المعلومات يعثر على تسجيلات التحقيق مع كرم

قبل نهاية الأسبوع الماضي، عاد العميد المتقاعد فايز كرم من جديد من رتبة عميل محكوم إلى رتبة متهم. محكمة التمييز العسكرية أصدرت حكماً أوّلياً قضت فيه ببطلان الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة، والقاضي بسجن كرم سنتين بعد
دانته بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. وفي الحكم ذاته، قررت محكمة التمييز إعادة فتح محاكمة كرم. عودة إذاً إلى النقطة الصفر. منذ عام 2000، لم تثر قضية متهم بالتعامل مع إسرائيل ما أثارته قضية القيادي في التيار الوطني الحر. وبعد صدور الحكم بإدانته، لم يخفت الضجيج السياسي من حول ملفه. وخلال الأيام الماضية، وصلت الأمور في هذا الصدد إلى ذروتها. يقول مرجع قضائي إن ثمة نية لإخلاء سبيل كرم، ومتابعة محاكمته وهو طليق، «بسبب وضعه الصحي».
 
وفي مقابل هذا القول، جرت اتصالات شملت أرفع مستوى سياسي في البلاد، لتفادي حصول هذا الأمر. فبعض الأمنيين المعنيين بمكافحة التجسس يرون أن طريقة التعامل القضائي مع ملف كرم سدّدت «ضربة موجعة» لجهود مكافحة التجسّس الإسرائيلي. وبرأي هؤلاء، فإنه كان من المفضّل أن تبرّئ المحكمة العسكرية كرم على أن تدينه وتكتفي بالحكم عليه بالسجن مدة عامين لا غير، إذ لا يجوز أن تتكرر تجربة عملاء جيش لحد التي جرت عام 2000، لناحية تخفيف الأحكام بحقهم.
وصلت القضية اليوم إلى خواتيمها. يوم 24 تشرين الثاني ستعقد المحكمة جلسة لاستجواب كرم. أحد وكلاء الدفاع عن المتهم ينفي نيته تقديم طلب لإخلاء سبيل موكله. يقول إن تسريع المحاكمة «يجعلنا نأمل أن يصدر الحكم قريباً جداً، ولهذا السبب لن نتقدم بطلب إخلاء سبيل». يؤكد المحامي براءة موكله، مشيراً إلى «غياب الدليل والنية الجرمية». يضيف: «حتى لو ثبت اتصاله بعملاء العدو، فإن هذا لا يعني ثبوت تعامله معهم، لأن الفقه القانوني والاجتهادات اللبنانية والفرنسية تشترط وجود نية الخيانة للإدانة بجرم التعامل، وهو ما لم يثبت لدى موكلنا».

في إحدى مراحل المحاكمة، كان النقاش متمحوراً حول تسجيلات الفيديو التي يملكها فرع المعلومات لجلسات التحقيق مع كرم. طالب بها وكلاء الأخير، إلا أن فرع المعلومات نفى وجودها في حوزته، مؤكداً أنها تُمحى تلقائياً. اليوم، يرى وكيل كرم استحالة ظهور هذه التسجيلات من جديد، «لأن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بعثت بكتاب رسمي إلى المحكمة تؤكد فيه أن التسجيلات غير موجودة». وبرأيه، فإن «حصول المستحيل سيطيل المحاكمة، بسبب المدة التي سيستغرقها تفريغ التسجيلات وتوثيقها والاطلاع عليها».

لكن ما وصفه المحامي بالمستحيل صار واقعاً. فأحد المسؤولين الأمنيين البارزين في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أكد لـ«الأخبار» أن فرع المعلومات «عثر» على تسجيلات التحقيقات مع كرم. ثمة روايتان لكيفية «ظهور» التسجيلات. تقول الأولى إن التسجيلات لم تُمحَ، لكن فرع المعلومات أراد تركها ورقة بين يديه، «خشية تبرئة كرم تحت الضغط الذي مورس على المحكمة». تضيف الرواية أن قوى الأمن تركت هذه الورقة لإظهارها في الوقت المناسب. أما الرواية الثانية، وهي «الرسمية»، فتؤكد أن التسجيلات «امّحت عندما نقل فرع المعلومات كافة الملفات الإلكترونية الموجودة عنده من خادم (server) قديم إلى آخر حديث. وجرى استخدام تقنية «الاستعادة» ( recovery) للعثور على التسجيلات، وغيرها من الملفات، وهو ما نجح فيه التقنيون». وبين الروايتين، يبقى الثابت، بحسب المسؤولين المعنيين، هو أن التسجيلات موجودة، ويمكن المحكمة أن تطّلع عليها إذا طلبتها. فهل ستغيّر هذه التسجيلات، بالصوت والصورة، مسار المحاكمة؟ 

السابق
أسامة سعد يتفقد أحياء صيدا وأسواقها
التالي
الانباء: حزب الله سحب كيبلاته الهاتفية من ترشيش