مهنة عميل الحل الأمثل للبطالة… شكرا فايز كرم

"العميل فايز كرم الى الحرية".. جملة تثير استفزاز القسم الاكبر من اللبنانيين لا سيما وان قرار ادانته صدر عن المحكمة العسكرية، بعدما تثبتت الهيئة الاتهامية من صحة تعامله مع العدو وتواصله مع كبار الضباط. خرج العميل العوني بالامس من سجن الشرطة العسكرية في الريحانية، بعد أن قضى حكمه القضائي- الرضائي، الذي بدأ بثلاث سنوات تقلصت الى سنتين بعد الاستئناف، وشاءت الظروف ان يقر مجلس النواب قانون خفض السنة السجنية الى تسعة أشهر، ليستفد منها أيضا "العميل المحظوظ"، فيخرج عميلا بطلا بعد سنة و8 أشهر فقط.

غادر كرم فندق القضبان الحديدية بريئا، يتمتع بكامل حقوقه المدنية والسياسية، إلا انه ووفقا للنص القانوني لا يسمح له بالترشح الى الانتخابات النيابية ولا الاقتراع قبل مرور 7 سنوات، وذلك لأن المحكوم بأي جنحة او جناية يحتاج لمدة زمنية لاعادة الاعتبار لنفسه، فكيف اذا كان عميلا للوطن.

قد يكون الحكم "سياسي واطلاقه ايضا" كما صرح كرم، ولكن حين يعترف المجرم بعمالته، ويمتلك القضاء ما جمعه فرع المعلومات من أدلة حسية كأرقام الهواتف والاتصالات، الى المستندات والرسائل التي وجهها فايز الى زوجته واولاده، يقرّ فيها بعمالته مع العدو الاسرائيلي، وكان قد طلب منهم مسامحته على هذا التصرف المشين الذي اجبره على المضيّ فيه، لتحسين وضعه المعيشي، "ميشال عون لم يعطني مبلغا كافيا"!

عذر أقبح من ذنب، عذر من الصعب على من عايش الحروب الاسرائيلية، وشهد سقوط الابنية والجثث العالقة تحت الركام، نتيجة لاشارات ضوئية ترسل للطائرات الحربية، فيقصف المبنى المحدّد بمن فيه.
عذر من المستحيل على أمهات المظلومين القابعين في سجن رومية على الاقل خمس سنوات دون محاكمة، لينتهي بهم الامر حين يستيقظ القضاء لوجودهم، فيلتمس الرحمة ويصدر حكم براءتهم بعد ان يكونوا قد تعفنوا في ذاك السجن.

خروج عميل اعترف بجرمه بهذه الطريقة. يصعب تقبلها ممن يعمل ليلا نهارا، لتحصيل قوته بعرق جبينه، ويؤمن حاجاته الاساسية، أي حياة عادية خالية من السهر واللهو والرفاهية، التي يتمتع بها كرم وأمثاله من العملاء، الذين يحصلون على اموالهم وهم على مقاعد جلدية، ورؤوسهم على وسائد من ريش نعام.

عذر لا يمكن لمن يحمل شهادته الجامعية، ويدور من مؤسسة إلى أخرى، بحثا عن أي عمل يحميه من الجوع، ويقيه من الفقر والعوز. وكم هم كثر الشبان الذين يعملون خارج اختصاصاتهم، فتصبح سنوات السهر والدراسة بلا قيمة، وكأنها لم تكن.
أن تكون عميلا، تقدم المعلومات اليومية عن تحركات ابناء وطنك، والتقارير الاسبوعية، لمن يقتل ويدمر بأباء هذا الوطن، مقابل كميات من الاموال، ويحكم عليهم بالتنزه في السجن لمدة قصيرة، أمر يثير الدهشة. فلماذا التعب والركض وراء لقمة العيش؟ ولماذا يجهد هؤلاء الشبان في البحث عن وظيفة الاحلام؟ وإن وجدها يفلح لاكثر من تسع ساعات مقابل حصوله على الحدّ الادنى للاجور، أو على أبعد تقدير 800 ألف ليرة لبنانية، لا تكفيه لدفع الفواتير والضرائب وتشريج خط هاتفه. فتح "العميد البطل" الافاق لمئات الشباب العاطلين عن العمل لايجاد عمل جديد والعذر موجود مسبقا، فيصبح "خائن وعميل بأمر من الشيطان"، كما برر نيرون شيكاغو قتل والدته!!

خرج المتهم بالعمالة كأنه اسير محرر من السجون الاسرائيلية، فزيّنت له الشوارع وفتحت له زجاجات الشمبانيا، واستقبله رئيس كتلة التغيير والاصلاح النائب ميشال عون كأنه بطل.. وكل ذلك على جثث الشهداء والابرياء الذين قد يكونوا قضوا الى عالم الفناء بإشارة منه او من معلومة نقلها الى احد اولئك الضباط الصهاينة.

فإليك يا سيد المقاومة، نحن شعب لم نعتد على الظلم والظالمين، ولم نعتدك متساهلا مع العملاء. نقف خلفكم متحملين كافة الضغوط دفاعا عن بقاء المقاومة، فرضينا بالهموم والتهميش، فمن الكهرباء والتلوث والفساد، وانتشار المخدرات، الى الحروب المتكررة والبطالة والفقر، وصولا الى الغلاء وقطع الارزاق والاغتراب.. كلها لنحيا بحرية وعزّة. لكن التساهل مع العملاء أمر يصعب على شعب المقاومة تقبله، مهما كانت طائفته او انتمائه السياسي والحزبي.

بعد خروج كرم بتهمة عميل، والحكم على الشيخ محمد علي الحسيني بالسجن لخمس سنوات لنفس التهمة، وابقاء الشيخ حسن مشيمش بلا محاكمة.. بات من الطبيعي ان يعود العميل التاريخي أنطوان لحد وباقي اللبنانيين في اسرائيل، على قاعدة أنهم "قضوا محكوميتهم وفوقها حبّة مسك".

السابق
الراهبات الانطونيات أطلقت مشروع” التوعية للحد من مخاطر حوادث الدراجات النارية
التالي
إدانة روسي في جريمة ارتكبها كلبه