أليس منكم رجل رشيد؟

امتدت عمليات التفجير والقتل التي تستهدف المواطنين الأبرياء (مسلمين ومسيحيين) من نيجيريا إلى العراق وسوريا تحت عناوين وحجج مختلفة، ففي نيجيريا أعلنت منظمة "بوكو حرام" أنها تستهدف المواطنين المسيحيين في إطار مواجهات عمليات التنصير ودعت المسيحيين لمغادرة المناطق الشمالية التي تتواجد فيها أغلبية إسلامية، كما دعت المسلمين لمغادرة المناطق الجنوبية حيث تتواجد غالبية مسيحية.
أما في العراق فالتفجيرات التي أتت في ظل اشتداد الصراع السياسي استهدفت المواطنين الأبرياء في الأسواق والمدارس وبالقرب من أماكن المقامات المقدسة في الكاظمية وكربلاء، كما استهدفت زوار كربلاء (عشية إحياء ذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين(ع)، وقد حصلت التفجيرات بعد الانسحاب الأميركي العسكري من العراق، ولم يعد هناك من مبرر لاستمرار العمليات العسكرية والأمنية تحت عنوان مواجهة الاحتلال، في حين صدرت تصريحات من بعض المشايخ السلفيين في تونس دعت للجهاد ضد بعض المذاهب الإسلامية.
وفي سوريا استهدفت التفجيرات المواطنين السوريين في ظل تزايد أعمال العنف هناك، وقد جرى تبادل الاتهامات حول من يقف وراء هذه التفجيرات وإن كانت النتيجة العملية هي أن ما يجري يؤدي لقتل المواطنين الأبرياء.
ولم نسمع سوى مواقف استنكار محدودة لعمليات التفجير وقد أصدر الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بياناً أدان فيه قتل المسيحيين في نيجيريا في حين أنه لم يصدر أية مواقف تجاه ما يجري في العراق.
كما أن المواقف الاستنكارية لما يحصل في العراق وسوريا كانت محدود، مما يؤسس لنوع من السكوت والقبول بعمليات القتل، وهذا يستدعي السؤال الهام عن أسباب السكوت؟ وهل أن الصراع السياسي يؤدي للقبول بعمليات القتل والتفجيرات ضد المواطنين الأبرياء.
إن ما يجري في الدول العربية والإسلامية وفي مناطق أخرى من العالم من أعمال عنف وقتل تستهدف المواطنين الأبرياء بدأت تتنامى وتزداد تحت عناوين مختلفة وهناك من يبرر ما يجري أو يسكت عما يحصل.
فهل يقبل الإسلام بقتل أي مواطن بريء بدون أية حجة؟ ولماذا لا ترتفع أصوات العلماء والحركات الإسلامية لإدانة التفجيرات وعمليات القتل إن في نيجريا أو في العراق أو في سوريا؟
نحن أمام مظاهر خطيرة تزداد انتشاراً في العالم العربي والإسلامي، والأخطر هو أن العنف أصبح مبرراً ويحظى أحياناً بتغطية "شرعية أو فقهية" وهذا ما يستدعي إعادة النظر بما يجري وأخذ الموقف المناسب منه.
وإذا كان مرفوضاً رفض الظلم الذي تمارسه بعض الأنظمة ضد مواطنيها، فإن من الأولى رفض القتل والعنف الذي تمارسه حركات إسلامية أو حركات تدعى الانتماء للإسلام.
وإن مسؤولية العلماء والاتحادات العلمائية والحركات الإسلامية كبيرة تجاه كل ذلك، وإلا فإن من يقتل غيره من أبناء المذاهب والطوائف سيرتد إلى أبناء مذهبه وطائفته ليقتلهم أيضاً، وها لا يسعنا إلاّ الاستنجاد بالآية القرآنية: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}(هود:78).

السابق
بان يلتقي كبار المسؤولين وقيــــادات 14 آذار
التالي
جعجع: وضع “حزب الله” سيتبدل بعد النظام السوري