أهالي المنازل التي دمرها الاحتلال في النبطية ينتظرون العودة إلى بيوتهم

لا تقل معاناة أصحاب المنازل المدمرة بفعل الاحتلال الاسرائيلي بين العامين 1982 و2000، ومن بينهم العشرات من أهالي قرى وبلدات كفرتبنيت، وكفررمان وعربصاليم في قضاء النبطية، عن مأساة أصحاب المحال والمؤسسات والمكاتب التجارية التي دمرت أو تضررت بفعل العدوان الاسرائيلي في تموز عام 2006، لجهة مساواتهم بعدم دفع التعويضات المقررة لهم، بعدما قبض البعض من المتضررين القدامى الدفعة الأولى من التعويضات، وقدرها عشرة ملايين من أصل ثلاثين مليون ليرة، عن كل منزل مدمر في ذلك الوقت، على أن تُعطى لهم الدفعتان الثانية والثالثة بعد ذلك بوقت قصير، لكن ذلك لم يتحقق حتى اليوم بالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على قرار مجلس النواب، خلال اجتماعه الشهير في مدينة بنت جبيل في العام 2001، والذي أجاز فيه للحكومة التعويض عن المنازل السكنية والممتلكات المدمرة والمتضررة قبل العام 2000، بهدف إقفال ذلك الملف نهائياً.
لكن عددا من الذين تضررت أملاكهم لم يقبض أي قرش، لا مقدماً ولا مؤخراً، علماً بأن الكثيرين من المتضررين وقعوا تحت عجز الديون والقروض والفوائد وبيع الأراضي بهدف إعادة بناء منازلهم، مراهنين في ذلك الوقت على إعطائهم الدفعتين الأولى والثانية تباعاً كي يتمكنوا من تسديد ما استدانوه وما اقترضوه من أموال، لكن حساب حقلهم لم يكن مطابقاً لحساب بيدرهم، ما رتب عليهم أعباء مادية لا قِبل لهم على تحملها، أمام تضاعف كلفة إعادة بناء منازلهم أضعافاً مضاعفة، في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء واليد العاملة خلال السنوات القليلة الماضية.
يذكر أنه بعد العام 2000 قام «مجلس الجنوب» بدفع مبلغ عشرة ملايين ليرة عن كل منزل مدمر في الحي الشرقي لبلدة كفررمان من أصل ثلاثين مليون ليرة، على أمل أن تدفع بقية الأموال بعد مباشرة الأهالي بإعادة البناء، ما اضطر الكثيرين منهم للجوء إلى الاستدانة للإسراع في ذلك الأمر، على أمل أن يسددوا ديونهم بعد تسليمهم الدفعتين الثانية والثالثة، وذلك ما لم يحصل حتى اليوم، ما أوقعهم تحت عجز مادي كبير ومشاكل مع مدينيهم، كما يقول مختار كفررمان علي اسماعيل شكرون، الذي لفت إلى أنه «بعد مراجعة الأهالي المتضررين لرئيس مجلس النواب نبيه برّي ومجلس الجنوب مرات عديدة بهذا الشأن في وقتٍ سابق، أكدوا لهم أن الملفات والشيكات أصبحت جاهزة بانتظار قرار مجلس الوزراء إعطاء الميزانية المطلوبة لمجلس الجنوب لإقفال ملف التعويضات قبل العام 2000 وحتى الآن ما زالوا قيد الانتظار!».
ويطالب المتضرر ابراهيم طباجة من كفرتبنيت المسؤولين في «الهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الجنوب، والجهات السياسية المعنية بالتعويض على أصحاب المنازل المدمرة قبل العام 2000، اسوة بأصحاب المنازل التي دمرها العدوان الاسرائيلي إبان حرب تموز عام 2006»، لأنه لا يجوز برأيه «الانتظار إلى ما لا نهاية لتحقيق ذلك الأمر». كما يطالب بـ «تعديل المبالغ التي كانت مقررة في ذلك الوقت ومساواتها بالقيمة الفعلية في الوقت الحالي، بعدما فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها الشرائية منذ ذلك الحين».
ويعزّ على البعض من أصحاب المنازل المدمرة في قرى وبلدات كفرتبنيت، كفررمان وعربصاليم أن يبقوا مهجرين داخل قراهم وبلداتهم حتى اليوم، بحسب المتضرر محمد حسين صالح من بلدة عربصاليم، مشيراً إلى أنهم «ما زالوا يستأجرون منازل، أو يقيمون عند أقربائهم، لعدم تمكنهم من إعادة بناء منازلهم بسبب أحوالهم المادية والمعيشية الصعبة التي يعانون منها، في ظل إهمال المسؤولين المعنيين لأوضاعهم، بالرغم من التضحيات الكبيرة التي قدموها من أرزاقهم وممتلكاتهم في سبيل الأرض والوطن».
ويوضح مصدر في «مجلس الجنوب» أن «قيمة التعويضات للمنازل والممتلكات المدمرة قبل العام 2000 هي من ضمن الخطة الإصلاحية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة بعد الانسحاب الاسرائيلي، ولم يدفع منها حتى اليوم إلى مجلس الجنوب قرش واحد»، مشيراً إلى أنه بتاريخ 16/8/2001 «أصدر مجلس النواب القانون الرقم 362 الذي أجاز للحكومة إعطاء مجلس الجنوب مبلغ 200 مليون دولار لتسديد الالتزامات المطلوبة منه قبل العام 2000، إضافة لمبلغ 300 مليون دولار لصندوق المهجرين، على أن تكون هذه المبالغ من إصدار سندات الخزينة بالعملة الأجنبية، لكن ذلك القانون لم ينفذ لاعتبارات غير معروفة».
ويلفت المصدر الى أنه «على اثر مراجعات عديدة من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري ومجلس الجنوب، قرر مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 18/2/2002 الإجازة لوزارة المالية إصدار سندات خزينة بالعملة الأجنبية بحدود 60 مليون دولار لإعطائها لمجلس الجنوب، من أصل المبلغ المقرر، لكن ذلك القانون لم ينفذ أيضاً بحجة عدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة في ذلك الحين، وبالتالي لم يتمكن مجلس الجنوب حتى اليوم من دفع ما تبقى من تعويضات للمنازل والممتلكات المدمرة والمتضررة قبل العام 2000 لعدم توفر الأموال اللازمة لتغطيتها». ويؤكد المصدر أنه «عندما يتوفر المال المطلوب سيتم التعويض على كافة المتضررين القدامى من دون أي استثناء، ولن يضيع أي قرش على أي واحد منهم مهما طال الزمن، لأن تلك التعويضات لا تساوي أي شيء أمام تضحياتهم المبذولة في سبيل الجنوب والوطن».
  

السابق
بلدية جزين تراجع في الأداء وانقسام داخلي
التالي
يوم الوفاء للمطران سليم غزال في صيدا