حان وقت الحوار الجدّي

الجميع في مأزق؟ نعم. الموالون الذين استحوذوا على السلطة قبل غيرهم، حلفاؤهم أيضاً في أزمة. سوريا دخلت في حرب أهلية، والبعض في لبنان يتبنى مقولة حرب الآخرين على أرضها. وعلى رغم الاجواء المتفائلة لبعض الحلفاء بأن الامور ممسوكة أو قابلة للإمساك، فإننا نرى أن التفلت في بداياته وان الحرب الاهلية سلكت طريقها نتيجة تعنت السلطة الحاكمة التي لا تضحي بالحكم من أجل انقاذ وطن.
إيران ليست افضل حالاً، وها هو رئيسها يتّجه ناحية أميركا اللاتينية لفك عزلته، وهو، على ما قال يوما وليد جنبلاط " وما ادراك ما الفرس؟"، مستعد للتفاوض وانقاذ نفسه لا حلفائه في ساعة الحشر.
أما المعارضون في لبنان فليسوا أفضل حالا بكثير، ذلك انهم حتى الساعة يترقبون سقوط النظام السوري، ولم يخططوا لما بعد، او ابعد من ذلك. فهل يصلح لبنان بفساده ومفسديه اذا تهاوى نظام الاسد؟ وهل تستوي الديموقراطية عندنا ونحن غير قادرين على الاتفاق على قانون انتخابي؟

والانظمة الصديقة للمعارضة تعاني ايضا الامرّين، فها هو النظام المصري سقط، ومثله التونسي، وانظمة اخرى تسارع الى الاصلاح والتقديمات لمواجهة الآتي، وبعض الغرب يدخل في أزمنة انتخابية تحوّل الاهتمام الى الداخل.
مع هذه الوقائع المستجدة، يمكن اللبنانيين ان يجرفوا بلدهم مع التيار المتفجر، ويمكنهم ايضا ان يعملوا لانقاذه، خصوصا أنهم خبروا ويلات الحروب والارهاب التي اصابتهم خمس عشرة سنة واكثر، ونالوا النصيب الوافر من اعتداءات الخارج، الصديق والعدو.
في هذه الاوقات تصير تلبية الدعوة الى الحوار الوطني حاجة ملحة شرط تنفيذ كل ما اتفق عليه في الجولات السابقة، والانطلاق من حيث وصلت مراحل التفاوض، لا العودة الى الصفر، لان انتظار تطورات المنطقة قد يجعل القطار يفوتنا، والنتائج تسبقنا، فنجد اننا لم نحصن انفسنا وبلدنا ما يكفي، وجعلناه مجددا ساحة تنفيس احتقانات الآخرين.

وإذا لم نفعل في انتظار ايحاءات خارجية ما، نجعل أنفسنا مجدداً رهائن السياسات الاقليمية والدولية دونما قدرة على الحراك، ودونما استحقاق للمسؤولية، ولا نجد مبررا لتبادل الانتقادات والتهم، وخصوصا الشتائم. عندها تكون الخيانة عظمى.  

السابق
السفير: اللجنة العربية تُسقط من بيانها ذكر الجماعات المسلحة: تقدم جزئي لمهمة المراقبين … واستمرارها رهن بالسلطة
التالي
معوقات انتشار الجيش في عرسال