الراي: المعارضة تضرب بقوة على الخاصرة السورية الرخوة للحكومة

بدت الحكومة اللبنانية مربكة في الساعات الاخيرة امام اشتداد وطأة الضغوط والحملات المتصاعدة عليها في الملف الاكثر اثارة للمحاذير الذي تتعرض له الان وهو ملف المعارضين واللاجئين السوريين في لبنان.
وبرز واضحاً استناداً الى المجريات السياسية والاعلامية التي شهدها اليومان الاخيران ان معارضة قوى 14 آذار تسجل خطوات متقدمة وتصاعدية في سياق جعل هذا الملف بمثابة «الخاصرة الرخوة» الضعيفة للحكومة والضرب بقوة على وتره في ضوء معطيات يُعتقد انها توفر للمعارضة ارضاً خصبة ولحظة ملائمة للهجوم في ظل عوامل اخرى لا توفر للحكومة وقوى 8 آذار امكان التقليل من الخسائر في هذا الملف تحديداً.

ذلك ان من ابرز العوامل التي ساعدت المعارضة على الاندفاع في المنحى الهجومي هو انكشاف مجموعة متراكمة من حوادث خطف معارضين سوريين او تسليمهم الى السلطات السورية وسط ظروف شديدة الالتباس والغموض بدت معها الحكومة والسلطة السياسية إما في موقع الجاهل بما يجري واما في موقع التواطؤ، وكلاهما يشكل تطوراً شديد السلبية بالنسبة الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

والعامل الثاني البارز في هذا السياق يتمثل في التقاطع القوي الواضح بين التحذيرات الدولية والغربية للبنان من مغبة اي تورط الى جانب النظام السوري سواء عبر مسائل مالية او عبر اجراءات امنية للتضييق على اللاجئين والمعارضين السوريين في لبنان، وبين موقف المعارضة اللبنانية. ذلك ان حملات قوى 14 آذار لم تبدأ في الايام الاخيرة، بل منذ اشهر، ولكن تركيز العين الدولية على لبنان في هذا الملف في الاسابيع والايام الاخيرة أظهر بما لا يقبل جدلاً ان صوت المعارضة لا يزال يجد صدى قوياً في الخارج وان على الحكومة اخذ هذا العامل في الاعتبار لانه قد ينسحب على ملفات اخرى مهمة ومفصلية في مراحل لاحقة. اما العامل الثالث فيعود على ما يبدو الى تحسن لافت في اداء المعارضة ورفع مستوى التنسيق بين مختلف قواها واركانها وتياراتها، وهو امر كان مثار تساؤلات وشكوك وانتقادات لها في الفترة الاخيرة. ويبدو ان هذا التطور يمهد لخطوات منسقة ومنهجية متصاعدة سواء من حيث التصدي لملف المعارضين السوريين او من حيث الاستعداد لاستحقاقات اخرى مثل تمويل المحكمة الدولية وغيره، ما يعني ان خطاً بيانياً جديداً بدأ يرتسم في سلوكيات المعارضة ونهجها.
وثمة من يتوقع ان تكون لهذه النقلة انعكاسات ساخنة جديدة على مسار الصراع بين قوى 8 آذار والمعارضة وان يكون الوضع الحكومي مقبلاً على اهتزازات عميقة، خصوصاً ان الرئيس ميقاتي سيجد نفسه وسط حجري رحى ومزيد من الاحراجات الخانقة التي لن يقوى معها على تحمل عواقبها كلما فتح ملف من النوع الذي يضعه بين سندان الحسابات السنية ومطرقة الالتزامات مع قوى 8 آذار.
وفي ضوء هذه العوامل تبدو المرحلة الجديدة كأنها فتحت على مسربين يحاصران الحكومة ورئيسها وهما مسرب الانعكاسات الامنية والسياسية والاقتصادية للازمة السورية على لبنان، ومسرب التصعيد السياسي الداخلي ما يعني في رأي كثر ان مرحلة المهادنة النسبية او ما سمي بفترة السماح للحكومة قد تكون انتهت فعلاً وبدأت حقبة مواجهة من نوع مختلف وبأساليب مختلفة.

وكانت بيروت انهمكت بالتقارير عن استعدادات لقوى 14 آذار لتشكيل وفد كبير يتوجه الى منطقة وادي خالد في عكار (تحتضن العدد الاكبر من النازحين السوريين) لعقد مؤتمر صحافي هناك كسراً لما أسماه نواب في المعارضة «حصاراً» عليها نتيجة الاجراءات الامنية للجيش اللبناني التي تمنع دخول الاعلام اليها الا بأذونات. كما اشارت معلومات الى بحث في امكان استقبال وفد من «المجلس الوطني السوري» علناً في بيروت أو انتقال وفد من 14 آذار الى اسطنبول للقاء أركان من المجلس هناك.
وفي حين يتوقّع ان «ينفجر» ملف السوريين في لبنان خلال جلسة الأسئلة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري الاربعاء المقبل، كان لافتاً ان السلطات الرسمية حاولت احتواء هذا الملف من خلال تطورين:
* الاول تمثل في مواصلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان استقبالاته الامنية. فغداة لقائه قادة الاجهزة الامنية حيث طلب منهم تزويده تقارير واضحة وكاملة عن موضوع ما يثار عن خطف سوريين في لبنان، اجتمع امس بقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي وضع، بحسب بيان صدر عن «القصر» رئيس الجمهورية «في صورة الاجواء الامنية في البلاد وحرص الجيش على حفظ امن وسلامة المواطنين والمقيمين، حيث تبين ان لا صحة لما يشاع وينشر عن اعمال خطف باستثناء حوادث الاختفاء السابقة والمعروفة».

وفي السياق نفسه، انتقد وزير الدفاع فايز غصن «محاولات البعض زج الجيش في الصراع السياسي، وكأن الهدف لدى هؤلاء اضعاف المؤسسة العسكرية التي تشكل الضمانة الاقوى والامن لكل اللبنانيين».
* أما التطور الثاني فكان مسارعة رئيس الحكومة فور عودته من لندن مساء الاربعاء الى الاتصال بالامين العام للهيئة العليا للاغاثة العميد ابرهيم بشير حيث زوده توجيهاته «لمتابعة الاوضاع الانسانية للاجئين السوريين قسراً الى لبنان»، مؤكداً «أن ما يحكى عن وقف المساعدات الانسانية للنازحين أمر غير صحيح ويندرج في اطار الحملات السياسية ليس إلا».
وكان رئيس الحكومة السابق زعيم «تيار المستقبل» واصل «إطلالاته» عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي حيث اكد «ان سقوط النظام السوري سيحل بعض مشاكل لبنان»، معرباً عن امله في «ان يسقط بشار الأسد، وان يحصل التغيير في سورية قريباً»، ومؤكداً انه «لا يراهن على التغييرات في سورية، ولن يتعامل مع النظام السوري بأي طريقة».

ورداً على سؤال عن امكان حصول تدخل عسكري في سورية، أشار الى ان «الشعب السوري يحتاج الى كل انواع المساعدة من المجتمع الدولي، فهذه المجازر التي تُرتكب لم تعد مقبولة».
وعما اذا كان سينتظر الانتخابات النيابية، او سيحاول اسقاط الحكومة قبل ذلك، اعلن انه لن ينتظر حتى سنة 2013، مشيراً الى ان رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط يتحدث عن رأيه في هذه الايام «وسننتظر لنرى ما يحصل»، مؤكداً ان جنبلاط لم يطعنه بالظهر. 

السابق
الحياة: المستقبل: ندعم بالمطلق الثورة السورية وسنتحرك لكسر الحصار على اللاجئين
التالي
اللواء: تهديد غلايزر عقوبات على مصرف لبنان إذا لم يلتزم الإجراءات ضد سوريا