الحريري يبدأ الهجوم لإسقاط الحكومة

سواء أتى سعد الحريري الى لبنان أو لم يأت قبل عيد الاستقلال، فإنّه سيكون حاضرا في الاحتفال الجماهيري الذي سيقيمه تيار المستقبل في السابع والعشرين من الجاري في مدينة رئيس الحكومة والوزراء الطرابلسيّين الخمسة.

لماذا في طرابلس؟ يقول مراقبون إنّ سعد الحريري بدأ هجوما منسّقا، هدفه النهائي إسقاط "حكومة النظام السوري وحزب الله"، وهذا الهدف الذي يتوقّع له أن يتحقّق على إيقاع بداية مرحلة جديدة في سوريا والاستعداد لمرحلة مختلفة في لبنان لا بدّ أن يسبقه التركيز على خلخلة ما تبقى من شرعية حكومة ميقاتي الذي وإن أنهكه ملف المحكمة وأتعبته الحساسيّات والخلافات داخل حكومته غير المنسجمة، فإنّ الملف السوريّ سيكون بمثابة الإجهاز على تمثيل ميقاتي لطائفته، التي باتت تتفاعل مع الحدث السوريّ بسرعة متصاعدة، أدّت الى إفقاد رئيس الحكومة موقعه الوسطيّ، خصوصا بعد أن عجز عن فرض وسطيّته في التصويت اللبناني في جامعة الدول العربية.

في طرابلس، سيختار تيار المستقبل، لاحقا، مكانا يتّسع لعشرات الآلاف، لكي يقول للرئيس ميقاتي وللوزيرين الصفدي وكرامي، إنّ طرابلس التي ترفض التفريط بالمحكمة الدولية، وترفض كلّ من يؤيّد النظام السوري أو من يتهرّب من إعلان موقف مؤيّد للثورة السورية، ستقوم بواجب المحاسبة على أكمل وجه، وليس الحشد القليل الذي أمّنه رئيس الحكومة في استقبال رئيس الجمهورية سوى مؤشّر أوّليّ إلى بداية المحاسبة، وليس التصفيق الذي قوبلت به كلمة النائب روبير فاضل حين أتى على ذكر الحريري سوى انعكاس لتفاعل هذا الشارع مع المواقف التي أطلقها رئيس الحكومة السابق تأييدا للثورة السورية، وليس أخيرا سوى التزام بالمحكمة الدولية ورفض للانقلاب الذي نفّذه حزب الله عبر حكومة ميقاتي بهدف الإجهاز على المحكمة.

وتِبعا للتحضيرات اللوجستيّة، فإنّ سعد الحريري سوف يطلّ بالصوت والصورة في الاحتفال، وسواء كانت هذه الاطلالة عبر شاشة ستوضع في المكان أو باحتمال حضور الحريري، وهو ما يعني عودته الى لبنان، فإنّ المواقف التي سيطلقها رئيس تيار المستقبل ستكون بداية شنّ معركة اسقاط الحكومة، انطلاقا من قراءة تفيد بأنّ دينامية سقوط النظام السوري قد بدأت، وبأنّ حلفاء هذا النظام عليهم أن يعيدوا التفكير في كلّ المرحلة، خصوصا تلك التي أعقبت اسقاط حكومة الحريري السابقة.

وتسمح المعطيات المتراكمة لدى الحريري بالانطلاق بشنّ هذه المعركة وعدم تأخير انطلاقها، فحكومة ميقاتي اكتمل حولها الحصار العربي والدولي وهي نالت، في الفترة التي أعقبت تصويتها في جامعة الدول العربية إلى جانب النظام السوري، جزءا ممّا ناله النظام نفسه، حيث وضعت عربيّا ودوليّا في خانة الرديف، وبات رئيسها عرضة للاستنزاف مع عدم قدرته على التحكّم بقرارت الحكومة، وهو ما أدّى إلى إفقاده القدرة على الاستمرار بسياسة غطّ الرأس في الرمال وإغداق الوعود وشراء الوقت، وهو ما يعني أنّه فقد الإدّعاء بالقدرة على لعب دور مستقلّ عن حزب الله وعن النظام السوري، وهذا يعني الكثير لدوائر القرار العربية والدولية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وأوروبا والولايات المتحدة، لأنّه يزيل الورقة الثمينة التي كان يحتفظ بها، أي ورقة الإيهام بالقدرة على الإيفاء بالتعهّدات والإلتزامات.  

السابق
طريق مسدود
التالي
الموقف الروسي وحدود الغطرسة الاميركية