السفير : المراقبون ينتشرون في مناطق ساخنة … ودمشق مرتاحة لعملهم

دخل المراقبون العرب إلى دوما وحرستا في ريف دمشق وحماه ودرعا امس، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي لـ«السفير» أن دمشق «مرتاحة» حتى الآن للتصريحات الصادرة عن رئيس بعثة المراقبين العرب الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي، الذي دافعت الجامعة العربية عن عمله بوجه الانتقادات المتزايدة من المعارضة والدول الغربية. وأعلن رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون أن «السلطات السورية تعتقل 100 ألف شخص، بعضهم في مراكز الجيش وعلى متن سفن قرب الشواطئ السورية. هناك مخاوف حقيقية من انه قد يقتلهم ليقول انه لا أسرى».
وقال مقدسي، ردا على سؤال لمراسل «السفير» في دمشق زياد حيدر عن تقييمه لليومين الماضيين من عمل البعثة في سوريا، «استقبلنا بارتياح التصريحات الصادرة عن رئيس البعثة، والتي تدل في النهاية على أن سوريا تقوم بواجبها لناحية تسهيل مهمة عمل البعثة».
وكان الدابي قد قال، أول أمس، إن الحكومة السورية التي تصاحب المراقبين تتعاون جيداً معهم. وأضاف أنه لم ير خلال جولته الأولية لمدينة حمص «شيئا مخيفا» رغم إشارته إلى أن البعثة تحتاج إلى مزيد من الوقت للحصول على صورة أكثر وضوحا.
وجاء كلام مقدسي بعد أن التقى وفد من البعثة كلاً من محافظي دمشق وريف دمشق. وعلق مسؤول الخارجية على اللقاء بأنه يهدف إلى «توفير الحاجات اللوجستية للبعثة، ووضعهم في صورة الأمكنة التي سيزورونها»، مشيرا إلى أن الاقتراحات باللقاءات تأتي من الجانب العربي وتقوم الحكومة السورية بتنسيقها أو تسهيل عملها.
وعن مستوى التنسيق القائم بين الطرفين، قال مقدسي إن دمشق «لا تتدخل على الإطلاق بعمل البعثة ولا بسير عملها، بل تنسّق معها» خصوصا «أن الحكومة السورية مسؤولة عن حماية عناصر الوفد» إلا في ما يتعلق بالمناطق «الساخنة نتيجة وجود عناصر مسلحة خارجة عن القانون» إذ تقوم الحكومة وفقاً لمقدسي «بشرح طبيعة هذه المناطق بحيث يترك للوفد أن يقرر في ما إن كان يرغب بدخولها أم لا». وأعلن أن عدد المراقبين الموجودين في سوريا
قارب المئة وأن فترة عملهم تستمر لمدة شهر من لحظة توقيع البروتوكول (في التاسع عشر من الجاري) بحيث يتم لاحقا الاتفاق على تمديده أو لا بموافقة الطرفين.
وقال مقدسي لوكالة «رويترز» إن «نجاح بعثة الجامعة العربية في مهمتها لإظهار حقيقة الأزمة السورية هو قطعا مصلحة حيوية لسوريا».ردا على انتقادات دولية ومن المعارضة لرئيس البعثة، قال مسؤول في الجامعة العربية لوكالة «اسوشييتد برس» إن الدابي يحظى بدعم كل أعضاء الجامعة، موضحا أن مهمة المراقبين هي الاطلاع وتقديم تقارير إلى الجامعة العربية وليس التدخل في ما يحصل. وأضاف «نحن نعمل وفقا لضميرنا. سيقرر عمل البعثة وتقريرها مستقبل سوريا وهو أمر ليس سهلا».
وفي القاهرة، قال رئيس غرفة العمليات الخاصة بعمل بعثة مراقبي الجامعة العربية عدنان عيسى الخضير إن «البعثة تواصل عملها في المناطق السورية برئاسة الدابي وتوافي الجامعة العربية بتقاريرها دوريا»، مشيرا إلى أن «البعثة تحركت إلى عدد آخر من المحافظات السورية وهي درعا وادلب وريف دمشق بالإضافة إلى حمص التي تمت زيارتها».
وأضاف الخضير ان «الجامعة العربية زوّدت البعثة في سوريا بكل وسائل الرصد والتوثيق من حيث كاميرات التصوير الفوتوغرافي والفيديو وكل وسائل الاتصال والتنقل، حيث زوّدت قطر البعثة بـ10 سيارات عسكرية، كما زود العراق أيضا البعثة بـ10 سيارات ووعد بالإسهام بـ20 سيارة أخرى قريبا، بالإضافة إلى 5 سيارات من كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي ستقدمها للبعثة في وقت لاحق». وأشار إلى أن «بعثة المراقبين تباشر عملها على أرض الواقع، وأنه تم بالفعل التعرض لإطلاق نار، لكن البعثة لم تحدد بعد من أي جهة لأنه تم بشكل متبادل ويتم التحقق بشأنه».
وحول التطمينات التي تحدث عنها الدابي ووصفتها المعارضة السورية بأنها تتعارض مع الواقع، قال الخضير إن «الدابي يتحدث في تصريحاته عن عملية تسهيل الأمور والتزام الحكومة السورية تجاه البعثة وليس عما يجري على الأرض لأن ذلك يتم تضمينه في تقارير البعثة التي ترسل دوريا للجامعة العربية».
وحول البعثات اللاحقة التي ستتوجه إلى سوريا خلال الأيام المقبلة، قال الخضير إن «هناك 28 مراقبا عربيا قد لحقوا بوفد البعثة الذي سافر خلال اليومين الماضيين، كما أنه يجري الاستعداد لإرسال وفد آخر من المراقبين يصل عددهم إلى أكثر من 40 مراقبا من دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والذين سيتلقون تعليماتهم من رئيس البعثة في سوريا».
وأعلن مصدر في مركز العمليات في القاهرة ان هناك مشكلة في الاتصالات لكن جدول أعمال المراقبين ما زال قائما. وقال المصدر لـ«رويترز» «اتصلنا بفريقنا. لن تتغير خطة اليوم (أمس)، والمشكلة الوحيدة التي واجهناها هي تدني الاتصالات الهاتفية، ما جعل اتصالنا بالمراقبين أضعف. استغرق الوصول إليهم وتحديد مواقعهم وقتا أطول».
غليون والعربي
والتقى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في القاهرة رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط انه تم «بحث مستجدات الأوضاع على الساحة السورية في ضوء مهمة بعثة المراقبين. كما تم الحديث عن مؤتمر المعارضة السورية المنتظر أن تستضيفه الجامعة العربية أوائل كانون الثاني المقبل بهدف بلورة رؤية وموقف موحد لكل أطياف المعارضة إزاء حل الأزمة في سوريا».
وأعرب غليون، في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، عن «أمله في نجاح المبادرة العربية لحل الأزمة في سوريا، وأن يتم تجنيب سوريا مخاطر الانزلاق نحو حرب أهلية أو تدخلات خارجية».
وقال «إننا نصر على أن العالم العربي يستطيع أن يؤدي دورا كبيرا في معالجة الأزمة السورية»، مشيرا إلى أن «الأمين العام للجامعة أكد له أن العرب حريصون على تقديم كل ما لديهم من أجل الانتقال بسوريا نحو نظام ديموقراطي يلبي حقوق الشعب وحاجاته، وقلنا إننا مستعدون لدعم كل الجهود العربية الرامية إلى هذا الاتجاه». وأضاف «تم الاتفاق مع الأمين العام على أن هدف بعثة المراقبين ليس مجرد المراقبة وإنما التأكد من تطبيق النظام السوري بنود البروتوكول الذي ينص أولا على وقف القتل وإطلاق النار والعنف وسحب جميع المظاهر العسكرية وإطلاق سراح المعتقلين».
وعن مدى الإحساس بوجود تجاوب من الحكومة السورية لأهداف البعثة، قال غليون «كما نرى حتى الآن فإن النظام السوري لم يغير أسلوبه من المراوغة والكذب ويعيد إطلاق شبيحة النظام والمرتزقة ويطلق عليهم قوات حفظ النظام حتى يبقيهم في المدن والأحياء يهددون الأفراد ويطلقون النار عليهم». وأشار إلى أن «السلطات السورية تعتقل 100 ألف شخص، بعضهم في مراكز الجيش وعلى متن سفن قرب الشواطئ السورية. هناك مخاوف حقيقية من انه قد يقتلهم ليقول انه لا أسرى».
وذكرت وكالة «مهر» ان السفير الإيراني في دمشق محمد رضا رؤوف شيباني بحث مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم «مستجدات المنطقة، وخاصة سوريا، وكذلك موضوع الإيرانيين المخطوفين في حمص». وأعرب شيباني عن «أسفه للتفجيرات الإرهابية في دمشق، وأدانها بشدة، وأبلغه مواساة إيران حكومة وشعبا لذوي الضحايا».
ردود
أكد وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» بثت أمس، أن «مصر وروسيا متفقتان على أنه ليس من المصلحة تدخل أجنبي في سوريا من خارج المنطقة العربية. ونحن متفقون في هذا».
وناشدت منظمة التعاون الإسلامي السلطات السورية مجددا الاستجابة لطلبها إرسال مساعدات إنسانية. وقال مصدر مسؤول في المنظمة إن «دمشق لم ترد إلى الآن على طلب المنظمة السماح للهيئات الإسلامية العاملة في المجال الإنساني بالدخول إلى الأراضي السورية لتتمكن من تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية هناك». وحمّل «النظام السوري مسؤولية تفاقم المعاناة الإنسانية في المدن السورية التي تواجه نقصا في الأغذية والأدوية بسبب حصار قوات الجيش والأمن لها».
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن «ما حققته لجان المراقبة العربية في سوريا ليس كافيا بل ويعد ضئيلا»، مشيرة إلى أن «وصول المراقبين الدوليين أتاح الفرصة للمحتجين السوريين للتعبير عن رأيهم في بعض المناطق إلا أن هذا الأمر لا يزال في حدود ضيقة». وكررت «مطالبة الحكومة السورية بتنفيذ المبادرة العربية بحذافيرها».
وفي بكين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إن «الصين ترحب بالتحقيقات الموضوعية لمراقبي الجامعة العربية في سوريا». وأضاف ان «الصين تأمل أن تتمكن الأطراف المعنية من بذل جهود مشتركة لتمكين البعثة من العمل بإخلاص وصدق لتوفير الظروف التي تتيح إيجاد مخرج مناسب للأزمة في سوريا».
وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، في مقابلة مع «روسيا اليوم»، إن «ما نشهده هو أن البعض يحاول تأجيج المشكلة، وعادة عندما تحصل أزمة تطفو إلى السطح جميع عناصر التطرف والإرهاب، وعلى سبيل المثال منذ أيام وقع عمل إرهابي مروع في دمشق، سبقه بيوم تصريح وزير الدفاع اللبناني (فايز غصن) الذي قال إن مجموعة تابعة للقاعدة تحركت نحو سوريا من لبنان. لذلك أنا لا أتفاجأ إذا وجدت عناصر إرهابية من ليبيا أو من أماكن أخرى طريقها إلى سوريا لتأجيج المشكلات وخلق نوع من النزاع الطائفي والإثني، وهذا ما يهدف إليه الإرهابيون». (تفاصيل صفحة 15)
وكرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «دعم فرنسا ومساندتها لتنفيذ الخطة العربية التي يؤكد نظام دمشق قبولها والتي تتضمن نهاية القمع والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وعودة قوات الجيش السوري إلى الثكنات، بالإضافة إلى حرية دخول وسائل الإعلام الدولية إلى الأراضي الــسورية». وشــدد على أن «الأولوية اليوم تتمثل في تمـكين المراقبين العرب من القـــيام بمهمتهم والانتـــهاء منها، وهو الأمــر الذي ينتظره الشــعب السوري والمجتمع الدولي».
وطالب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله النظام السوري «بتسهيل وصول بعثة المراقبين العرب للمعارضين والسجناء، وإلى جميع النقاط المفصلية في سوريا، وليس فقط الوصول إلى مدن حساسة مثل حمص وغيرها من المدن».
ميدانيات
ودعا المعارضون إلى التظاهر اليوم في «جمعة الزحف إلى ساحات الحرية». وذكرت قناة «الدنيا» أن مجموعات من المراقبين العرب وصلت إلى درعا وحرستا بمحافظة دمشق وحماه.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، «قتل 25 مدنيا برصاص قوات الأمن السورية، بينهم أربعة في دوما في ريف دمشق، وستة في حماه مع وصول مراقبي الجامعة العربية إلى المدينتين». وذكر أن «نحو 30 ألف مواطن يعتصمون في ساحة المسجد الكبير في دوما التي دخلت في حالة عصيان مدني مع تراجع قوات الأمن إلى المراكز الأمنية والحكومية». وأشار إلى «سقوط قتلى في ادلب وحمص».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «مبادرة الجامعة العربية هي الضوء الوحيد في الليل المظلم الآن»، مضيفا «لا نريد أن نصدر الأحكام المسبقة قبل أن تنتهي مهمة الجامعة». وأكد أن «مجرد وجود اللجنة في حمص كسر حاجز الخوف عندما استقبلت بتظاهرة حاشدة مناهضة للنظام ضمت نحو 70 ألف شخص».
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) «فككت عناصر الهندسة ثلاث عبوات زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة في حي بستان الديوان بمدينة حمص من دون وقوع أي إصابات أو أضرار».
وذكرت «اسوشييتد برس» أن السلطات السورية نظمت جولة لصحافيين في مدينة حمص. وقال مسؤول سوري إن 6 مراقبين لا يزالون في المدينة. وأوضحت الوكالة ان على مدخل المدينة نقطتي تفتيش، مشيرة إلى أن غالبية المحال كانت مغلقة وهناك عدد قليل من الناس في الشوارع، التي على أرصفتها الكثير من النفايات.
وفي المستشفى العسكري في المدينة كان هناك عدد كبير من المواطنين وعناصر القوات الأمنية يتلقون العلاج، بينهم جندي أصيب برصاصة أمس. وقالت والدة الجريح «ابني لم يؤذ أحدا. انه جندي يحمي البلد».
وقال رئيس المستشفى الجنرال علي عاصي انه منذ آذار الى تشرين الثاني الماضي تمت معالجة 1819 جنديا و251 شرطيا و232 مدنيا. وأضاف أن 557 شخصا، غالبيتهم من الجنود، قتلوا أو نقلوا إلى المستشفى أمواتاً.  

السابق
النهار: مجلس الدفاع يطوي صفحة المزاعم عن القاعدة
التالي
مسلسل أميركي..فاشل