اللواء: تهديد غلايزر عقوبات على مصرف لبنان إذا لم يلتزم الإجراءات ضد سوريا

عاش لبنان، امس، تحت وطأة الرسالة الاميركية – الغربية التي نقلها مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون تمويل الارهاب دانيال غلايزر، والتي جاءت غداة ما سمعه الرئيس نجيب ميقاتي في لندن من نظيره ديفيد كاميرون ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاترين أشتون، من ان الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي سوف لن تتساهل ازاء سماح لبنان لاموال النظام السوري ان تهرب من نظام العقوبات والاجراءات التي اتخذتها واشنطن والعواصم الغربية الحديثة، ضد دمشق على خلفية الازمة المتفاقمة، والتي قاربت ان تنهي شهرها الثامن من دون التوصل الى تسوية او حل بين النظام والمعارضة·
وفيما كان مجلس الوزراء يستدل على عودة الثقة الدولية والعربية بلبنان، ويتصدى لما وصفه بالشائعات عن اضطرابات امنية متوقعة، على خلفية انعكاسات الحدث السوري على الارض اللبنانية، ميدانياً وسياسياً، كان الموفد الاميركي يمارس ضغطاً واضحاً على رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف بتأكيده على ان <المجموعة الدولية التي يمثل لن تتوانى عن فرض عقوبات مباشرة على المصرف المركزي اذا ما جرى تمرير اموال سورية عبر المصرف>·

وكان بيان السفارة الاميركية ذكر بوضوح ان غلايزر <اكد مجدداً على وجهة النظر الاميركية انه من الاهمية بمكان الا يقوض عدم الاستقرار الحالي في سوريا القطاع المالي في لبنان>، داعياً لبنان الى <تلبية جميع التزاماته الدولية، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان والمساهمة في تمويلها>·

اما الرد اللبناني على ما حمله المبعوث الاميركي فجاء متناسقاً بين موقف رئيس الحكومة وحاكمية المصرف المركزي والمصارف، فأكد الرئيس ميقاتي ان القطاع المصرفي اساسي للاقتصاد ولا يمكن لاي لبناني سواء كان في القطاع العام او المصرفي ان يقبل بأن يعرضه لاي مخاطر، معلناً ان مصرف لبنان يتخذ الاجراءات المناسبة لحماية القطاع، في حين اوضح سلامة ان المصارف اللبنانية ملتزمة بمعايير العمل المصرفي الدولية، نافياً وجود حسابات أو تعاملات مالية بين مصرف لبنان ومصرف سوريا المركزي، فيما أشار رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه إلى ان المصارف اللبنانية تعطي الإجراءات الأميركية الأهمية، وأن المصارف تلتزم معايير العمل المصرفي الدولية، وأن كل ما يطالب به المجتمع الدولي يتم تنفيذه·

مجلس الوزراء لكن اللافت أن مجلس الوزراء، بحسب ما جاء في المعلومات الرسمية، لم يتطرق إلى رسالة الموفد الأميركي، ولا إلى هواجس القيادات السياسية إزاء الوضع الأمني، الا أن الرئيس ميقاتي تناول في مداخلته السياسية في مستهل الجلسة التي عقدت في السراي الكبير، ما وصفه <بالشائعات عن اضطرابات أمنية متوقعة>، معتبراً ان الترويج لها بوسائل مختلفة يُسيء إلى صورة لبنان ويضعف ثقة العالم بأمنه واستقراره، داعياً الى عدم استخدام البعد الأمني في الخلافات السياسية، نافياً في الوقت عينه صحة ما يتردد عن اجراءات اتخذت لوقف العناية الصحية باللاجئين السوريين، معلناً انه يربأ بمطلقي الشائعات ان يستغلوا الوضع المأسوي لهؤلاء النازحين لخدمة اهداف سياسية وأحياناً شخصية، لم تعد خافية على أحد>·

وإذ أكّد أنه اتفق مع نظيره البريطاني على آلية تؤدي إلى تطوير التعاون بين البلدين، نقل عنه تقديره لالتزام لبنان القرارات الدولية ولدوره المميز المتفاعل مع المجتمع الدولي، لافتاً إلى ان المحادثات مع كاميرون اسست لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين لا بدّ من متابعتها نظراً للدور البارز الذي تلعبه بريطانيا على الساحتين الإقليمية والدولية·

وإذا كانت الجلسة لم تختلف عن سابقاتها، الا انها تميزت بإنهاء جدول الأعمال الذي كان يتضمن 57 بنداً، وكانت من هذه الناحية منتجة، إذ أقرّت مجموعة كبيرة من القرارات، أبرزها الموافقة على استئجار الطاقة الكهربائية بواسطة البواخر، وسداد مستحقات الضمان الاختياري بقيمة 80 مليار ليرة، وإعطاء وزارة العدل سلفتي خزينة الأولى بقيمة 500 مليون ليرة لتجهيز قصور العدل والثانية بنفس القيمة لإجراء مباراة لتعيين كتبة ومباشرين، والموافقة على استمرار وزارة الصحة في تأمين الخدمات الصحية في ما خص المضمونين الاختياريين إلى حين تقديم وزير العمل لخطة في شأن نظام الضمان الاختياري·

وكان هذا البند قد حظي بنقاش حاد بين وزير العمل شربل نحاس ووزير الصحة علي حسن خليل، حيث رفض الأول الضمان الاختياري مطالباً بموازنة مالية للعمل للتغطية الصحية الشاملة التي يروج لها، فيما أكد الثاني، مدعوماً من وزير المال محمد الصفدي، بأن هذا الأمر يدخل في إطار عمل وزارة الصحة·

 
وعلمنا من مصادر وزارية أن وزير المال رفض طلب وزير الداخلية مروان شربل بتطويع 2000 دركي متمرن في قوى الأمن الداخلي، على اعتبار أن الموازنة لا تحتمل دفع رواتب هذا العدد من العناصر، ولفتت المصادر إلى أن وزير الداخلية سيقدم دراسة جديدة إلى مجلس الوزراء بخصوص تقليص أعداد عناصر الحماية والمواكبة للشخصيات السياسية والقضائية لسد العجز الحاصل في عديد قوى الأمن، ومن ثم يصار إلى تطويع عدد محدود من العناصر إذا احتاجت المديرية لذلك·

وسيعود مجلس الوزراء إلى عقد جلسة استثنائية له اليوم في بعبدا، والمخصصة أصلاً لمناقشة قانون الانتخاب على أساس اعتماد النظام النسبي إلا أنه أضيف إلى هذا الموضوع ثلاثة بنود أخرى، تتضمن مشروع قانون لتحديد شروط اكتساب الجنسية، والمرفوع من قبل وزير الداخلية، ومشروع قانون بتعديل قانون إنشاء المجلس الدستوري من أجل إتاحة المجال له لتفسير مواد الدستور سواء لناحية صلاحيات رئيس الجمهورية والوزراء، أو لناحية انتخابات رئاسة الجمهورية، في ضوء الإشكالات الدستورية التي نجمت عن الخلافات السياسية قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان·

أما البند الرابع الذي أضيف أمس بناء لطلب تكتل التغيير والاصلاح فهو مشروع قانون يرمي الى تعديل المادة 28 من الدستور لمنع الجمع بين النيابة والوزارة، والمادة 41 منه وذلك لملء الشغور في حال خلو مقعد في المجلس النيابي·

نصر الله وجنبلاط ومن المقرر ان يطلق الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمته التي سيلقيها في الاحتفال الذي يقيمه حزب الله لمناسبة يوم الشهيد، والذي يصادف اول عملية استشهادية نفذها الشهيد احمد قصير ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي في جنوب لبنان، مجموعة مواقف من التطورات الداخلية والخارجية في لبنان والمنطقة، ويتوقع ان يتحدث حول كل هذه التطورات، واعلان موقف الحزب مما يجري، سواء على صعيد الملف الفلسطيني، او التهديدات الاميركية والاسرائيلية، اضافة الى الموضوع السوري، والتأكيد على ان اي حرب اسرائيلية او اميركية ضد ايران سيكون لها تداعيات كبرى في المنطقة·

ولم تشأ مصادر الحزب الكشف عما اذا كان نصر الله سيتطرق الى موضوع المحكمة الدولية التي ستعقد غرفة البداية فيها اليوم اول جلسة علنية لتقرير ما اذا كان الامكان البدء بالمحاكمات الغيابية للمتهمين الاربعة من عناصر الحزب، الا ان رئيس جبهة <النضال الوطني> النائب وليد جنبلاط استبق ما يمكن أن يقوله نصر الله اليوم، بالتأكيد على ان رفض حزب الله تمويل المحكمة واسقاط هذا الامر بالتصويت في مجلس الوزراء هو خطأ سياسي، داعيا الحزب الى ان يفهم ان من استشهدوا هم ايضا من المقدسات، ناصحا الحزب بأن يمرر التمويل، متسائلاً: <لماذا لا يذهب (الى المحكمة ويدافع عن نفسه)>·

ولفت جنبلاط في مقابلة مع قناة <العربية> الى انه <كان اول الناس الذين قالوا نعم لتمويل المحكمة، لانها موجودة ومقاطعتها ستجلب الضرر الداخلي والخارجي على لبنان> مجددا رفضه لاستخدام لبنان امنياً ضد سوريا، وكذلك رفضه لاستباحة امن لبنان من بعض الفرقاء الذين يخصون سوريا>·

وانتقد جنبلاط رؤساء اجهزة امنية في لبنان يقال انهم يترددون الى سوريا، مشيرا الى انه <لا يحق للجيش او اي جهاز امني ان يذهب الى سوريا فرادة دون اطلاع السلطات بهذا الامر، داعيا الى توحيد عمل الاجهزة الامنية تحت قيادة الرئيس سليمان للتحقيق بما يحصل مع المعارضين السوريين، والى اقالة (الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري) نصري خوري>، لاننا نحتاج الى شخص محترف يسجل الشكاوي وليس حزبياً·

وردا على سؤال، قال جنبلاط <لا استعمل فايسبوك او تويتر، ولم اصل بعد الى هذه الدرجة من التقنية>، مؤكدا ان <علاقته مع الحريري علاقة صداقة وحلف سابق ونحن افترقنا على الخوف من فتنة وعلى تحالفات اقليمية ولكن اليوم الوضع تغير وارجو سوياً ان نساعد سوريا بالخروج من هذا المأزق وذلك من خلال تبني ورقة الجامعة العربية>·

وكشف ان <الروس والصينيين اعطوا نصيحة للأسد بأن لا بد للاصلاح وعلينا ان نستعجل خطوات الاصلاح>، لافتا الى ان <سوريا الجديدة يجب ان تكون ديمقراطية متحررة وهي عمق للبنان ولسنا هنا نراهن على سقوط النظام السوري بل على اصلاح يوقف الدم>، متمنيا <على بعض الفرقاء اللبنانيين ان نجلس سويا ونتحاور لحماية سوريا واعتقد ان حزب الله سيكون اول المستفيدين>، معتبرا ان <لا خوف على حزب الله الا من مغامرات مجنونة فاذا ضرب نتانياهو ايران قد يجيب حزب الله على اسرائيل وقد تضرب اسرائيل لبنان وايران سويا>·

الحريري وفي دردشة عبر موقع <تويتر> اكد الرئيس سعد الحريري ان لديه خطة لاسقاط حكومة الرئيس ميقاتي، لكنه اعلن انه لا ينتظر سقوط اي نظام ولا يراهن على سقوط نظام الرئيس الاسد· مؤكداً انه سيصوت لرئيس حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع في انتخابات رئاسة الجمهورية، مشيراً الى ان نواب <المستقبل> سيستقبلون الرئيس سليمان في زيارته المرتقبة الى طرابلس الاحد المقبل، لكنهم لن يشاركوا في الغداء الذي يقيمه الرئيس ميقاتي على شرفه·

واشار الحريري الى انه مع الشعب السوري على رأس السطح، وانه يساعد المعارضة في سوريا عبر الوقوف الى جانبها سياسياً ومعنوياً وسلمياً بعكس بعض الاحزاب التي تدافع عن <الشبيحة>، واكد انه اذا عاد الى السلطة سيعتقل المتهمين الاربعة المطلوبين للمحكمة باغتيال والده، مشيراً الى انه لا يعرف اذا كان نصر الله سيعلق على ما يعلنه عبر <تويتر> في خطابه اليوم، ولكن من المؤكد أني سأعلق على كلامه>· 

السابق
الراي: المعارضة تضرب بقوة على الخاصرة السورية الرخوة للحكومة
التالي
البناء: قهوجي و قادة الأجهزة الأمنية يجزمون بعدم وجود مخطوفين سوريين