بين الجامعة وواشنطن والاتحاد الاوروبي وتركيا… من الكذاب في ملف سورية؟

لا يجوز إطلاقا ان نسمح بعبور تصريحات الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي مرور الكرام، فهي تصريحات خطيرة للغاية، وعلى صدقها من عدمه يتوقف مصير دماء عشرات الآلاف من ابناء الشعب السوري الباحث عن «الحرية والكرامة»، واذا كان السيد الأمين العام لا ينطق عن الهواء، فعليه ان يبرئ نفسه من دماء السوريين، ويعلن من هي الأطراف الدولية التي أبلغته بانعدام شهيتها عن انقاذ شعب يسحق منذ اكثر من 300 يوم بالتمام والكمال، عليه، بل ومن حقه ان يبرئ نفسه، ومن واجبه مصارحة أمة اختارته من بين اكثر من 300 مليون كي يحمل الأمانة، رجلا وأمينا وقاضيا محترما، بل انها اللحظة الأنسب في حياته كلها ليكون كاشفا ومكشوفا، وان يقرر البقاء او الرحيل في ضوء ذلك، بدلا من الصمت ومراكمة العار لاسمه ولابنائه وأحفاده الذين لا يستحقون منه كل ذلك.
فهل سيفعل؟ أم سنراه صامتا الى تصريح آخر ملتبس قريبا؟

وما قاله السيد الأمين العام يعد جريمة كبرى حتى ان كان صحيحا، فما باله ان لم يكن صحيحا، ان تلك الكلمات هي «رخصة» مفتوحة لبشار ونظامه بالقتل، فإزاء العجز العربي المشبوه والعفن، يغلق السيد نبيل العربي اخر بوابات الأمل في وجه شعب ثائر قارب على النصر، رخصة بالقتل للنظام، ومحاولة احباط و«تيئيس» للشعب السوري، ويجب ألا يسمح له هذه المرة بالفرار تحت ظلام الصمت، بل يجب ان يوضع امام واجب البوح بما يعرف ولا يعرفه الآخرون، والتحدي الاول يذهب مباشرة الى قيادة المجلس الوطني السوري، وعلى هذه القيادة ان تثبت جدارتها لشعبها الان، باستنطاق السيد الأمين العام او إدانته علنا، والا سيفقد المجلس مبررات وجوده.
لقد رجوت الأمين العام منذ اشهر، منذ ان كان خمسة آلاف شهيد سوري ما زالوا بيننا وعلى قيد الحياة ان «يخلع» من هذا الملف، وان يسلمه الى احد كبار المسؤولين في الجامعة، لان عجزه في الموضوعية والحيادية كان واضحا جداً، بل ارسلت اليه رسالة شخصية عبر اقرب الناس اليه، رجوته فيها ألا يذهب في تلك الرحلة المشؤومة الى دمشق، لكني سرعان ما اكتشفت انا وغيري ان للرجل دورا، او دينا للنظام، دينا واجب الأداء، ولا نملك اليوم إلا ان نقول «حسبنا الله ونعم الوكيل».
لكن على الأمين العام ان يقول كل الحقيقة او يرحل فورا، ومن صلب واجبات الثورة السورية الان ان ترفع شعار «الشعب يريد رحيل العربي فورا».

لقد ضلّلنا السيد الأمين العام اكثر من مرة، فهذا الرجل المفترض انه نتيجة من نتائج الثورة المصرية والعربية، لكنه ينتمي بامتياز وتفوق الى العهود الديكتاتورية الدموية، اما هذه المرة، ان قبلنا منه التضليل يكون «ذنبنا على جنبنا»، ويجب ان يُحشر ليكشف عن معلوماته، ولا يجوز ان يسامح فقط لان القاهرة او الرياض او الدوحة راضية عنه، لعب بنا في التمديد والتأجيل، لعب بنا في المهل المتكررة، لعب بنا في نسف المبادرة العربية، لعب بنا في بروتوكول «المنافقين» عفوا المراقبين، مع خالص الاحترام والتقدير للشرفاء منهم، لعب بنا في اختيار الفريق احمد الدابي، بكل ما يحمله من غموض والتباس، وغير ذلك الكثير الكثير، فإلى متى؟ هل نصبر عليه لآخر سوري، ام ماذا؟                                                                                                                                                                     

ولأننا فاقدو الثقة بالرجل، بكل ما يمكن ان يجره ذلك من سوء الظن، علينا واجب التحقق من عواصم القرار الدولي، ونسأل، واشنطن وباريس ولندن وبرلين واسطنبول، عن صحة ما ينسبه اليهم السيد الأمين العام، وهل فعلا عبر بدقة عن مواقفهم؟ هل هو يكذب علينا؟ ام ان من يكذب هم باراك أوباما ونيكولا ساركوزي ودافيد كامرون وأنجيلا ميركل ورجب طيب اردوغان؟ وهل هم كذبوا علينا منذ البداية، ام ان «اللوبي» الاسرائيلي بدا يعطي ثماره؟ لقد وجه اليهم السيد الأمين العام تهمة مباشرة بخداع وتضليل الشعب السوري بقصد وتعمد، وعلى قادة تلك الدول تقديم جواب شاف، او على الاقل اعتذار صريح للشعب السوري البطل، ومن واجب الجاليات العربية والاسلامية في الدول المذكورة ان تضع كل انواع الضغط الشرعية من اجل الوصول الى الحقيقة.

مرة اخرى، وللأسف، اجد نفسي مضطرا لان اقول ان فحص وتدقيق مواقف عواصم التأثير الدولي، يدخل في صلب اختصاصات المجلس الوطني السوري، سواء لجهة التثبت من مصداقية السيد الأمين العام، او لاحتمال ان اطرافا اخرى من المعارضة تعرقل الجهد الدولي، وقبل كل شيء، وفوق كل شيء، على قادة المجلس ان يفحصوا في قلوبهم صدقهم مع شعبهم في رفع شعار «التدخل الدولي الفعال» وليس «التدويل» والذي هو متحقق منذ اشهر، بل متحقق حتى قبيل انشاء المجلس الوطني السوري.
لقد كشفت تصريحات نبيل العربي «الرعناء» على اقل وصف ممكن، ظهر الثورة السورية امام جلاد دمشق، وأعطته الاذن والشرعية على الإيغال في الدماء البريئة لابناء وبنات سورية، بل هو فعل ذلك بغطاء عربي ودولي، برسم من يريد ان يبرئ ساحته من المجزرة المقبلة، والسؤال الحيوي هو، هل اللجنة العربية الخاصة موافقة على ذلك؟ وهل العواصم العربية التي تركت اللجنة الخاصة مرتعا لدول الضد موافقة على ذلك؟

وبوضوح اكبر، اعرف من مصادري واتصالاتي، ان الشعب السوري شاخص النظر الى الرياض اولا، لانه شعب مقتنع وواثق من حب واهتمام خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولقد اثبتوا لجلالته ان أنصاف الرجال، هم قتلة الاطفال والنساء في سورية، وانظارهم شاخصة نحو القاهرة وعمان واسطنبول، بل ويأملون من الكويت وأميرها الشيخ صباح الاحمد الكثير، والى المغرب وتونس وليبيا واليمن، الى عمان والبحرين، بل هو شعب حائر بصمت الامارات، إمارات الشيخ الراحل زايد العرب رحمه الله، الذي ما ترك يوما شانا عربيا على هذا النحو، بل وقفات عز أعطى الراحل الكبير دروسا فيها.
ان الموقف الراهن في سورية يجعل من قادة الامة، شركاء في الدم، ويجعل من قادة العالم شركاء في هذه الجريمة الانسانية الكبرى، ولابد من وقفة عز، او صراحة رجولة وشهامة، اما مع الحق، حق المواطن السوري في «الحرية والكرامة»، او الاعتذار عن العجز.  

السابق
الانباء: عاصفة الطقس بددت العواصف السياسية في لبنان ووزير الدفاع يتقدم باقتراح ملغوم بالتمديد لقائد الجيش
التالي
الاخبار: مشهد سوريالي في لجنة المـؤشّر الاتحاد ضد العمال