تاريخ موحَّد؟

هي قصة في كتاب وقصص من تاريخ لم يجتمع يوماً على محطة. كثرت الروايات والرواة، ومع كل منها تعددت وجهات النظر التي ترى في "كتاب التاريخ الموحد" فرصة لجمع ما لم يجتمع، أو مجالاً لإبداء الرأي في الحوادث التي طبعت تاريخ بلاد صغيرة الحجم وكثيرة الحكايا. اللبنانيون وكتاب التاريخ قصة طويلة لم تنته فصولها، ومع كل محاولة لفتح الصفحة الأولى، تعيد الخلافات والاتجاهات عقارب التاريخ الى الساعة الصفر. المحاولة الأخيرة آلت الى الأدراج في انتظار التوافق عليها، والأرجح انها لقيت مصير مثيلاتها التي سبقتها الى الظل. خريطة لبنان ملأى بحوادث وتواريخ يستحق كل منها كتاباً، ويبقى السؤال بعد تكرار التعثر: هل يمكن اللبنانيين ان يتفقوا يوماً على تاريخ موحَّد يدوّنونه في كتاب واحد؟

لم تفتح صفحة كتاب التاريخ بعد. كلما بدأ النقاش في الموضوع طفا الخلاف الى العلن، وشرع السياسيون والأكاديميون – المتخصصون منهم وغير المعنيين – في جدل لم ينتهِ حول كتاب يفترض فيه ان يكون مرآة الأجيال المقبلة لما مضى من أيام وأزمنة. حمل "نهار الشباب" سؤالاً بسيطاً الى المسؤولين الشباب في الأحزاب المتصارعة على حصة من الزمن: "ماذا تريدون من كتاب التاريخ؟". ننشر الأجوبة كما رد بها المعنيون، حتى أولئك الذين فضّلوا عدم الدخول في النقاش، علنا بهذه الطريقة نفسح في المجال لجدل ايجابي نأمل منه ان يكون مقدمة ما لمسار طال كثيراً، وتشعبت دروبه بحيث لم تترك فسحة للأمل.

حزب الكتائب
باتريك ريشا
من المهم ذكر مراحل تعتبر مهمة ولها دور كبير في صنع الوعي المسيحي. فحرب السنتين ومعارك زحلة وحصار الاشرفية وغيرها من الامور التي تشكل نوعاً من الانتصار يجب ان تقرأها اجيالنا الآتية. المشكلة الاساسية بالنسبة إلينا هي مرحلة الحرب اللبنانية. نريد ذكر اغتيال الرئيس بشير الجميل وذكر من قتله، الذي اعترف كما يعرف كل اللبنانيين بجريمته، ويجب ان يعلّم ايضاً الى اي حزب ينتمي هذا الشخص وكيف تم تهريبه من السجن بمساعدة الاحتلال السوري، كل هذه الأمور لا يمكن تجاوزها. لماذا لا ذكر المشكلات التي حصلت داخل الصف المسيحي؟ وحرب العماد عون و"القوات" التي ادت الى دخول الجيش السوري الى المنطقة الشرقية وليست "حرب تحرير" كما يعتقد الكثيرون، ولماذا لم تذكر المعارك بين "أمل" و"حزب الله"؟ وحرب المخيمات؟ والكثير من الحروب والمشكلات التي تعتبر اليوم حروب الاخوة؟ ولماذا لم تذكر الانقلابات التي حصلت داخل "القوات اللبنانية" في فترات عديدة؟ نرفض اعتبار مرحلة ما بعد الطائف مرحلة الازدهار والاستقرار، لان هذا الوصف يظهر اللبنانيين كأنهم راضون بالأمر الواقع، في حين كان هناك اعتراض كبير من قسم لا يستهان به من اللبنانيين، وكانت المقاومة الطالبية في أوجها، وكان المعتقلون يملأون السجون. نريد ذكر حادثة عين الرمانة كما تقول بها الفصائل الفلسطينية، وايضا كما تقول الكتائب، ونريد ذكر المرحلة السابقة لهذه الحادثة التي شهدت الكثير من التجاوزات من الفلسطينيين وتطاولهم على أمن اللبنانيين وسيطرتهم على قرار الدولة.

رئيس مصلحة الطلاب
الوطنيون الاحرار
سيمون ضرغام
كل ما نريده من كتاب التاريخ ان يكتب الحقيقة كما هي، وكما حدثت. نريد ذكر حرب المئة يوم، تلّ الزعتر. وكما ذكرت مجزرتا صبرا وشاتيلا، نريد ذكر مجزرة الصفرا، مجازر الجبل بعد اغتيال كمال جنبلاط ومجزرة السعديات، اغتيال داني شمعون، نريد ذكر ثورة الارز كما ذكرت ثورة جبل عامل، نريد ذكر ان سوريا كانت احتلالاً كالاحتلال الاسرائيلي. نرفض التحدث عما سماها الكتاب "حوادث زحلة والأشرفية" لأن كلمة "حوادث" لا تنطبق على المعارك التي حصلت في تلك المناطق. فقد وقعت معارك ضارية بين اللبنانيين والمحتلين ذهب ضحيتها الكثير من الشهداء، وكلمة حوادث تقلل اهمية ما حصل. نريد ذكر المجازر التي ارتكبها الجيش السوري بعد اجتياحه للمناطق الشرقية، والاعدامات التي نفذها بحق ضباط الجيش اللبناني وجنوده آنذاك، ولن نرضى بذكر كلمة دخول الجيش السوري الى المنطقة الشرقية على قاعدة انها كانت منطقة خارجة عن القانون. نطالب أيضاً باعتبار الجيش السوري طرفاً في الحرب اللبنانية لأنه كان كذلك ولم يدخل لإدارة الازمة كما يخبرنا الكتاب المفترض، ونرفض عبارة "نزع السلاح" التي يجب استبدالها بـ "تسليم السلاح".

مسؤول منظمة الطلاب
"حزب الله"
يوسف بسام
نرفض الدخول في النقاش حول كتاب التاريخ لأن هذا الموضوع يدخل في اطار نقاش أكاديمي، كما انه موضوع سجالي في لبنان نفضل عدم التصريح في شأنه.

مسؤول الشباب
"التيار الوطني الحر"
انطون سعيد
يكرر مسؤول لجنة الطلاب والشؤون الطالبية في "التيار الوطني الحر" انطون سعيد عن اقتناع، كما يقول بعض ما قاله العماد ميشال عون في كتاب التاريخ، اذ يعتبر انه "يجب ان يسرد الحوادث كما هي من دون تحليل او تفسير لها. نريد ذكر الشخصيات الوطنية التاريخية كما تستحق مثل داني شمعون، بشير الجميل وغيرهم. نريد ان يذكر كيف قتلوا، نريد ذكر كيف وقف العماد عون وتحدى العالم في 14 آذار 1989، ونريد ان يتعلم طلابنا عن 13 تشرين (الأول 1990)، نريد ذكر المجازر التي حصلت في تلك الفترة".
ويشير الى ان الاهم هو ذكر مرحلة النضال الشبابي والطالبي من عام 1992 الى عام 2005 "هذه الفترة هي ليست فترة عمران فقط، هي المرحلة التي قاوم فيها الشباب الللبناني ضد تجاوزات الاحتلال السوري"، مشدداً على ضرورة ذكر الديون التي تراكمت على لبنان في "فترة الازدهار (بتهكم) من دون ذكر مَن سبّبها لاننا نكون قد دخلنا في الأحكام".

مسؤول لجنة الطلاب والشؤون الطالبية
الحزب القومي
صبحي ياغي
التاريخ هو الذي يسجل ذاكرة الشعوب ومن هنا يجب ان يذكر الخائن على انه خائن والوطني على انه وطني، يجب ذكر مرحلة المواجهة مع الانتداب الفرنسي بكل تفاصيلها، والتركيز على مؤامرة سايكس – بيكو ووعد بلفور، كما من الضروري الحديث عن المقاومة في وجه العدو الصهيوني، وبداية هذه المقاومة، ودور بعض الاحزاب فيها ودورها في مواجهة المشروع التقسيمي في لبنان. من الضروري ان يذكر كتاب التاريخ ابطال الاستقلال الحقيقيين كالشهيد سعيد فخر الدين وليس ما يسمى رجالات الاستقلال الذين كانوا مرتبطين بالسفارات والدول الاجنبية، ويجب ان عدو لبنان الحقيقي هو اسرائيل وليس سوريا كما يرغب البعض. ثمة ضرورة أيضاً لعدم اظهار محاولة الانقلاب في عهد فؤاد شهاب كأنها انقلاب على بناء الدولة والاصلاح والازدهار. لقد حدثت محاولة الانقلاب بسبب القمع الذي كان يتعرض له القوميون وقمع الحريات الذي كان يعانيه اللبنانيون. كما يجب الحديث عن انطون سعادة صاحب المدرسة الفكرية الذي اعدم من دون محاكمة فعلية من النظام الطائفي الذي دمر البلد ويدمره.

عميد التربية والشباب
"القوات اللبنانية"
شربل عيد
للقوات ملاحظتين حول كتاب التاريخ، الأولى تتمحور على كيفية تأريخ مرحلة الحرب الأهلية وتالياً النضال المسيحي خلالها. نحن نريد ذكر اللبنانيين الذين ناضلوا لكي لا يأخذ الفلسطينيون بلدنا وكي لا يحتلوه السوريون. نريد ذكر الشباب الذين تركوا دراستهم وعائلاتهم من أجل الدفاع عن لبنان. اما الملاحظة الثانية فهي اعتبار الحقبة من عام 1990 حتى عام 2005 حقبة تكبيل اللبنانيين وقمعهم من سلطات الوصاية السورية. ففي هذه الفترة التي اعتبرت في كتاب التاريخ فترة الاستقرار والعمران، كان كل شيء في يد سلطة الاحتلال السوري. رئيسا الجمهورية والحكومة والنواب والوزراء كانوا صنيعة سورية، انه عصر الاحباط المسيحي. نريد ذكر المعارك ضد المحتل، الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن لبنان، بشير الجميل ومسيرته، كل هذه الامور حضّرت لبنان لمرحلة الاستقلال الثاني الذي تحقق في ثورة الأرز التي انطلقت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي وحّدت دماؤه اللبنانيين. إن ثورة الأرز وما تلاها مرحلة في غاية الأهمية ويجب ذكرها لانها هي من حررت لبنان وادت الى انسحاب الجيش السوري.

مسؤول مصلحة الطلاب
الحزب التقدمي الاشتراكي
أيمن كمال الدين
نرفض الدخول في تفاصيل الاحداث التي يجب ذكرها في كتاب التاريخ لكننا نؤيد ان تذكر كل الاحداث التاريخية من دون استثناء، وهذا لا يلغي موقفنا القائل ان الوضع الحالي في لبنان والمنطقة ليس مناسباً لمناقشة هذه القضية لأنها مشروع خلاف بين اللبنانيين في غياب الحوار الجدي والفعال في ما بينهم.

الأمين العام لمنظمة الشباب التقدمي
"تيار المستقبل"
طارق حجار
ان أهم ما يجب ان يذكر في كتاب التاريخ هو فترة انتفاضة الاستقلال التي كانت مرحلة مغيّرة في التاريخ اللبناني. يجب ذكر 14 شباط، و14 آذار وكل الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي طاولت اللبنانيين الأحرار من النظام السوري، يجب ذكر 7 ايار ومن قام به ولأي سبب، كما من الضروري الحديث عن النتائج التي ترتبت عنه كإتفاق الدوحة مثلا. نحن مع ذكر الحروب التي مرّت على لبنان والتحرير عام 2000 وعدوان نيسان 1996 والحرب الاسرائيلية في 2006، لكن في الوقت عينه يجب ذكر مصالحة الجبل التي حصلت بين (النائب) وليد جنبلاط والبطريرك (الماروني مار نصرالله بطرس) صفير. من المهم أيضاً ذكر المرحلة الممتدة من 1992 الى 2005 على انها مرحلة ازدهار واعمار ونمو اقتصادي، مع ذكر كل التجاوزات التي كان نظام الوصاية يقوم بها كالاعتقالات وقمع الطلاب الذين كانوا يطالبون بالحرية والسيادة والاستقلال. نحن مع ذكر الديون التي ترتبت على لبنان في تلك الفترة لكننا مع ذكر اسبابها التي هي الحروب الاسرائيلية المتتالية على لبنان، والعراقيل التي كانت السلطات السورية تتقصد اقامتها في وجه السياسات الاقتصادية المخلصة للبلد.

مسؤول الطلاب في قطاع الشباب

حركة "أمل"
حسن زين الدين
نحن مع ذكر كل الأحداث من دون اي استثناء، ومن دون اهمال اي طرف، ونصرّ على ألا يستفز التاريخ اي طرف من الاطراف. فتاريخ لبنان يجب ان يذكر بكامل تفاصيله وان يكتب بموضوعية. نؤيد ذكر جميع الشهداء إما باعتبارهم شهداء، او من خلال الاتفاق على عبارة موحدة تجنبا للاختلاف. كما ندعو الاطراف الى الاتفاق على تعريفات محددة توضح بعض الامور (العمالة، الشهادة، الحرب، الاحداث) لكي يروى التاريخ ويوضع في اطاره الصحيح.

المسؤول التربوي المركزي
5 محطات لكتاب بلا تاريخ
¶ استقبل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وفداً طالبياً من حزب الكتائب تقدمه النائب سامي الجميل، الذي نقل عن رئيس الحكومة "سحب الموضوع نهائياً من التداول في انتظار إجماع اللبنانيين على هذا الملف".
¶ تظاهرة دعا اليها شباب حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار احتجاجاً على المنهج المقترح لكتاب التاريخ، تخللها إشكال واعتداء بالهراوات على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح. (الصورة ناصر طرابلسي)
¶ جدل بين القوى السياسية حول إدراج "ثورة الأرز" في منهج التاريخ، ونقاش مستمر طاول الموضوعات الواجب ذكرها أو حذفها.
¶ تأليف لجنة وزارية من عشرة أعضاء (الصورة مروان عساف)، قامت بإدخال تعديلات على منهج موحد لكتاب التاريخ حتى الصف التاسع الأساسي، كانت قد أعدته لجنة سياسية – أكاديمية بدأت عملها مطلع 2010، ورفعه الوزير السابق حسن منيمنة الى مجلس الوزراء.
¶ المحاولة "الأخيرة" لتأليف كتاب موحد للتاريخ تعود الى نحو 10 سنين، وأوقفت سياسياً بعدما أنجزت لجنة اكاديمية عملها ورفعته الى وزير التربية في حينه عبد الرحيم مراد.

السابق
وثيقة تيار المستقبل: خمس ملاحظات
التالي
أولاد مصابون بالسرطان احتفلوا بعيد الأم