اللواء: التحقيقات تركّز على رسم تشبيهي والأجهزة الأمنية تضع يدها على مكان إطلاق النار وجعجع ينجو من رصاصات الإغتيال.. والبندقية من مخلفات نهر البارد

بين الرصاصات من عيار 12.7 التي احدثت "نقزة" كبيرة في مختلف الاوساط، لا سيما اوساط 14 آذار، وخشية من العودة الى مسلسل الاغتيالات السياسية الذي توقف قبل اتفاق الدوحة باشهر قليلة، و"الثقيلة على امكانية التصديق" وفق تعبير محطة "المنار" الناطقة بلسان حزب الله، عادت المسألة الامنية الى الواجهة، من باب الحدث الاقليمي – الدولي، مع نمو المخاوف من وضع معزوفة اذا هدأت عندهم تبدأ عندنا، ورفعت الرصاصات التي كشفت الدائرة الاعلامية في "القوات اللبنانية" انها استهدفت الدكتور سمير جعجع من دون ان تصيبه، من حرارة التوتر السياسي، بالتزامن مع وجود رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ديفيد باراغوانث للمطالبة باحالة الملف الى هذه المحكمة، مع العلم ان مثل هذا الطلب يحتاج الى قرار من مجلس الامن، وان لا صلاحية للمحكمة بحسب قانون انشائها، لا سيما وان المحاولة فشلت ولم تحصل جريمة اغتيال.

واذا كانت صورة الرسم التشبيهي قد تكونت في اذهان شخصيات بارزة في 14 آذار، فإن جعجع نفسه حامت في رأسه شبهة الاتهام، لكنه لم يصدر على لسانه اي كلام، بانتظار جلاء التحقيقات، بعدما انضمت مديرية المخابرات في الجيش والاجهزة الامنية الاخرى والامن المكلف بتوفير الحماية لمعراب، مقر اقامة جعجع.
وفي تقدير مرجع امني رفيع لـنا ان مطلق الرصاصتين على جعجع شخص واحد، اطلقهما من مكان يبعد حوالى كيلومتر واحد من معراب، مشيراً الى ان القوى الامنية التي مشطت الاحراج المحيطة بمقر اقامة جعجع، بمؤازرة من طوافات عسكرية تابعة للجيش، عثرت في الاتجاه نفسه الذي اطلق منه النار مجموعة حجارة رصفت بطريقة يدوية، ومغطاة باغصان الشجر، استند اليها الفاعل لوضع بندقيته التي ثقيلة نسبياً، والتي تستخدم عادة في عملية القنص، الا انه لم يوجد في المكان فراغات الرصاصتين، مما يشير الى ان الجناة جمعوا الرصاصتين قبل ان يركنوا الى الفرار، وهو عمل محترفين.

وكشف المرجع ان بندقية او بندقيتين استخدمتا في محاولة الاغتيال، وان هذا النوع من البنادق استخدم في "التقنيص" على الجيش اللبناني في معارك نهر البارد، ويبلغ ثمن البندقية الواحدة 25 الف دولار، لافتاً الى ان المحاولة كانت جدية، وان جعجع كان مستهدفاً بالفعل، وانه لو لم يكن يتحرك، لحظة اطلاق الرصاص، لكان قضي عليه. وبعض هذه التفاصيل، لفت اليها جعجع نفسه الذي اعتبر أن منفذ العملية جماعة من المحترفين، نظراً لدقة التصويب، وأهمية السلاح المستخدم في عملية القنص، والذي يعتبر متطوراً جداً، خاصة بالنسبة للمنظار في البندقية المستعملة.
ولاحظ جعجع، في مؤتمر صحفي عقده بعد إعلان "القوات" عن العملية، أن ما جرى ليس مجرّد توجيه رسالة، بل كان المراد منها أن تكون هي الرسالة الأخيرة، في إشارة الى أن القصد كان اغتياله، رابطاً المحاولة بظروف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أي على مقربة سنة من الانتخابات، لكنه رفض توجيه الاتهام إلى أي طرف، من دون أن يُخفي بأن لديه شكوكاً، إذ ان الطرف الذي يقف وراء المحاولة هو محترف بامتياز، والدليل الأسلحة التي استخدمت من هذه المسافة والتي تصل إلى حدود أربعة كيلومترات والتي جرت المراقبة منها، عبر كاميرا خاصة.
ورفض جعجع تسمية الجهة التي يشك بها، تاركاً التحقيق يأخذ مجراه، الا انه أشار إلى أن الحادثة لا تأتي في سياق الاستهداف الداخلي، بل في إطار إزاحة شخصية عن الساحة، ومن البديهي أن هناك فريقاً في الداخل شارك في العملية، متسائلاً: "شو أجو من السما".

ردود الفعل
وأشعلت الحادثة مجموعة واسعة من ردود الفعل والاتصالات التي تلقاها جعجع، وأبرزها من الرؤساء ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وأمين الجميل وسعد الحريري وفؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط والسفيرة الأميركية مورا كونيللي، ومن عدد كبير من نواب 14 آذار وشخصيات.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أن الرئيس سليمان اتصل بوزير الداخلية مروان شربل وقائد الجيش جان قهوجي واطّلع منهما على التفاصيل، وطلب تكثيف التحقيقات لكشف الفاعل وتوقيفه لقطع الطريق على كل محاولة لإثارة الفتنة في البلاد.
ولاحظ الرئيس الحريري أن محاولة اغتيال جعجع محاولة لشطب رمز من الرموز السياسية التي لها وزنها، في حين اعتبر الرئيس السنيورة أن الجريمة بمثابة جرس إنذار إلى أن المجرمين عادوا للبحث عن ضحايا جدد، فيما حذّر جنبلاط من مغامرات العودة إلى الاغتيالات السياسية، لأن من شأن ذلك مفاقمة التوتر والانقسام ودفع البلاد إلى مزيد من المشاكل.
أما الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فقد طالبت باعتبار هذه الجريمة الخطيرة إشارة إلى دخول لبنان في مرحلة جديدة تتطلّب من الدولة العناية الفائقة من أجل حماية لبنان، وطلبت من الرئيس ميقاتي ووزير العدل شكيب قرطباوي اتخاذ جميع الاجراءات اللازمة لإحالة التحقيق بالجريمة إلى المحكمة الدولية، خصوصاً وأنها حصلت أثناء زيارة رئيس المحكمة إلى بيروت، بما يدل على أن الجهة الفاعلة لا تتحدّى فقط الأمن اللبناني بل القضاء الدولي أيضاً.

بري والسلحفاة
في غضون ذلك، كشف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، جانباً من الأسباب التي دفعته إلى الدعوة لعقد جلسات لمناقشة الحكومة منتصف نيسان الحالي، من خلال انتقاده للوتيرة البطيئة لأداء الحكومة، واصفاً حركتها بـ "سير السلحفاة"، مشدداً على ضرورة تفعيل عملها على الصعد كافة.
ونقل النواب عنه بعد لقاء الأربعاء النيابي، أن هذا البطء ينعكس على كل الملفات والقضايا المطروحة، مركّزاً على ملف النفط والغاز، والذي كانت اشارت اليه "اللواء" في حينه، متسائلاً عن اسباب التأخر حتى الآن في عدم نشر مرسوم هيئة ادارة قطاع النفط في الجريدة الرسمية تمهيدا لتشكيل هذه الهيئة.
وجدد بري الذي زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا، وبحث معه دعوته إلى جلسات المناقشة، التأكيد على اهمية الاسراع في الخطوات العملية للافادة من الثروة النفطية، مشيرا إلى ما قامت وتقوم به اسرائيل في هذا المجال بينما نحن ما زلنا نقتل الوقت من دون اي مبرر.
وتطرق الحديث إلى مواضيع اخرى على الساحتين المحلية والاقليمية، كما تناول ما نشر حول مناقشة قانون الايجارات، فنقل النواب عن رئيس المجلس قوله انه كان اكد على تسريع درس القانون المذكور في اللجان النيابية لكن ذلك لا يعني ان يسلق هذا القانون او ان يكون غير عادل.
ولاحظت مصادر نيابية، ان التوضيح الذي اصدرته مفوضية الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، لجهة نفي ما نشرته "اللواء" عن استياء النائب جنبلاط من الرئيس بري، فرصة للأخير لتجديد الاتصالات المقطوعة بين الرجلين، فأثنى مكتبه الاعلامي على بيان التقدمي الذي اكد ان "جنبلاط كان ولا يزال يملك كل الحرص على العلاقة التاريخية التي تربطه بالرئيس بري الذي يبقى التعويل الدائم على دوره الوطني الكبير في المحطات والمفاصل الاساسية". 

السابق
نفوق مجموعة من «نسور البحر» عند شاطىء صور
التالي
الشرق: حذروا من الوضع الاقتصادي المتفجر المطارنة الموارنة لتغليب الحوار والخير العام على ما عداه