلى معالجة السلبيات التي يتصف بها عدد كبير من المواقع الالكترونية في الإدارة العامة. ويبدو ان شيئا لم يتغير في أي من هذه المواقع.. منذ تلك الندوة.

السابق
فتفت: كلام فضل الله كان فتناويا
التالي
خضر حبيب: المعارضة ترفض اجراء الانتخابات باشراف الحكومة الحالية