زواج المتعة حلال… لكن بلا شهور العدّة يصير زنى!!

الزواج عادة إجتماعية، أو الأصحّ حاجة ترافق الجنس البشري منذ نشأته، لم ولن تنتهي أبداً. فلطالما كان جمهور القفص الزوجي يعطونه اللون الذهبي وصفة البريق لتشجيع الشباب على خوض هذه التجربة التي لا بدّ منها لاستمرار الحياة. وهذا الزواج مسألة تحتاج إلى الإلتزام والثبات والتحمل، لكنّ سرعة الحياة وتقلباتها المستمرة أثرت على دقة الزواج، فأفرزت منه أنواع عديدة ومتنوعة.

"الزواج المسيار" يهدف إلى تمضية ليلة أو أيام شرعية مع شريك مؤقت فرضه السفر، وهو يختلف عن "زواج المؤانسة" الذي يكون علاقة بلا جنس، فيقتصر الأمر على الاهتمام بالشريك وتمضية أوقات لا تخلو من اللهو والتسلية. أما "الزواج العرفي" فهو مختلف عن سابقيه، إذ أنّ قسما من الشباب الذين يعقدونه يواجهون رفضا عائليا ومشاكل إجتماعية تمنعهم من إتمام الزواج العادي، أما القسم الآخر فهو يحلل بواسطة تلك الورقة الموقعة من الطرفين التجاوزات العرفية والدينية التي تمنعهم من تخطي المحظور لحماية الشرف.

هذه الانواع من الزيجات وغيرها كـ"المصياف" و"السياحي"… منتشرة بشكل كبير بين أبناء الطائفة السنية. بينما زواج المتعة هو الذي يلتصق بالثقافة الشيعية ولا تسري فعاليته إلاّ عليهم.. جميعها صفات للزواج المؤقت نقيض الدائم.. وهناك اختلاف حول هذا النوع الاخير وتوضيحات حوله.

يختلف المسلمون حول مبدأ شرعية زواج المتعة. فهناك من يحرمه ويمنعه كما في الطائفة السنية، وهناك من يشرّعه ويستمر في تطبيقه كما في الطائفة الشيعة. يعتبر الفريق الأول، ووفقا لدار الفتوى، أن حيلة هذا الزواج قد انتشرت في عهد الرسول (ص) واستمرت الى حين وفاته ومجيء عمر ابن الخطاب الذي أصرّ على تنظيم هذه المسألة بعدما اعتراها الفوضى بقوله: "متعتان كانتا على عهد الرسول (ص) متعة الحج وزواج المتعة، فأنا أحرمهما وأعاقب عليهما.."، فبات هذا التحريم عرفا لكل من السنّة والدروز.

 في المقابل يجمع علماء الشيعة ويتفقون على شرعيته، فوفقا لمكتب السيد محمد حسين فضل الله، هناك أدلة عديدة وأقوال وفيرة تثبت شرعيته. مستندا بذلك على الآية رقم (23) من سورة النساء، وعلى الأحاديث الشريفة كقول أبي عبد الله الصادق (ع): "متعة نزل بها القرآن وجرت بها السنّة من الرسول (ص)".

وعن الفتح بن يزيد أنه قال: "سألت أبا الحسن (ع) عن المتعة فقال: هي حلال مباح، مطلق لمن لم يغنه الله بالتزويج فليستعفف بالمتعة". وبذلك فزواج المتعة هو عقد يجمع الشروط الصحيحة كافة، كالدائم، وهو بعيد كل البعد عن التحريم.

يرى كل من جمال ف. وكريم ف. أن الزواج المؤقت "كان الحلّ الأمثل" لمشكلاتهما المستمرة مع زوجتيهما، نظرا لاستحالة الانفصال بسبب الاولاد من جهة ولصعوبة التفاهم والتواصل بلا شجار بين الطرفين من جهة ثانية. والسيد حسان م. لجأ الى الزواج المؤقت بسبب وضعه المعيشي المحدود الذي يمنعه من شراء منزل وإقامة زفاف ومتابعة الواجبات العائلية المتتالية التي تثقل كاهله. فاختار أسهل الطرق وأكثرها تعقيدا.

أما السيدة سناء ي. ترى في هذا الزواج "لطفا الهيا"، كي لا تنجرّ نحو الخطيئة والمعاصي. لا سيما أنها تعيش في مجتمع تملؤه التعقيدات الدينية والاجتماعية التي تحرّم العلاقات الجنسية على الفتاة خارج اطار الزواج. بينما اعترفت ندى أ. أن الخلاف الطائفي والعوائق التي تفرضها الكنيسة والمحاكم الشرعية، هما اللتان دفعتاها للارتباط بحبيبها بعقد متعة بعدما ضاقت بهما السبل للوصول الى حل نهائي يجمعهما.

إذا تعددت الاسباب والحل واحد بالنسبة لكل من يحرم لمسة اليد البريئة، وسرقة قبلة سريعة على العلن، مفضلا الغوص في علاقة جسدية جزئية أو كاملة مؤقتة: لكن هل يطبّق الجميع الشروط المنصوصة ليصبح الزواج حلالا؟

بالنسبة للقانون، فإنّه استنادا إلى المادة 221 من قانون موجبات العقود اللبناني أنّ "العقود يجب أن تفسر وفقا لقواعد العدل والإنصاف" وأن "العقد شريعة المتعاقدين"، بمعنى أن القضاء يعترض مسألة الإنفاق والإرث التي يجب أن يتم تحديدها بين أطراف العقد مراعين بذلك العدل في التوزيع. وبذلك فالقضاء يعتبر الزواج المؤقت عقدا صحيح الأركان والنقاط شكليا ولكن كل عقد يكون معلقا على شرط هو باطل، وبالتالي فشرط المدة الزمنية أو عدم الإنفاق.. قد يكون بندا مزعزعا لصحية هذا العقد.

أما بالنسبة إلى شروط عقد المتعة، فوفقا للسيد محمد حسين فضل الله يجب أن يذكر في العقد المهر والمدة المتفق عليهما، إلى جانب شرط الرشد، أي أن تكون المرأة راشدة، مطلقة أو أرملة أو مستقلة ماديا. الزواج من مسلمة أو من أهل الكتاب شرط يعتقد الطرفان بشرعية هذا الزواج. ينتهي الزواج مع انتهاء المدة دون طلاق. يجب أن تعتدّ (شهور العدّة) المرأة المدخول بها لمدة شهرين تقريبا إذا ما كانت تنوي التزوج من شخص أخر، أما إذا كانت ترغب في تجديد العقد فلا يكون هناك عدّة كحال تلك التي لم يدخل بها. الرجل غير ملزم بالإنفاق على المرأة طوال مدة العقد ولا يرث أحدهما الآخر إن حدثت الوفاة خلال فترة الزواج.

تتفق هذه الشروط مع باقي المراجع الشيعية، وبذلك يكون الزواج المؤقت شبيها لما يسمّى بالعرفي في مصر والمسيار في السعودية .. ولكن تمت إضافة بعض المنكّهات كالملح والبهار دعيت بالشروط، وعليه فإن من يبحث عن زواج المتعة عليه أن يطبّق الشروط كاملة، خصوصا شهور العدّة، التي لا تطبّق في أحيان كثيرة، كي لا يصبح الحلال زنى !! 

السابق
نقولا نحاس: لا خلفيات سياسية لمقاطعة العريضي مجلس الوزراء
التالي
عون يسوّق لتجمّع “أقلّوي” يشمل اليهود