ضربة مالية للمشكلة الذرية

يحاول المجتمع الدولي منذ سنة 2006 ان يقنع ايران بسبل مختلفة ان تغيير سياستها في الشأن الذري أفضل لها، وفي الاسبوع الماضي بلغت الجهود الاقتصادية المالية ذروتها، ولأول مرة في التاريخ فصلت دولة عضو عن نظام سداد الاموال الدولي. ان نظام «سويفت» هو في واقع الامر شبكة اتصال عالمية مشفرة ذات معايير ثابتة لنقل المبثوثات في جميع المجالات المالية التي تملكها المصارف. في يوم الخميس أعلنت الشركة انها تفصل 25 مصرفا ايرانيا عن نظمها ابتداء من يوم السبت. فلن تستطيع ايران في واقع الامر تحويل مبثوثات تعني اصدار أوامر مالية لتحويل اموال بشتى المجالات المصرفية.

ان «سويفت» ومقرها بروكسل، تستعمل نظام سداد الاموال الدولي الأكبر، وهي تسيطر على أكثر من 80 في المئة من الصفقات المالية وتحويلات الاموال الالكترونية المؤمنة في العالم. ويرتبط بعضوية الشبكة نحو من 10 آلاف مصرف ومؤسسة مالية في 210 دول. ان نظاما مصرفيا حديثا لا يستطيع ان يعمل بغير القدرة على اجراء تحويلات دولية وصفقات تجارية دولية وفتح اعتماد توثيقي وعلاج جباية موثقة واجازة صفقات عمولات اجنبية في غرف صفقات ونقل أوراق مالية، فكل هذه مدعومة بـ «سويفت».
ان الاقتصاد العالمي مرتبط من حبله السري بالنظام الذي يزود بقاعدة لتحويل الاموال بمبالغ صغيرة وتنفيذ تحويلات ضخمة في الوقت المناسب. ومعنى ذلك ضربة قاتلة لكل اقتصاد حديث. ففصل دولة كاملة عن النظام خطوة حاسمة لا مثيل لها ولم يسبق لها مثيل ولم يبادر الى مثلها قط. توجد لكل دولة في الحقيقة شبكات محلية لتنفيذ تحويلات مالية بين المصارف المحلية لكن شبكة «سويفت» في أكثر دول العالم تُقدم قاعدة تحتية تكنولوجية هي حل لتنفيذ تحويلات مالية في الوقت المناسب داخل الدولة ايضا. ولن يستطيع الايرانيون الذين يسكنون خارج ايران ايضا تحويل اموال الى عائلاتهم.

ما هي الامكانات المتاحة مع كل ذلك لايران التي سد الطريق أمام نشاطها المالي؟ يمكن تحويل الاموال عن طريق نظام «سويفت» من قبل جهة اخرى لا تؤيد الايرانيين رسميا؛ ويمكن تحويل اموال نقدا أو ذهبا في حقائب لكن يمكن تنفيذ ذلك فقط بصورة محدودة وبين جهتين فقط؛ وتوجد شبكات تحويل مثل «ويسترن يونيون»، لكنها مخصصة لحاجات بالجملة لا لحاجات أعمالية، وينبغي ان نتذكر انه ليس لايران ممثلية محلية للخدمات الاجتماعية؛ وتستطيع ايران ايضا ان تتم صفقات تجارية بتبادل سلع ويمكن ان تلائم هذه الطريقة بيع ايران النفط مقابل الحصول على منتوجات اخرى من الهند والصين اللتين تبيعهما النفط.

لايران فوائض من النقد عالية جراء بيع النفط في الماضي تُمكّنها من البقاء في الأمد القصير، لكن بصورة محدودة فقط. وصفقات «بارتر» ممكنة وعملية في الحقيقة لكنها تجعل حياة الدولة كلها صعبة، وهذه الخطوة وبقدر كبير أهم كثيرا من حظر بيع النفط الذي خطط له الاتحاد الاوروبي لمواجهة ايران والذي يفترض ان يدخل حيز التنفيذ في الاول من تموز، وذلك لأن ايران لن تستطيع البقاء زمنا طويلا بلا قدرة على تنفيذ نشاط دولي، والقرارات الاوروبية الاخيرة تضر بها ضررا بالغا. بقي فقط ان نعلم أهي كافية لجعل ايران تغير سياستها.

السابق
الاتحاد الاوروبي يقرر صرف 35 مليون يورو لمساعدة الفلسطينيين
التالي
حتى الجولة التالية