البناء: اللجنة الوزارية تفشل في محاولتها الدفع باتجاه التدويل

أفشل الرفض العربي لتدويل الوضع في سورية محاولات قطر ومعها واشنطن وباريس لدفع اجتماع اللجنة الوزارية العربية التي اجتمعت في القاهرة أمس، إلى الخروج بتوصية تفتح الباب أمام التدويل، بعد أن كانت الحملة القطرية ـ الغربية استبقت الاجتماع بمحاولة مكشوفة لإظهار أن مهمة المراقبين العرب فشلت.
وبدا واضحاً أن وزير خارجية قطر حمد بن جاسم قفز في مؤتمره الصحافي، بعد اجتماع اللجنة الوزارية، فوق ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من إرهاب وقتل، بما في ذلك التفجير الإجرامي الذي وقع في دمشق يوم الجمعة الماضي، مكتفياً بالتمني على "القيادة السورية اتخاذ قرارات حاسمة لحقن الدماء"، ومشيراً إلى أنه "أصبح هناك تصور عن موعد محدد لإعلان نجاح أو فشل البعثة العربية"!
وكانت القوى المتآمرة على سورية استبقت اجتماع اللجنة الوزارية العربية بتفجير انتحاري في حين الميدان أدى إلى استشهاد 26 شخصاً وجرح أكثر من 64 بعد أقل من أسبوعين من الانفجارين اللذين كانا استهدفا دمشق.

ملف الأجور
وفي موازاة ذلك، بقي ملف الأجور في واجهة الاهتمامات السياسية والحزبية والحكومية حيث من المقرر أن يترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ظهر اليوم في السراي الحكومي اجتماعاً تحضره الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام للبحث في هذا الملف على ضوء رد مجلس شورى الدولة للقرار الأخير للحكومة والاتفاق الذي كان حصل بين "العمالي" والهيئات الاقتصادية وما تضمنه من رفع للحد الأدنى إلى 675 ألف ليرة من دون أي زيادات على بدلات النقل أو أي تقديمات اجتماعية أخرى.
ويلاحظ أن اجتماع السراي اليوم سيتم في غياب وزير العمل شربل نحاس الذي كان رفع اقتراحاً إلى مجلس شورى الدولة يوم الجمعة الماضي يتضمن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 800 ألف ليرة دون تضمينه بدلات للنقل.
ولذلك، تستبعد مصادر وزارية أن تبت جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم غد في بعبدا في ملف الأجور في غياب أي اتفاق بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة حول الآلية التي ستعتمد تجاه ملف الأجور حتى لو توصل اجتماع السراي اليوم إلى اتفاق معين، علماً أن الهيئات الاقتصادية رفضت ما سرّب عن اقتراح الوزير نحاس برفع الحد الأدنى إلى 800 ألف ليرة وتصر على الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع الاتحاد العمالي قبل حوالى ثلاثة أسابيع.
ويندرج في هذا السياق أيضاً، ما تردد من معلومات عن إمكانية حصول لقاءات في الرابية بين العماد ميشال عون وكل من رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن والهيئات الاقتصادية في إطار البحث عن مخارج لقضية الأجور.

… ولقاء حريصا
وفي هذا السياق، دعا لقاء حريصا الذي عقدته شخصيات مسيحية مستقلة، إلى "ضرورة الاضطلاع بدور مسؤول لبلورة مشروع وطني مستقبلي خارج ذهنية الاصطفافات، وصوغ عقد اجتماعي جديد في سبيل دولة مدنية تعددية".
كما شدد على "ضرورة التطلع إلى ما يحدث في المشرق العربي بموضوعية لدرء التداعيات السلبية عن مكونات العالم العربي".
اجتماع اللجنة العربية
وبالعودة إلى الوضع السوري، فقد عقدت اللجنة الوزارية العربية اجتماعاً لها في القاهرة أمس بحثت خلاله التقرير التمهيدي الأول الذي أعده رئيس فريق المراقبين العرب الفريق أول محمد أحمد الدابي.
وبعد الاجتماع المطول الذي عقدته اللجنة قال وزير خارجية قطر إنه "بات لدينا تصور عن موعد محدد لإعلان نجاح أو فشل البعثة العربية في سورية"، متمنياً في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي "أن تتخذ القيادة السورية قرارات حاسمة لحقن الدماء". وقال: "إن مجلس الأمن لا ينتظر من الجامعة العربية إحالة الملف السوري إليه".

دور قطر المشبوه!
ولوحظ أن قطر لا تزال تلعب دوراً مشبوهاً سعياً وراء تدويل الوضع في سورية، خصوصاً أن تصريحات ومواقف المسؤولين فيها تتناغم مع الحملة الأميركية الغربية على المراقبين، وفي الوقت نفسه، السعي للتحريض ضد سورية عبر إطلاق المزاعم والادعاءات حول استمرار "القتل في سورية" وهو ما كان أعلن عنه وزير خارجية قطر قبيل اجتماع اللجنة الوزارية العربية حيث ادعى أنه "مع استمرار أعمال العنف والفتك فإن استمرار عمل المراقبين أو عدمه سواء بسواء".

واقع جديد
إلا أن ما فات قطر ومن يدور في فلكها، وفق مصادر سياسية مطلعة، أن المعادلة الدولية التي عمادها سورية، خلقت واقعاً جديداً لا يمكن الاستهانة به ولا يمكن من خلاله الاستفراد بسورية، فالفيتو المتكرر الروسي ـ الصيني في مجلس الأمن ضد أي قرار يستهدف سورية هو بالمرصاد لكل محاولات هؤلاء الذين يعبثون بسورية وأمنها، وما الإجراء العملي الذي تمثل بوصول عدد من سفن الأسطول الروسي إلى ميناء طرطوس البحري ليل أول من أمس إلا خير دليل على ذلك.

ضغوط لسحب المراقبين
وكانت مصادر دبلوماسية أشارت إلى أن قطر ضغطت قبيل اجتماع القاهرة لخروج اللجنة الوزارية العربية بتوصية عن اجتماع وزراء الخارجية العرب لسحب المراقبين، إلا أن رفض عدد من الدول العربية اضطرها للتراجع عن هذا الموقف، في مقابل السعي لفتح الباب أمام تدويل الوضع في سورية من خلال "الاقتراح الذي تقدمت به ويتضمن دعوة فنيين من الأمم المتحدة وخبراء في مجال حقوق الإنسان لمساعدة المراقبين العرب في تقييم ـ ما زعمه الاقتراح القطري ـ ما إذا كانت سورية تفي بتعهداتها بوقف العنف"، بينما أغمض المسؤولون القطريون عيونهم عما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من إرهاب وقتل، حتى أنها لم تستنكر العملية الانتحارية التي وقعت يوم الجمعة الماضي في حي الميدان في دمشق.

رفض عربي للدور القطري
كذلك رفض الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مساعي قطر ودول غربية لسحب المراقبين. كما رفض اعتبار أن مهمة المراقبين آلت إلى الفشل.
من جهته، أعلن نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي بأن تقرير المراقبين يشتمل على صور وخرائط ومعلومات شاملة عن الأحداث التي شاهدها المراقبون على أرض الواقع من أجل إبراز نتائج مهمتهم هناك، إلى جانب تقييم الوضع في سورية والخطوات التي يمكن اتخاذها خلال الفترة المقبلة.
وكان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أكد قبيل اجتماع القاهرة أنه "ما زال لدينا متسع من الوقت أمام الحل العربي"، نافياً استنفاد كل السبل والبدائل العربية.
وبدوره، حذّر وزير الخارجية المصري محمد عمرو من مغبة إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن "لما سينطوي عليه من أضرار ضخمة لن تقتصر على سورية وحدها وستطال المنطقة برمتها".
وأوضح في حديث إلى صحيفة "عكاظ" أن "مصر ما زالت ترى إمكانية نجاح الحل العربي عبر وسائل عديدة".
إلى ذلك، قال الرئيس السوداني عمر البشير أن "بلاده ترتبط بعلاقات حميمة مع النظام السوري، الذي كان دائماً يقف معنا عندما تحدث أي اعتداءات"، لافتاً إلى أن "هذه العلاقات لم تمنع الخرطوم أن تعبر عن رأيها ونتحدث عن ضرورة عمل إصلاح في سورية".

سورية تدعو المجتمع الدولي الى إدانة المجموعات الإرهابية
وفي هذا السياق، بعث مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طالب فيها المجتمع الدولي بإدانة "الأعمال التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية، بما في ذلك العمل الإرهابي الإجرامي الذي وقع صباح الجمعة 6 كانون الثاني 2012 في العاصمة دمشق، وذلك بأوضح وأقسى العبارات"، معتبراً أن "استمرار مثل هذه الأعمال الإرهابية واستهدافها للمواطنين الآمنين من نساء وأطفال وشيوخ يشكلان تحدياً للمجتمع الدولي برمته وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ولكل الأعراف والمواثيق الدولية".

حملة أوغلو ضد سورية
في المقابل، واصلت حكومة رجب طيب أردوغان حملتها ضد سورية، فاعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن "الأسد تردد أكثر من مرة بين الإصلاح والنفوذ المطلق، وفضّل الثاني مفرّطاً في فرصة أن يتحول إلى قائد إقليمي إصلاحي يحتذى في المنطقة"، ولفت إلى أن "تركيا ستستمر في تشديد الضغوط على النظام السوري حتى وصول نظام متصالح مع شعبه".

"المعارضة" تراهن على التدويل
وفي السياق ذاته، واصل ما يسمى "المجلس الوطني السوري" حملته على مهمة المراقبين العرب فزعمت عضو المجلس بسمة قضماني "أن ثمة حالة عبثية تحيط بعمل المجلس" مجددة دعوة المجلس المذكور إلى "رفع الملف السوري إلى مجلس الأمن".

الأسطول الروسي وصل إلى طرطوس
إلى ذلك، أعلنت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن أسطولاً روسياً رسا ليل السبت ـ الأحد في القاعدة البحرية في طرطوس.
ونقلت الوكالة عن العقيد البحري الروسي باكوشين فلاديمير أناتوليفيتش رئيس الوفد العسكري الذي يزور طرطوس تأكيده "متانة العلاقات التاريخية التي تجمع بين روسيا وسورية"، مضيفاً أن "وصول السفن البحرية إلى سورية هو لتقريب المسافات بين البلدين ولتعزيز أواصر العلاقة والصداقة التي تجمع بينهما".
وأضافت "سانا" أن "قادة السفن الحربية الروسية التابعة للأسطول الروسي الراسي على شاطئ محافظة طرطوس أكدوا تضامنهم مع الشعب السوري قيادة وشعباً وشددوا على أن "روسيا بلد صديق لسورية وعلاقتها مع سورية تاريخية وقوية".

السابق
الجيش الإسرائيلي: حزب الله سيمتلك أكثر من 1600 صاروخ بحلول 2017 ؟!
التالي
استراتيجية أوباما.. الصين قبل إيران