سعادة: كتاب التاريخ لتجنّب الحرب

شدد عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب سامر سعادة على أن من غير المقبول أن تتعرض القوى الامنية لطلاب "الكتائب" و"الاحرار"، لأنهم "يطالبون بحقهم في إبداء رأيهم في دولة من المفروض أن تحميهم، وتؤمن لهم الوسائل التي تمكنهم من التحرك بطريقة سلمية"، مشيراً الى أن الهدف من التظاهرة اول من امس هو "تبيان ان هناك أناساً ضحوا في هذا البلد، ولا يمكن لوزير التربية بجرة قلم أن يكتب التاريخ وفق ما يراه مناسبا".
ورأى في حديث الى "المستقبل" امس، أن "كتاب التاريخ يجب أن يكون نقطة انطلاق للشعب اللبناني، لتجنب الحرب كي لا تعاد من جديد"، معتبراً أنه "لا يمكن ان نستمر في سياسة التهرب والنأي عن كل الامور التي تحصل في البلاد، بما في ذلك تاريخنا".
ولفت الى أن المبالغ التي صرفت خارج القاعدة الاثني عشرية يجب ان تحول دراستها الى ديوان المحاسبة، "وإذا تبين أن هناك هدراً وسرقة فليحاسب المرتكب، وإذا لم يكن هناك هدر فيجب أن نطوي هذه الصفحة".
وهنا نص الحوار:

 ما هي دلالات ما حصل يوم السبت من مواجهات بين طلاب "الكتائب" و"الاحرار" مع القوى الامنية؟
ـ أعتقد أن الحكومة اللبنانية تتصرف عكس ما يجري في المنطقة العربية حولنا من ثورات ومطالبة بالديموقراطية. ففي حين من المفروض أن يكون لبنان منارة للديموقراطية والحرية وكرامة الانسان، إذا بالقوى الامنية تتعامل مع الطلاب الجامعيين بطريقة همجية كما شاهدنا في وسائل الاعلام. هذا الامر غير مقبول لأن الطلاب يطالبون بحقهم في إبداء رأيهم في دولة من المفروض أن تحميهم، وتؤمن لهم الوسائل التي تمكنهم من التحرك بطريقة سلمية. وما رأيناه هو رد فعل همجي لم نعرف الى اليوم لماذا حصل.

 ماذا سيحمل الطلاب الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غداً؟
ـ من المفروض ان يعرض الطلاب لرئيس الحكومة وجهة نظرهم، فالهدف من التظاهرة هو تبيان ان هناك أناساً ضحوا في هذا البلد، ولا يمكن لوزير التربية بجرة قلم ان يكتب التاريخ وفق ما يراه مناسبا، وتحت مظلة التوجهات السياسية للحكومة الحالية. منطق كتابة التاريخ نص عليه إتفاق الطائف وأتى بعد حرب لبنانية، وروحية هذا الاتفاق الذي كتب بعد دخان ودم، لذلك يجب ان يكون كتاب التاريخ نقطة إنطلاق للشعب اللبناني كي يفهم الآخر بتوجهاته وآرائه، لتجنب هذه الحرب حتى لا تعاد من جديد. تغييب هذا الجزء من تاريخ لبنان لن يغير شيئاً بالنسبة الينا، كمسيحيين مقاومين في تلك الفترة، لأننا سنبقى نعلّم أولادنا المبادئ التي نؤمن بها، لكن ما سيحصل هو تغييب لثورة الارز من كتاب التاريخ وهذا ما سيحرم اللبنانيين من الاجيال القادمة من معرفة هذه الثورة، وكيف يجب ان نتعامل مع بعضنا البعض لتجنب الاخطاء التي وقعنا فيها، والتي أدت الى عرقلة بناء الوطن سويا.

هناك من يقول ان الوقت لم يحن بعد لكتابة التاريخ، هل رد الفعل على التظاهرة هو مؤشر الى وضع كتاب التاريخ في الادراج؟
ـ بالعكس تماما، المشكلة في لبنان أنه لم تحصل تنقية لذاكرة اللبنانيين، ولا مصالحة حقيقية ومعالجة للمشكلات التي وقعت. ما حصل في الفترة السابقة خلال وجود النظام السوري في لبنان وهيمنته على مقدرات الدولة والحياة السياسية، هو أننا لم نناقش ما جرى خلال الحرب كما يجب، بل أجلنا البحث فيها وبقي الجمر تحت الرماد، لكن الامور لا يمكن ان تستمر على هذا النحو، وعلينا كتابة التاريخ سويا ليضع كل طرف وجهة نظره في ما حصل في هذا البلد ولماذا، ولا يمكن ان نستمر في سياسة التهرب والنأي عن كل الامور التي تحصل في البلاد، بما في ذلك تاريخنا. هذا امر غير مقبول، ولا يمكن ان نكمل على هذا النحو إذا أردنا ان نبني دولة بعيدا عن التقسيم. لذلك على جميع اللبنانيين، من منطلق اللاغالب واللامغلوب الذي حصل في إتفاق الطائف، ان يجلسوا سويا لكتابة وجهة نظرهم كما يروها، على ان يترك للطالب اللبناني ان يقرأ وجهتي النظر، وتحليل الاحداث التي حصلت. أما اليوم فلا يمكن فرض وجهة نظر واحدة على فريق من اللبنانيين، وهذا امر لا يمكن قبوله من فريق من اللبنانيين، لأنه يعني التأسيس من جديد لحرب أخرى، اذ أن كل فريق يجهل الآخر، ولا نتصدى لمناقشة الاختلاف في وجهات النظر بيننا.

 كيف تقرأون محاولات معالجة ملف الـ11 مليار دولار التي حصلت في مجلس الوزراء؟
ـ نحن نأسف لأن فريقا من اللبنانيين يستعمل ملف الـ 11 ملياراً كـ "قميص عثمان" من أجل إبتزاز الفريق الآخر، بينما تصرفاته في الحكومة الحالية ليست للاسلوب الذي اتبع في الحكومات السابقة. ما نقوله ان هذه المبالغ التي صرفت خارج القاعدة الاثني عشرية يجب ان تحول دراستها الى ديوان المحاسبة، وإذا تبين أن هناك هدراً وسرقة فليحاسب المرتكب، ما إذا تبين أنه لم يكن هناك هدر فيجب أن نطوي هذه الصفحة. ان الظروف التي حكمت الانفاق في السنوات الماضية لم تعد موجودة اليوم، وكان على الحكومات ان تقدم موازنات الى مجلس النواب لإقرارها، ولا يمكن أن نكمل في هذه الطريقة من الانفاق، ويجب على الحكومة من الآن وصاعدا تقديم موازنة حقيقية تتضمن ضبطاً للنفقات، الى المجلس النيابي الذي يلعب دور الرقيب على صرف هذه الاموال.

 إلامَ يمكن ان تؤسس وثيقة "تيار المستقبل" التي أطلقت الاسبوع الماضي؟
ـ الترحيب بالوثيقة جاء من جميع الاطراف بما فيهم خصوم التيار، لأنها وثيقة مبنية على أسس التعايش والتفاهم بين اللبنانيين، ووفق قواعد المصارحة اللبنانية ـ اللبنانية والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، التي يعتبر "تيار المستقبل" أكبر المدافعين عنها. وكلبنانيين في دولة ديموقراطية لنا الحق في الاختلاف، ولكن ضمن المسلمات اللبنانية الاساسية التي ظهرت في هذه الوثيقة، ونحن نؤيد ما ورد فيها، ونعتبرها خطوة أساسية لتنقية ذاكرة اللبنانيين وبناء دولتهم على أسس سليمة.

ما الجديد الذي يمكن ان يحمله إحتفال ذكرى 14 آذار بعد إطلاق هذه الوثيقة؟
ـ ليس من الضروري ان يحمل الاحتفال أمرا جديدا، بل لا بد من التشديد على المسلمات التي انطلقت في ثورة الارز، وهي بناء دولة لبنانية حقيقية يعيش فيها المواطنون تحت سلطة القانون والمؤسسات، ولكن للاسف لم نستطع حتى اليوم بناء هذه الدولة، ولم نستطع تكريس إحترام القانون الذي نحلم به، وهذا ما تريده 14 آذار، أي إحترام حرية الانسان وكرامته، التي استشهد إكراما لهما شهداء 14 آذار، وألوف من اللبنانيين الآخرين لكي نتمكن من بناء دولة لا تنأى بنفسها عن المجازر حولها. ونريد لبنان يقول الحقيقة بكل جرأة مهما كلفت الامور، ونريد دولة تحكم فيها سلطة القانون.

ماذا تتوقعون من مبادرة مبعوث الامم المتحدة كوفي أنان لحل الازمة السورية؟
ـ بغض النظر عن تدخل الامم المتحدة لحل الازمة السورية، على الشعب السوري ان يقرر مصيره ويعرف ما يريد ويقدم التضحيات اللازمة لتأسيس الدولة التي يريدها. من هذا المنطلق نحن ندعم كلبنانيين كل الحركات الديموقراطية التي تحصل في كل الدول العربية، ومنها سوريا كدولة قريبة من حدودنا، ولكن تحقيق الديموقراطية لا يمكن ان يحصل الا بيد الشعب السوري.

السابق
جعجع والجميّل رفضا إعطاء موعد للشيخ الاسير
التالي
عن الإدمان في إقليم التفاح… الدكتور سعادة رَصَدْنا أكثر من 300 حالة