ايران تهدد بإغلاق مضيق هرمز.. فماذا يعني ذلك ؟

لم تبدأ الحرب فعليا بعد على أرض الواقع، حتى سجلت أسعار النفط أمس ارتفاعا ملحوظا إثر التهديدات التي وجهها النائب الأول للرئيس الايراني بإغلاق مضيق هرمز

مجرد التحذير فقط بإغلاق مضيق "هرمز" دفع سعر برميل النفط الى الارتفاع أمس في ردّ فعل متوقع وطبيعي، على التهديدات الايرانية بإغلاق الممرّ الذي يعبر منه خِمسُ إمدادات العالم من النفط.

ماذا لو طُبقت تلك التهديدات؟ إلى أي مستوى قياسي جديد ستتجه أسعار النفط بعد مستوى 150 دولارا المسجل في العام 2008؟

تدرك الأطراف المتنازعة حول برنامج ايران النووي، جيدا تداعيات إغلاق مضيق هرمز الحيوي الذي يمرّ عبره 40 في المئة من النفط المنقول بحرا. بالاضافة الى ان المضيق يُستعمل لتصدير نفط ايران، ثاني دولة منتجة للنفط في منظمة اوبك، فهو يعتبر أيضا ممرّا استراتيجيا للنفط السعودي، الكويتي، الإماراتي، والعراقي الى جانب الغاز القطري.

دول عدّة تدرس الآن تداعيات إغلاق مضيق هرمز على مصالحها الشخصية: دول الخليج تتخوّف من تراجع صادراتها النفطية، الاتحاد الأوروبي قلق على واردته النفطية. ايران تبيع حوالي 450 الف برميل نفط يوميا أي 18 في المئة من صادراتها، للاوروبيين خصوصا ايطاليا بحصة 180 الف برميل واسبانيا بحصة 160 الف برميل واليونان بحصة 100 الف برميل.

فلا عجب أن يكون هناك انقسام داخل الاتحاد الاوروبي حول قرار فرض مزيد من العقوبات على صادرات النفط الايراني. ورغم ذلك، صرّح المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون أمس لوكالة فرانس برس ان "الاتحاد الاوروبي ينوي فرض سلسلة جديدة من العقوبات على ايران ولن نتخلى عن هذه الفكرة". كما قال مايكل مان ان قرارا محتملا حول دفعة جديدة من العقوبات على طهران قد يتخذ خلال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الاوروبيين في 30 كانون الثاني في بروكسل.

أما الولايات المتحدة، فان هذه التهديدات ليست بالجديدة بالنسبة لها، ولا بدّ أنها اتخذت اجراءات مضادة لها ودرست جيّدا عواقبها منذ أن هددت ايران في تموز الماضي أيضا بإغلاق مضيق هرمز.

ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية فإن المسؤولين الأميركيين أشاروا أكثر من مرة إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما أعدت خطة للمحافظة على مضيق هرمز مفتوحا.

وبما ان المتحدث باسم البيت الأبيض رفض التعليق على تهديد النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي بأن بلاده سترد على الحظر الغربي المتوقع على صادرات النفط الإيراني بإغلاق مضيق هرمز،

يبدو أن عدم التعليق يستهدف خفض وتيرة التصريحات المتبادلة مع إيران وعدم إثارة الأسواق.

وهذا ما يؤكده تصريح قائد البحرية الايرانية الأميرال حبيب الله سياري أمس ايضا بأن اغلاق مضيق هرمز "سهل جدا" للقوات المسلحة الايرانية، في حال فرض عقوبات على النفط الايراني، "لكن اليوم لا حاجة الى اغلاق المضيق لأننا نسيطر على بحر عمان ويمكننا السيطرة على حركة المرور البحرية والنفط".

أضاف: "نراقب تماما تهديدات وتحركات القوات الاميركية وسنردّ بقوة شديدة على اي تهديد".

تتزامن هذه التصريحات مع اعتزام الرئيس أوباما التوقيع على قانون يؤدي في حال تنفيذه إلى خفض كبير في عائدات النفط الإيرانية مما سيساعد في الاستمرار في برنامجها النووي.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن الإدارة تسعى لمنع الإمدادات النفطية الإيرانية من الوصول إلى أسواق الطاقة في العالم دون أن يؤدي ذلك إلى رفع أسعار النفط أو إلى استبعاد حلفاء واشنطن من الجهود المشتركة ضد طهران.

ولكن رغم ذلك، لمسنا عدة مرات قدرة ايران على رفع أسعار النفط عالميا بمجرد اطلاق تهديد من قبلها. ومن البديهي أن تكون واشنطن قد أخذت بالاعتبار، تحذيرات شركائها التجاريين من أن المشاركة في العقوبات ضد إيران لن تمرّ دون كلفة باهظة، اضافة الى ان ارتفاع اسعار النفط، آثاره مدمرة على قطاعات عدّة يحتاج اليها الاقتصاد العالمي الهش الذي يحاول الخروج من ركود أقحمتها فيه أزمة الديون الاوروبية.

متى تنفذ طهران؟ وكيف ستردّ واشنطن؟ قد يتوضح الجواب في الايام المقبلة، في حال صعّدت واشنطن عقوباتها ضد طهران ولم تهبّ عاصفة التهديدات الايرانية الأخيرة.  

السابق
أوغاسابيان: مرتاحون للتجاوب مع طرح بيروت منزوعة السلاح
التالي
قبيسي: التنمية والتحرير تنتظر انجاز خطة سحب السلاح من بيروت لمناقشتها