بريجيتا: لا نتوقع أكثر من ميقاتي

تزين السفيرة الألمانية في بيروت بريجيتا سيفكر إيبرلي كلماتها بميزان الصائغ، متوخية أقصى درجات الدقة في التعامل مع ظرف هو الأدق والأخطر في المنطقة. إيبرلي التي بدأت حياتها الدبلوماسية في دمشق وعاشت طفولتها في بيروت حيث كان والدها دبلوماسيا، درست في الجامعة الأميركية سنة كاملة قبل مغادرتها لبنان بسبب الحرب.
تعطي إيبرلي الشأن السوري حيزا كبيرا من اهتمامها، خاصة وأنها باتت تنجز الأعمال القنصلية للرعايا الألمان في سوريا من بيروت نظرا «لاستدعاء السفير الألماني في سوريا للتشاور»، وتشير الى ان ألمانيا لم تغلق سفارتها في دمشق «لكن الأعمال معلقة فيها لأسباب أمنية».

وتعليقا على انعقاد «مؤتمر أصدقاء سوريا» اليوم في تونس تنفي إيبرلي إمكان الاعتراف بالمعارضة السورية قائلة: «لا أعتقد أنه سيتم الاعتراف بأي من شقي المعارضة، لأن الاعتراف يتم بصورة ثنائية من قبل الإتحاد الأوروبي مثلا أو من قبل أي دولة ثانية، ومجموعة الإتصال هذه ليست هيئة مؤسساتية، كذلك يجب الانتظار لكي يحصل اتفاق بين مختلف أجنحة المعارضة السورية».

تعلق ايبرلي على الموقف الروسي من أحداث سوريا بالقول «من الممكن أن تخسر روسيا نفوذها في الشرق الأوسط إذا كانت رؤيتها له معاكسة لمسار التاريخ». وتلفت الانتباه الى انه «لو بدأ بشار الأسد الإصلاحات في بداية الانتفاضة (السورية) لكان وجد الكثير من الدعم، لكنه تأخر كثيرا».
تكرر إيبرلي تفهّم بلادها لموقف لبنان النائي بنفسه إزاء الأزمة السورية، معرجة على التبادل التجاري المختل بين البلدين، فضلا عن التعاون الأمني القائم وخصوصا بين القوات البحرية الألمانية والقوات البحرية اللبنانية، مشيرة أيضا الى أن «نتائج المراجعة الإستراتيجية لقوات «اليونيفيل» باتت قريبة جدّا».

وفي ما يأتي نص الحوار:

ما هي رؤية ألمانيا لانعقاد «مؤتمر أصدقاء سوريا» اليوم في تونس خصوصا أن وزير الخارجية الالماني صرّح بأن «على الدول العربية وتركيا ان تلعب دورا في «مجموعة الاتصال الدولية» في شأن الازمة السورية؟
ألمانيا تدعم هذا المؤتمر وترحب به وهي من المشاركين فيه، ونأمل أنه بعد الحاجز الذي عرقل التوصل الى قرار في مجلس الأمن الدولي حول سوريا ان يشكّل هذا المؤتمر قوة دفع وزخم للعملية المتعلقة في سوريا، والأمر الأهم الذي يجب أن يتبلور في هذا المؤتمر وتتم الموافقة عليه يتمثل بالمنافذ الإنسانية للشعب المتألم، واتمنى أن يشكل هذا المؤتمر فاتحة حلّ للأزمة الإنسانية في سوريا. وما نتوقعه أيضا من هذا المؤتمر دور فاعل من قبل جامعة الدول العربية ومن تركيا لأنهما لاعبان إقليميان ومشاركة اللاعبين الإقليميين مهمة جدا».

هل صحيح ان «مجموعة أصدقاء سوريا» تشبه مجموعتي الاتصال اللتين أسستا من اجل العراق وليبيا بهدف الالتفاف على قرارات مجلس الأمن تلافيا لـ«الفيتو» الصيني والروسي؟
هدف هذه المجموعة هو إبطال «الفيتو» في مجلس الأمن، لكن من دون تدخل عسكري. الوضع في ليبيا مختلف وكان التدخل ممكنا بسبب الوضع الميداني هناك، في حين أن الأمر ليس مشابها في سوريا حيث لا يمكن للتدخل العسكري أن يحصل.

قالت الدبلوماسية الروسية في معرض تبريرها عدم المشاركة في مؤتمر تونس أن «أهدافه غامضة»؟
أعتقد أن الهدف الأهم اليوم هو فتح باب المساعدة الإنسانية للشعب السوري ونحن نعلق آمالنا على المؤتمر أما مجموعة الاتصال المكونة من الدول العربية والغربية فتهدف الى إعطاء قوة دفع جديدة للقرارات حول سوريا.

هل من الممكن أن يمهّد هذا المؤتمر للاعتراف بالمعارضة السورية؟
هناك اليوم المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق السورية، ولا أعتقد أنه سيتم الاعتراف بأي منهما لأن الاعتراف يتم بصورة ثنائية من قبل الإتحاد الأوروبي مثلا أو من قبل أي دولة ثانية، ومجموعة الاتصال هذه ليست هيئة مؤسساتية، كذلك يجب الانتظار لكي يحصل اتفاق بين مختلف أجنحة المعارضة السورية قبل التوصل الى أي اعتراف.

هل تتوقعين صدور قرار قريب عن مجلس الأمن يدين سوريا؟
لا أعتقد ذلك، لأن اي قرار يدين العنف الذي يحصل في سوريا هو غير ممكن أقله الآن، ولهذا فإن أكثرية الدول اختارت سلوك طريق آخر يتمثل بالجمعية العامة للأمم المتّحدة حيث اعتمد النص ذاته في 16 من الجاري وأقرته 137 دولة وأعتقد أن هذا يشكل إشارة قوية لسوريا لتتوقف عن استخدام القوّة ولإيجاد حلّ سلمي كما إنه من المهم لجامعة الدول العربية العثور على حلّ سلمي، وهي إشارة مهمة للتضامن مع الشعب السوري.

لماذا أغلقت ألمانيا سفارتها في سوريا؟
لا يمكن الحديث عن إغلاق السفارة بل إنها غير عاملة في الوقت الحاضر لأسباب أمنية وبشكل مؤقت وقد تم استدعاء السفير أندرياس هاينكن للتشاور. أما طاقم السفارة فقد غادرها بشكل مؤقت فحسب، والمعاملات والـتأشيرات تتم حاليا في سفارتنا في بيروت، لكنني أكرر أن الأمر مؤقت.

كيف تنظر المانيا الى الدور الروسي في الأزمة السورية؟
نحن ندرك المعضلة التي تعيشها روسيا لأن سوريا طالما كانت الحليف الأقوى لها. من المفهوم أن روسيا لا تريد خسارة أحد أقوى حلفائها في المنطقة. وما نريده هو وقف آلام الشعب السوري لكن ما لا نريده هو حرمان روسيا من تأثيرها في الشرق الأوسط. ليس هذا هو هدفنا، ولا يجب أن تخشى روسيا ذلك لكن هذا الأمر لا يجب أن يمنع روسيا من رؤية وضع الشعب السوري ومن الممكن أن تخسر روسيا نفوذها في الشرق الأوسط إذا كانت رؤيتها له معاكسة لمسار التاريخ.

يحاول الرئيس الأسد القيام بإصلاحات ومنها مثلا الاستفتاء على الدستور فلماذا لا ينظر الغرب الى ذلك؟
أعتقد أنّ الأمر تأخر كثيرا، وليس نحن من لا يؤمن ولا يصدق ذلك بل إنه الشعب السوري، وهذا الشعب هو الذي يقرر. لو بدأ الأسد الإصلاحات في بداية الإنتفاضة لكان وجد الكثير من الدعم لكنه تأخر كثيرا.  

السابق
عولمة الطبقة الوسطى
التالي
سليمان وميقاتي وقعا على تعيين جريصاتي وزيرا للعمل