لا علم لبنانياً في الساحة

من حق اللبنانيين ان يعبروا عن مواقفهم السياسية الموالية أو المعارضة لكل سياسات العالم، لان لبنان كان، وعسى أن يبقى، منبر حرية، وموئلا للهاربين والمضطهدين في بلدانهم. كان لبنان ملجأ المفكرين والصحافيين والكتاب وقادة الاحزاب لما تمتع به من حرية تعبير وتفكير. لكن التراجع الذي اصابه جعله مدة من الزمن مركزا للارهابيين أو للاصوليين المتشددين الذين لا يعترفون بالآخر، وقد ساهمت الوصاية السورية في دفعه في هذا الاتجاه كي يصير اشبه بنظامها، نظام اللون الواحد الذي لا يتسع لاي معارض أو مخالف في الرأي.

ونحن على ابواب ذكرى 14 آذار 2005، في ساحة الشهداء، تلك الساحة التي شهدت اروع حشد لبناني، لبناني مئة في المئة، شاهدنا امس تظاهرتين. الاولى لمعارضي النظام السوري، والمدافعين عن السوريين الذين يقتلون كل يوم بسلاح "الشرعية" السورية، والثانية لحزب البعث السوري ومعه اعداد من العمال السوريين الذين تحركهم المخابرات في سفارة بلادهم ببيروت، الى عناصر في احزاب لبنانية موالية أو مرتهنة لنظام بشار الاسد.
لهؤلاء واولئك الحق في التعبير عن ارائهم ومواقفهم. ونحن نحترم ذلك وقد دفعنا ثمن تمسكنا بحرية التعبير الغالي والكثير، وان كنا لا نتفق مع الفريقين في منطلقاتهما لانها غير لبنانية، فهي في الاولى اسلامية سلفية، ولم تتمكن من جمع المسلمين، حتى السنة منهم. والثانية سورية مئة في المئة، في توجهات المنظمين، وفي هويات المشاركين.

ما يؤسف في مشهد ساحة الشهداء هو المقارنة بين 2005 و2012. مليون علم لبناني ارتفعت في الساحة قبل اعوام، اما امس فلم يرتفع علم لبناني واحد، هنا علم اسلامي وهناك علم سوري وبعثي. كأن المطالبة بحقوق المواطن السوري المظلوم والمضطهد ليست مطلبا لبنانيا جامعا. ان اقتصار الدعوة على الاسلاميين لا تفيد في شيء وتذهب بالقضية المحقة للشعب السوري الى زواريب المذهبية الضيقة، وتخرجها من الاطار العالمي لحقوق الانسان، وتؤكد للعالم ان مجموعات اصولية هي في صلب المعارضة السورية مما يزيد الحذر من دعمها على نطاق واسع. أما رفع الاعلام السورية وصور الرئيس بشار الاسد فلا تعني في كل حال تأييداً لبنانياً له ولنظامه، بل قدرة سورية مستمرة على تحريك مجموعات سورية في لبنان أو مجموعات لبنانية ترتبط مصالحها ومناصبها ومكاسبها ببقاء النظام في سوريا.

السابق
نتنياهو سيطالب أوباما اليوم بإبقاء الخيار العسكري قائما ضد إيران
التالي
مشروعان مضادان