قانون الصيد ضوابطه كثيرة ويوصل المخالفين إلى السجن

قانون الصيد البرّي في لبنان «عصريّ»، فهو ينطلق من أهمية الحفاظ على الطيور، وفي الوقت نفسه يسعى جاهدًا إلى استمرارية هواية الصيد بالطرق القانونية، عبر تحديد موسم الصيد وأنواع الطيور المسموح اصطيادها وفرض إجراء «الامتحانات» لإعطاء التراخيص لممارسة هذه الهواية. شرط ابتعاد الصياد عن الأماكن المأهولة، وعدم إلحاقه أي ضرر بالبيئة، وعدم استعماله الطرق المضرّة، وبذلك يكون القانون قد شمل كلّ النواحي الواجب اعتمادها للحفاظ على الصيد كهواية وعلى الطير كعنصر مهم وأساسي في توازن الطبيعة.

لكن، إلى متى سيبقى هذا «القانون العصري» بعيدًا عن التطبيق؟ وإلى متى سيبقى في خانة «راوح مكانك» كما القوانين البيئية التي أنجزت وأقرّت ولم تعرف طريقها إلى التنفيذ بعد؟
لم يطبّق قانون الصيد في لبنان (القانون رقم 580 تاريخ 25/2/2004) الذي يحرص (في المبدأ) على المحافظة على الموارد الطبيعية والتوازن البيئي. لكنه لا يزال حبيس الأدراج، في بلد تمرّس في إصدار القوانين وعدم تطبيقها.
وفي هذا القانون، تنظيمٌ لأوقات الصيد، أي حصر الموسم بالفترة الممتدّة بين الخريف والشتاء، ما يعني أنّه منع الصيد في فترت تكاثر الطيور، التي تبدأ في شباط وتستمر في الصيف حيث تربي فراخها، كما يلحظ القانون ألا يكون الصيد يوميًا في الموسم، لإفساح المجال أمام الطيور المهاجرة من قارةٍ إلى أخرى لأن تكمل موسم الهجرة بأعداد وفيرة.
ومن الأمور الشديدة الأهمية التي يخرق فيها الصيادون قانونهم، استعمال آلات النداء التي تطوّرت من آلات التسجيل (الكاسيت)، إلى الـ«usb» وغيرها، والتي يستعملها هؤلاء الصيادون بغية استدراج أعداد أكبر من الطيور. وفي تقاليد الهواية، يعتبر هذا الأمر خرقاً فاضحًا إذ لم يعد للصياد المحترف أي دور في هذه الهواية، كما أن هذه البدعة تشكّل خطرًا على الصيادين أنفسهم، نظرًا إلى عشوائية البعض في استخدام السلاح وفي طريقة الصيد، إذ إن الإحصاءات تشير إلى 300 إصابة سنويًا بين قتيل وجريح في صفوف الصيادين.

ومن البنود غير المطبّقة نهائيًا في هذا القانون، تعيين مأمورين وحرّاس في الأحراج اللبنانية، وإعطاؤهم الصلاحية الكافية لتطبيق القانون ومنع التعديات، واعتماد لوحات إرشادية عن الطيور المهدّدة بالانقراض على المستوى العالمي لحمايتها، خصوصاً أن لبنان موقّع على اتفاقيات دولية تمنع الاتجار ببعض الطيور خصوصًا تلك المهدّدة بالانقراض أو التي تساهم في التوازن البيئي.

وفي هذا القانون، يعيّن وزير الوصاية المناطق والفترات الممنوع فيها الصيد خلال السنة، وذلك بناء على اقتراح المجلس، ويتخذ القرارات اللازمة بمنع ـ بصورة موقتة أو دائمة ـ صيد كلّ طير أو حيوان يظهر أنّه مفيد للزراعة أو للتوازن البيئي أو لغاية تكثير نوعه لقلّة أعداده محليّاً أو لاندراجه على لوائح الطيور والحيوانات المهدّدة بالانقراض عالميًا والواردة في التفاقيات الدولية المبرمة مع لبنان، وتلك الواردة في الكتاب الأحمر للاتحاد الدولي (IUCN).
كما يقترح المجلس على وزير الوصاية اتخاذ قرارات في الأوقات التي يُسمح فيها صيد الطيور والحيوانات العابرة للحدود، وبخصوص الطيور والحيوانات المضرّة بالزراعة أو بالتوازن البيئي والتي يجوز صيدها في أي وقت يراه مناسبًا، وفي ما يتعلق بالطيور والحيوانات الممنوع صيدها منعًا باتا، والأراضي الممنوع الصيد فيها بناء على طلب مالكيها أو مستثمريها، بمن فيهم البلديات.
ويقوم وزير الوصاية، بناء على اقتراح المجلس، بتحديد الشروط والمعايير وكذلك النوادي الخاصة لإجراء الامتحان الذي يخضع له لزامًا كل طالب رخصة صيد للمرة الأولى.
كما ينصّ هذا القانون على إقامة مراكز لتربية أنواع الحيوانات والطيور البرّية المختلفة، شرط أن تكون من الأنواع المحلية أو التي تعبر لبنان بصورة طبيعية، خاصةً تلك المهدّدة بالانقراض بغية إكثار عددها وإطلاقها فيما بعد، وذلك حفاظا على التنوّع البيولوجي والتوازن البيئي، وتكلَف الجمعيات المعنية بهذا الموضوع.

يحظّر قانون الصيد في لبنان على أيّ كان أن يصطاد خارج الأوقات التي يُسمح الصيد خلالها. وأوجب على الصيَاد أن يكون حائزًا على ترخيص صيد من وزارة البيئة، على أن يلحظ هذا الترخيص حيازة الصياد أيضًا على ترخيص قانوني بحمل السلاح من وزارة الدفاع الوطني لأسلحة الفئة الرابعة (لصيد الطرائد الموبرة)، ومن وزارة الداخلية والبلديات لأسلحة الفئة الخامسة (لصيد الطيور البرّية)، وعلى بوليصة تأمين ضدّ الغير.
ويعتبر هذا النظام أن الطير والحيوان البرّي في لبنان مهما كان نوعه أو مصدره لا يعتبر ملكا لأحد. ولصاحب العقار أو مستثمره، أن يمنع الصيد على عقاراته بوضع لوحات على مداخل هذه العقارات تعلن عن المنع وفقاً للأصول المرعية الإجراء.
كما يُمنع الصيد منعاً باتاً في المدن والقرى وأماكن التنزّه والحدائق العامة والمحميات الطبيعية والأماكن المصنفة تراثياً، وعلى مسافة لا تقل عن 500 متر من أماكن السكن ودور العبادة والمنشآت العامة والخاصة، كما يمنع عرض الطرائد المصطادة خارج السيارات وعلى الطرق العامة.

ومنع القانون في كل فصول السنة انتزاع الأعشاش أو أخذ البيوض أو تلفها أو بيعها
أو شراءها أو نقلها، أو التقاط فراخ أو صغار الحيوانات والطيور البرّية وإيذاءها. كما منع تصدير بيوض سائر أنواع الطيور أو فراخها وصغار الحيوانات ذات الأوبار كما حظّر احتباس الحجال البرّية، (باستثناء بيض الطيور المربّاة في المزارع).
أما الباحثون العلميون فيجوز لهم التقاط الحيوانات والطيور لغرض البحث العلمي على أن يعاد إطلاقها حيّة من دون التسبّب بأذى لها، كما يجوز لهم التقاط البيوض لإجراء البحوث عليها. ويحصل هؤلاء على إجازة خاصة من وزارة البيئة بناء على طلب يُقدّم إلى المجلس الوطني للبحوث العلمية.

يمنع القانون في لبنان الصيد بواسطة البوم والدبق والشباك والمصايد والأشراك والطيور العائمة الاصطناعية والطبيعية، والطعم والصيد المحبوس، والأنوار الكاشفة، كما يمنع الصيد بواسطة السموم والغاز والدخان والآلات الكهربائية. فيما أجازه بواسطة الأسلحة النارية المرخّصة للصيد، وقوس النشّاب، والكلاب والصقور والبزاة والعقبان.
كما منع ترصّد الحجال والاحتيال على أيّ نوع من أنواع الطرائد بجذبها من خلال استعمال آلات التسجيل التي تصدر أصواتاً شبيهة بأصوات الطيور والحيوانات. ومنع مطاردة كلّ أنواع الطرائد بواسطة السيارة أو الطائرة. وكذلك الصيد في المناطق الجبلية عندما تكسوها الثلوج بكاملها.
وذهب القانون إلى أبعد من ذلك، إذ منع في مادته الحادية عشرة تصنيع الدبق والمواد الغرائية التي تستعمل لإمساك الطيور واستيرادها أو بيعها وحيازتها وتداولها واستعمالها والصيد بها. ومنع منعاً باتاً عرض الآلات التي تصدر أصواتاً شبيهة بأصوات الطيور أو الحيوانات (أجهزة المناداة) أو بيعها أو استعمالها، والترويج لها إعلانياً، كما حظّر مرورها ضمن الاراضي اللبنانية بصورة موقتة ( الترانزيت).

يعتبر ترخيص الصيد في قانونه شخصيًا وسنويًا، ويعطى من قبل وزارة البيئة فقط إلى الصياد وفقاً للمادة السادسة من هذا القانون، على أن يكون مستوفيًا سائر الشروط المنصوص عليها في المادة المذكورة.
ويذكر على الترخيص اسم صاحبه وعنوانه وعلاماته المميزة وتوقيعه أو بصمة اصبعه، كما تُذكر أنواع الطرائد التي يحق له صيدها، ويعطى هذا الترخيص بعد استيفاء الرسم المحدّد بموجب القوانين والأنظمة النافذة.
على الصياد أثناء ممارسة الصيد أن يكون حاملاً ترخيصه بصورة إلزامية، وأن يحمل أيضاً ترخيصًا بحمل السلاح المستعمل وبوليصة التأمين الخاصة بالصيد.
 
يعاقب بالحبس حتى شهر وبغرامة توازي خمسمئة ألف ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وبسحب ترخيص الصيد من سنة إلى ثلاث سنوات، كل من ضبط:
1- وهو يمارس الصيد خارج الموسم أو الأوقات التي يسمح الصيد فيها.
2- محرزًا طرائد مصطادة خارج مواسم الصيد وأوقاته.
3- وهو يصطاد في أراضي الغير من دون موافقة أصحابها أو مستثمريها، أو في أماكن يوجد فيها مزروعات أو أغراس شجرية لا تزال ثمارها عليها أو محاطة بسياج مقفل يحول دون اتصالها بالأراضي المجاورة، أو رغم وجود اللوحة المنصوص عليها في المادة السابعة من هذا القانون.
ويعاقب بالحبس وبالغرامة المنصوص عليها في المادة السابقة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي مطلق الأحوال بمصادرة السلاح المستعمل نهائيًا وعند الاقتضاء، بإتلاف الأجهزة والمواد والآلات والوسائل الممنوعة عملاً باحكام هذا القانون كل من ضبط:
1- وهو يصطاد من دون ترخيص.
2- وهو يصطاد بواسطة آلات أو مواد وأجهزة أو أيّ وسيلة أخرى يحظّر استعمالها بموجب هذا القانون.
3- من اصطاد طيورًا مفيدة أو ممنوع صيدها.
أمّا في حال التكرار، فتضاعف عقوبة الغرامة من دون عقوبة الحبس. وتطبّق عقوبة التكرار على كل من يخالف أحكام المادة العاشرة من هذا القانون أو يصطاد أنواعًا مهدّدة بخطر الانقراض.
ويعتبر مكرّراً كل من أحيل إلى المحكمة بموجب هذا القانون، وذلك خلال 24 شهرًا سابقة لارتكابه المخالفة الأخيرة.

ونصّت المادّة السابعة عشرة في القانون أن لحرّاس المحميّات الطبيعية الحقّ في تنظيم محاضر ضبط للمخالفين ضمن نطاق المحميات، ويكون للمحضر المنظَم من قبلهم مفعول المحضر المنظَم من قبل مساعد الضابطة العدلية.
وفي المادة التاسعة عشرة يطبق الحدّ الأقصى من العقوبة المترتّبة على المخالفة في حقّ كلّ صيّاد ضبط بإحدى المخالفات وهو متنكّر، أو مقنَع، أو يرفض التعريف عن هويته، أو ليس له محل إقامة معروف، ويساق فورًا أمام القاضي الجزائي التابع له مكان المخالفة.

إذا كان هواة الصيد في لبنان ينعمون بمساحات شاسعة في لبنان لممارسة هوايتهم، من جبال وسهول ومزارع، فإنهم على مختلف مستوياتهم الحرفية والأخلاقية، لا ينصاعون إلى قانون الصيد في لبنان، وهذا ليس ذنبهم وحدهم، بل ذنب دولةٍ لا تعرف كيف تطبّق قوانينها.
يمكن للصيادين أن يصطادوا الحمام البرّي والسمّن، والمطوق، والزرازير، والإوز، والشكّب، والبط، ودجاج الأرض، وعصفور القميحة، والترغلّ، والفري. والأرانب والخنازير البرّية في جبل لبنان، والبقاع والجنوب وعكار.
و يمنع عليهم صيد: الحجل، أبو الحن، والسنونو، والحسّون، والشرشور، وأم صفيرة، والهدهد، وأبو منقار، والبلبل، والبجع، واللقلاق، والبوم، والنسر، والصقر، والباز.
إلا أنهم لا يمتثلون إلى هذا المنع، فتراهم يصطادون كل ما يقع تحت أنظارهم، حتى لو كانا غريرًا لا يستفيدون منه بشيء. حتى إن أعدادًا كبيرة من الصيادين في لبنان، يطلقون أعيرتهم النارية على القطط، والكلاب، والسناجب، والهامستر البرّي، والطيور الكاسرة غير القابلة للأكل، كل ذلك من أجل «نشوة» الصياد، وتغذية غريزته في رؤية الموت أمام فوهة بندقيته.

وثمّة صيادون لا تهمّهم القوانين ولا الطيور على أنواعها، وهم بمعظمهم لا يتمتّعون بالتدريب الكافي حول سلامة استعمال البندقية، ولا يأبهون لنظرية التوازن البيئي وأهمية الطير في هذه المعادلة، علمًا أنّ الصيد مسؤولية بيئية تتشوّه بفعل تعدّي بعض الصيادين على المناطق المحمية والأملاك الخاصة، وكأن المسافة بين البندقية والطير تمرّ عبر الانقضاض على كل مشاعر احترام أملاك الآخرين وإرادتهم وإمكانياتهم، عبر هذه الممارسة الشاذة بكل ما في الكلمة من معنى.
وفي لبنان ما يربو عن 600 ألف صياد، السواد الأعظم منهم لا يمتلك ترخيصًا بالصيد، أو ترخيصًا بحمل أسلحة من الفئتين الرابعة والخامسة. وهُم يطلقون النار على أصغر العصافير، ويبدأون بالصيد منذ الفجر ويستمرون في إجرامهم حتى بعد الغروب، فيما يلجأ بعضهم وهم كثر أيضًا على بدعة الصيد ليلاً من خلال تسليط الأضواء الكاشفة على أشجار يابسة فوق أسطح المنازل، ويشغّلون آلات التسجيل ومناداة الطيور، ومن ثم يطلقون النيران عليها في جرائم يندى إليها الجبين.
كما أن معظهم يعتبرون الطيور الجارحة طرائد، فيطلقون النار عليها، علمًا أن القانونين المحلّية والدولية تحميها وتمنع صيدها، ومن هذه الطيور العقاب والصقر والنسر والباز إلخ.

تذكر دراسة «إيكوديت» في فصلها العاشر إحصاء مفاده أن 36 طيرًا من أصل 372 على الأقل في لبنان من بين أنواع الطيور الجوالة الـ80 لم تُحصَ منذ العام 1972، علماً أن هناك نوعين من الطيور مهددان بالانقراض وهما خطّاف البحر الصغير ذو العرف، والوروار ذو العينين الزرقاوين. كما ذكرت الدراسة أن ثمّة 15 نوعاً معرّضاً لخطر الانقراض، منها النسر الأوروبي الأسود، والعقّار المرقّط، والبجع الدلماسي.
ولا شكّ أن انقراض جزءٍ من الطيور يشكّل خللاً بيئياً حقيقياً، وخللاً في التوازن البيئي والبيولوجي، إذ أثبت العلم أنّ قسماً كبيراً من الطيور يقضي على الأوبئة الزراعية، كما أثبت أنّ النقص في بعض الطيور الكاسرة كالبومة والوقواق يؤدّي إلى زيادة أعداد القوارض وفئران الحقول وآفات الصنوبر وأمراضه.
فمن لا يدرك الحقيقة بعد، عليه أن يعلم أن الطيور الجارحة هي العدوّ الطبيعي لفئران الحقول والجرذان وعدد كبير من القوارض والأفاعي، كما أن عصفور «أبو لسان» هو «المبيد الطبيعي» أيضاً لأخطر الحشرات التي تفتك بأشجار التفاح والإجاص وثمارها.
وإلى هواة قتل الغرير، عليهم أن يعلموا أيضاً أنه يقتات على أخطر أنواع الحشرات التي تفتك بالخضار، ألا وهي «المالوش» التي تأكل جذور هذه الخضار فتتلفها.

وعلى الرغم من تصنيفه كهواية، شعبياً ورسميّاً، إلا أنّ الصيد في لبنان، أصبح خلال السنوات العشرين الأخيرة، يتخذ منحى آخر، وهو التجارة، حيث ينتشر في القرى والبلدات، لا سيما في البقاع، عددٌ كبيرٌ من التجّار الذين يشترون العصافير والطيور المصطادة من الصيادين (أغلبهم من سكّان هذه القرى)، ويعملون على نتفها وتنظيفها، ووضعها في صحونٍ كرتونية أو بلاستيكية وتغليفها بالنايلون، ومن ثمّ بيعها إلى أصحاب المطاعم في بيروت وجبل لبنان، لا سيما المطاعم الفاخرة التي تقدّم العصافير، مقليّةً أو مشويّةً، كعنصرٍ جديدٍ أضيف إلى المازة اللبنانية.
والغريب في هذه التجارة، أن ثمن عصفور التين مثلاً، يباع إلى التاجر في البقاع بدولارٍ أميركيٍ واحد أو أقل، فيما نجد أن طبقاً يحتوي على نصف دزينة من عصافير التين المقلية في بيروت، يبلغ ثمنه حوالى 30 دولاراً أو أكثر.
أما الجانب الآخر من التجارة، فيكمن في ملفّ يحظّر نوعاً ما الولوج فيه، ألا وهو استيراد الأسلحة وخرطوش الصيد، إذ تحتكر شركات معدودة هذا القطاع. وإذا رغب أحدهم أن يرى بأم عينيه ازدهار هذا القطاع عموماً، والصيد البرّي خصوصاً، فما عليه إلا أن يرصد بعض هذه الشركات على طريق شتورا ـ بعلبك، من الثانية بعد منتصف الليل، حتى ساعات الصباح الأولى، هناك، وخصوصًا عند الفجر، سيرى حتمًا طوابير من السيارات متوقفة على جانبي الطريق، أما أصحابها، فينفقون آلاف الدولارات ثمناً للخرطوش.

منذ شهرٍ أو أكثر، اجتمع وزير البيئة ناظم الخوري إلى المجلس الأعلى للصيد البرّي لمتابعة درس القرارات المتعلقة بالصيد، حينئذ، قدّم أعضاء المجلس ملاحظاتهم على عدد من المشاريع التي جرت المصادقة عليها من قبل المجلس السابق، وتتعلق بمرسوم بوليصة التأمين ضدّ الغير لضمان الأضرار التي قد تلحق بغير الصيادين من المارة والمواطنين والمزارعين إلخ، كما قدّموا ملاحظاتهم حول تنظيم محاضر ضبط من قبل حراس المحميات الطبيعية في حقّ مخالفي أحكام نظام الصيد، وآلية استصدار ترخيص الصيد، والقرار المتعلّق بفتح موسم الصيد البرّي العام، وتحديد الطرائد.
إلا أن هذا الجتماع، وما تلاه من اجتماعات أخرى، لم يقدّم ولم يؤخّر في مأساة الصيد البري في لبنان، فالصيادون ما زالوا يطلقون النار على العصافير الصغيرة قبل الكبيرة، المفيدة قبل الضارة، المحظّر صيدها وما سمحت لهم الدولة بقتله، الحيوانات البرّية، لدرجةٍ، أن من يرى جحافل الصيادين تجتاح بساتين البقاع في موسم المطوق بشتّى أنواع الترسانات والأسلحة والآلات والبروجكترات، فسيظن حتمًا أن هؤلاء الصيادين سيطلقون النار على بعضهم البعض، فيما لو «ساءبت وما في طيور للصيد».  

السابق
إحراق سيارة في كفركلا
التالي
اسرائيل تسمح لمسيحيين بقطاع غزة بالسفر الى الضفة الغربية للمشاركة في اعياد الميلاد