النهار: الحسم العسكري السوري يتقدم الحسم الدولي وموسكو تقاوم الضغوط في مجلس الأمن

على رغم الضغوط الغربية والعربية التي لا سابق لها على روسيا لتغيير موقفها من مشروع القرار الاوروبي – العربي في مجلس الامن والذي يطالب الرئيس السوري بشار الاسد بالتنحي افساحاً في المجال للانتقال الى نظام ديموقراطي في سوريا، أكدت موسكو على نحو لا لبس فيه انها لن تؤيد المشروع الذي اعتبرته مشابهاً لمشروع قرار كانت قدمته باريس في تشرين الاول من العام الماضي واصطدم بفيتو مزدوج روسي – صيني.
وفيما يبدو الحسم الديبلوماسي في مجلس الامن دونه الاعتراض الروسي، تمضي السلطات السورية في الحسم العسكري على الارض، اذ تحدث ناشطون عن تمكن قوات النظام من استعادة ضاحيتين قريبتين من دمشق وعن محاولتها اقتحام الضواحي الاخرى التي سيطر عليها المنشقون عن الجيش في الأيام الاخيرة.

السيطرة على ضاحيتين
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ لندن مقراً له أن القوات السورية نجحت مساء الاحد في استعادة السيطرة على بلدتي عين ترما وكفربطنا القريبتين من دمشق.
وقال إن قوات النظام حاولت امس التقدم نحو ضاحيتي سقبا وعربين.
وروى ناشطون من ضواحي دمشق ان القوات السورية قتلت اكثر من 25 شخصاً لدى اقتحامها الضواحي، موضحين ان هذا العدد يشمل 19 مدنياً قتل معظمهم في قصف بمدافع الدبابات والهاون وستة من أفراد "الجيش السوري الحر".
وقال ناشطون إن القوات السورية قصفت وسط حمص بعنف، فسقط 14 شخصاً بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان و15 بحسب لجان التنسيق المحلية.

الداخلية السورية
وأصدرت وزارة الداخلية السورية بياناً جاء فيه "الاجهزة المختصة قامت خلال الايام الثلاثة الماضية بعملية نوعية في منطقة الغوطة الشرقية (دوما، حرستا، سقبا، حمورية وكفر بطنا) لاحقت خلالها عناصر المجموعات الارهابية المسلحة التي ارتكبت أفظع جرائم القتل والخطف بحق المواطنين وزرعت الألغام وفجرتها في الطرق العامة وروعت الأهالي بمن فيهم الاطفال والنساء واعتدت على الممتلكات العامة والخاصة بما في ذلك البنية التحتية للمنطقة من شبكة كهربائية واتصالات".
وقالت انه "بعد الاشتباك مع تلك المجموعات المزودة احدث انواع الاسلحة بما في ذلك الاسرائيلية والاميركية منها، تمكنت الاجهزة المختصة من القضاء على عدد كبير من الارهابيين وألقت القبض على عدد آخر".

مجلس الأمن
ويستعد مجلس الأمن لعقد جلسة علنية بعد ظهر اليوم بتوقيت نيويورك، وصفت بأنها "مهمة جدا"، وسيتحدث فيها وزراء الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والفرنسي آلان جوبيه والبريطاني وليم هيغ والبرتغالي باولو بورتاس وربما وزراء آخرون، تأييداً لمساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع السوري رئيس الوزراء القطري زير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني والهادفة الى الحصول على دعم المجلس للمبادرة العربية.
وعلمت "النهار" من مصادر غربية على صلة بالمشاورات الجارية في نيويورك أن المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين أبلغ نظراءه الأوروبيين أن موسكو "لن تتسامح اطلاقا" مع مشروع القرار الذي وزعه المندوب المغربي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد لولشكي على سائر أعضاء مجلس الأمن الأسبوع الماضي، والذي ينص في فقرته السابعة على أن "يفوض الرئيس السوري صلاحياته الكاملة الى نائبه الأول فاروق الشرع، الى "التعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية من أجل تقويتها لتأدية واجباتها في المرحلة الإنتقالية". كذلك ينص على أن مجلس الأمن "سيراجع تنفيذ سوريا للقرار في غضون 15 يوماً، وفي حال عدم امتثال سوريا، يتخذ اجراءات إضافية، بالتشاور مع جامعة الدول العربية".
وأوضح المندوب الروسي أن بلاده "لن توافق على قرار في مجلس الأمن يدعو الى تغيير النظام في سوريا، لأن ذلك يشكل سابقة خطيرة في المنظمة الدولية".
وبناء على طلب تشوركين، وافق رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الأفريقي الجنوبي بازو سانغكو على أن يتحدث في نهاية الجلسة أيضاً المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري.
وعشية هذه الجلسة، استقبل تشوركين وفداً من "المجلس الوطني السوري" المعارض برئاسة برهان غليون الذي أعلن أن "المواقف لا تزال متباعدة" بين الطرفين. وصرح في مؤتمر صحافي بأن المعارضة السورية "ترفض التحاور" مع الرئيس الأسد لأنه "يقتل شعبه"، مشترطاً أن يوافق الأسد على التنازل عن السلطة للبدء بحوار من أجل عملية انتقالية.
وقال غليون لـ"النهار" إن المعارضة السورية "أعطت ضمانات لروسيا في شأن قاعدتها البحرية في طرطوس وفي شأن مصالحها الإستراتيجية في سوريا". غير أنه رأى أن موسكو تريد اعترافاً من واشنطن والغرب بأن روسيا قوة عظمى على غرار ما كانه الإتحاد السوفياتي سابقاً. وناشد المسؤولين الروس تغيير موقفهم من الأحداث الجارية في سوريا.
وقبل اجتماعها مع غليون، صرحت المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية السفيرة سوزان رايس بأنه "أمر حيوي جدا أن يقف مجلس الأمن ويدعم عملية جاءت بها الدول المجاورة الينا وقالت: أدعمونا رجاء"، لأن البديل في رأيها هو "مزيد من العنف والفوضى المتصاعدة… هذا أقل ما ينبغي للمجلس أن يفعله". واعتبرت أن مشروع القرار جاء في وقته، ملاحظة أن لا عقوبات فيه، ولا تهديد باستخدام القوة، كما يدعي البعض، في إشارة الى روسيا والصين.

كلينتون
وأعلنت كلينتون في بيان أنها ستنضم الى نظيريها الفرنسي والبريطاني في مجلس الامن لتوجيه رسالة قوية تدعم الشعب السوري الذي يواجه عنفا متصاعدا "بأننا نقف معكم".
وقالت إن الولايات المتحدة سترمي بثقلها خلف مشروع القرار الاوروبي – العربي المندد بالنظام السوري الذي قالت انه يمنع الانتقال السلمي الى الديموقراطية. وحذرت من ان تصاعد العنف يمكن ان يزعزع استقرار جيران سوريا في الشرق الاوسط. وشددت على أن "الأمر الواقع غير مقبول… وكلما استمر نظام الاسد في مهاجمة الشعب السوري ووقف في وجه الانتقال السلمي (الى الديموقراطية) تعاظم عدم الاستقرار وامتداده الى كامل المنطقة".
وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند بأن الوزيرة حاولت خلال الساعات الـ24 الاخيرة الاتصال بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور أوستراليا حاليا، ولكن "يبدو أن ذلك لم يكن متوافرا". وأضافت ان الوزيرة ستواصل السعي الى التحادث مع لافروف قبل جلسة مجلس الأمن.
وأعلن الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني ان ادارة الرئيس باراك أوباما "تكثف منقاشاتها مع الروس في شأن الوضع المتدهور على الارض في سوريا"، وأن من المهم لمجلس الأمن أن يتخذ عملا، لكن الادارة الاميركية تفحص ما يمكن أن "تستخدمه من الوسائل الفضلى" لإنهاء ما وصفه بـ"القمع المرعب ولكن غير المجدي" الذي يلجأ اليه النظام.
ومن غير أن يذكر روسيا بالاسم، حذر كارني الحكومات من الاستمرار في الوقوف الى جانب نظام الاسد. وقال: "وقت تتخذ الحكومات قرارات في أي جانب ستقف… من المهم ان تأخذ في الاعتبار حقيقة أنه سيذهب… النظام فقد سيطرته على البلاد وسيسقط لا محالة".

الموقف الروسي
وفي موسكو، نقلت وكالة "أنترفاكس" الروسية المستقلة عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ان "مشروع (القرار) الغربي الحالي ما هو إلا خطوة أبعد من نسخة (مشروع) تشرين الاول (الذي قدمته فرنسا)، ولا يمكن في أي حال أن نؤيده… هذه الوثيقة غير متوازنة… وفوق كل شيء تترك الباب مفتوحا أمام التدخل في الشؤون الداخلية السورية".

باريس
وفي باريس، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن الوزير ألان جوبيه سيكون في نيويورك اليوم لاقناع مجلس الامن بالنهوض بمسؤولياته "وقت تتفاقم الجرائم التي يرتكبها النظام (السوري) في حق الانسانية".
وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي: "لدينا غالبية (في مجلس الامن) ولا شيء يمكن أن يزعزعها. نحظى فعلا بتأييد عشر (دول) وربما أكثر".  

السابق
خلاف الجنرالين
التالي
السفير: موسكو تتصدى اليوم لأكبر حشد دبلوماسي غربي منذ غزو العراق